أزمة تجنيد الحريديم تتفاقم في إسرائيل: حاخام يفضل قتل أحفاده على الخدمة العسكرية

25 مارس 2024
طفت الخلافات حول قانون التجنيد مجدداً في ظل حاجة جيش الاحتلال لجنود بسبب الحرب (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تتصاعد أزمة تجنيد اليهود المتزمتين دينيًا في إسرائيل، مع خطط الحكومة لإعفائهم من الخدمة العسكرية، مما يثير معارضة من شرائح أخرى تطالب بضمهم لتحقيق المساواة في العبء العسكري.
- الحاخام تسفي فريدمان يعبر عن معارضته الشديدة للتجنيد الإجباري والعلمانية، معتبرًا العلمانية أخطر من الموت وأن التجنيد يؤدي لترك الدين، مما يعكس الفجوة بين الحريديم والعلمانيين.
- الحكومة الإسرائيلية تواجه خلافات داخلية حول قانون التجنيد، مع تهديدات بالخروج من الحكومة وضغوط من المحكمة لفرض الخدمة العسكرية على الحريديم، مما يعكس التحديات في تحقيق التوازن بين الأمن القومي والتماسك الاجتماعي.

الخلافات حول قانون التجنيد طفت مجدداُ بسبب الحرب

حاخام: العلمانية عندنا تتجاوز الموت وهي أكثر خطورة

نتنياهو يحاول إرجاء تشريع القانون لـ3 أشهر

تفاقم أزمة تجنيد اليهود المتزمتين دينياً (الحريديم) في دولة الاحتلال الإسرائيلي الخلافات الإسرائيلية الداخلية، عشية طرح الحكومة غداً قانون إعفائهم من الخدمة العسكرية الإلزامية، وهو ما ترفضه شرائح المجتمع الإسرائيلي الأخرى التي تخدم في الجيش وتطالب بضم "الحريديم" إليه والمساواة في العبء، بمعنى أن يؤدوا الخدمة العسكرية كغيرهم من الإسرائيليين، وعدم اعتبار تعلم التوراة والالتحاق بالمعاهد الدينية بديلاً عنها.

وطفت الخلافات حول قانون التجنيد بقوة على الساحة الإسرائيلية في فترة الاحتجاجات ضد التعديلات الحكومية الرامية لتقويض القضاء قبل الحرب، وتعود الآن بقوة أكبر في ظل حاجة جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى آلاف الجنود عوضاً عمن قُتلوا وأصيبوا منذ بداية الحرب، وفي ظل طرح القانون الجديد الذي يلاقي معارضة حتى من داخل بعض مكونات الحكومة.

يلخص مقطع فيديو مسرّب، نشرته القناة 12 العبرية قبل أيام قليلة، من لقاء جمع نشطاء من منظمة "أخوة في السلاح" بالحاخام تسفي فريدمان، زعيم أحد تيارات "الحريديم" المتزمتة، ويطلق عليه اسم جناح "يروشالايم" (في إشارة إلى القدس المحتلة)، بعض أوجه الصراع بين "الحريديم" والعلمانيين في إسرائيل.

وأصدر الحاخام خلال اللقاء تصريحات "قاسية" ضد التجنيد الإجباري، وأيضاً ضد العلمانية، رداً على طلب النشطاء تجنيد "الحريديم" بسبب الوضع السيئ الذي وصلت إليه دولة الاحتلال الإسرائيلي وجيشها ومطالبتهم بتوزيع عبء الخدمة العسكرية على كافة شرائح المجتمع.

وقال الحاخام فريدمان خلال اللقاء: "لدي ما بين 30 إلى 40 حفيدًا، وإذا سألوني ماذا تفضّل، أن يقتلهم العرب أم أن يصبحوا علمانيين؟ فإن العلمانية عندنا تتجاوز الموت، وهي أكثر خطورة بكثير".

وسأل أحد الناشطين الحاخام عما إذا كان الوجود في مجتمع علماني أسوأ من أن يُقتل الشخص، ليرد عليه: "هذا انحطاط وإجرام، هذا أسوأ من الموت. التجربة علمتنا أن الحريديم الذين يتجندون في الجيش يتركون الدين، وهذا أسوأ من الموت".

وأضاف الحاخام: "نحن لم نقم الدولة. (دافيد) بن غوريون علم أن الحريديم لن يشاركوا معه، وكنا نفضّل الانتداب البريطاني".

ورداً على سؤال وجه للحاخام حول سبب تفضيله النظام البريطاني على اليهود العلمانيين رغم أنهم يهود حتى لو لم يكونوا متدينين، أجاب الحاخام بسؤال صدم الناشطين: "لنفترض أنكم تعيشون في باكستان، هل كنتم سترسلون أولادكم إلى الجيش؟".

وأوضح النشطاء أن إسرائيل حالياً في وضع يتطلب توسيع صفوف الجيش الإسرائيلي، وأن "الأمر ليس مسألة سجن، بل مسألة بقاء. إننا قد نذبح هنا"، ليجيب الحاخام فريدمان بأنه "حتى لو كان الوضع هكذا، فإننا لا نفعل ذلك مهما حدث".

وقال النشطاء إن "الشعب اليهودي كانت لديه مسؤوليات مدنية بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه. ما الذي تغير؟"، ليجيب الحاخام: "اليهود اليوم كفار، وليسوا مثل ما كانوا في ذلك الحين".

ورد أحد النشطاء بأنه يهودي مؤمن أيضًا، فأجاب الحاخام: "من يستطيع أن يحافظ على الإيمان هو نحن، وليس أنتم. أنتم لا تنتمون إلى الإيمان".

وقال الحاخام إنه لا يجد ثقافة مشتركة بين الإسرائيليين العلمانيين والحريديم، وإنه "من الأفضل أكل لحم الخنزير على الوجود في مجتمع علماني وفكر علماني"، وكذلك من الأفضل الوجود في السجن على الوجود في الجيش.

وإن كان الحاخام فريدمان يقود واحداً من أكثر التيارات تشدداً ضد الخدمة العسكرية، والذي قد يرفضه الحريديم أنفسهم، فإنهم بالمجمل يفضلون الحفاظ على الوضع الحالي الممتد مذ عقود ويعفيهم من الخدمة العسكرية الإلزامية، كما يبقي نسبة كبيرة منهم في المعاهد الدينية وخارج القوة العاملة في الاقتصاد الإسرائيلي.

خلافات داخل الحكومة

على الرغم من عدم اتضاح ملامح مقترح القانون الكاملة وعدم توزيعه حتى على الوزراء، إلا أنه أثار العديد من ردود الفعل بعد الأجزاء التي تسربت منه، ما دفع أوساطاً في الحكومة إلى التهديد بعدم الموافقة عليه وأخرى إلى الخروج من الحكومة في حال تمريره.

ويجري أعضاء الكنيست من الائتلاف الحاكم، اليوم الاثنين، مناقشات بوتيرة عالية من أجل تغيير صيغة مقترح إعفاء الحريديم من التجنيد، بعد أن أبلغت المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف ميارا، أمس الأحد، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن الحكومة لا يمكنها تمرير قرار من هذا النوع فارغ من المضمون، ويحمل مضموناً تصريحياً فقط.

ونقلت صحيفة "هآرتس" عن أوساط في الائتلاف الحاكم أن الأخير يعمل على وضع صياغة جديدة وسيتنازل عن بند رفع جيل الإعفاء من الخدمة الإلزامية إلى 35 عاماً.

وينص مقترح نتنياهو على أن إنفاذ القانون على المتهربين من الخدمة العسكرية يبدأ بعد ثلاث سنوات، كما أن المقترح لا يحدد أهدافاً واضحة من حيث عدد من يجب تجنيدهم من "الحريديم".

وتحاول الحكومة إرجاء تشريع القانون لثلاثة أشهر من أجل كسب الوقت والوصول إلى فترة إجازة الكنيست، وبالتالي إرجاء القانون حتى بداية العام المقبل.

في المقابل، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم، عن الرسالة التي وجهتها المستشارة القضائية إلى نتنياهو وأوضحت له من خلالها أن كل "قرار يُمرّر يجب أن يشمل خطوات جوهرية يمكن تنفيذها على أرض الواقع".

وذكرت رسالة المستشارة القضائية أن مقترح الحكومة يجب أن يشمل تعليمات واضحة إلى المؤسسة الأمنية للاستعداد لتجنيد أبناء المعاهد الدينية اليهودية ابتداء من 1 يوليو/ تموز المقبل، سواء استُكمل القانون حتى ذلك الحين أم لا.

تهديدات بالاستقالة

واعتبر رئيس المعارضة يئير لبيد أن التعديلات التي يناقشها الائتلاف عبارة عن "خداع واضح". وأشار إلى أن مقترح القانون لا يشمل إلزاماً بتجنيد الحريديم ولا عقوبات اقتصادية على المتهربين، مضيفاً أن هذا القانون هو "وصمة عار وإهانة للجنود".

وداخل الحكومة نفسها، هدد الوزير بني غانتس، أمس، بالاستقالة في حال تمرير قانون إعفاء المتدينين "الحريديم" من الخدمة العسكرية الإلزامية.

وقال غانتس إن "قانون التجنيد كما صاغته الحكومة هو فشل أخلاقي خطير سيؤدي إلى صدع عميق في داخلنا، في وقت نحتاج فيه إلى القتال معا ضد أعدائنا"، مضيفاً أنه سيعمل على التصدي له.

وقبيل مغادرته إلى الولايات المتحدة أمس، قال وزير الأمن يوآف غالانت، الذي دعا بدوره إلى صيغة توافقية لقانون التجنيد، إنه يرفض القانون في صيغته الحالية.

وأوضح أنه عقد في الأسابيع الأخيرة عدة جلسات، "جزء منها برئاستي، في محاولة للتوصل إلى تفاهمات بشأن خطة التجنيد المهمّة من أجل نجاح الجيش الإسرائيلي، جيش الشعب. وفي اللقاءات التي عقدت، رفضت الأطراف للأسف إبداء مرونة وتمسكت بمواقفها السياسية".

وكتب وزير الاتصالات شلومو كرعي في مجموعة "واتساب" للوزراء: "من لا يريد أن يكون شريكاً فليبحث له عن شركاء آخرين"، في إشارة منه إلى غالانت ومعارضي مسودة القانون.

ولن يؤثر انسحاب بني غانتس على استقرار الحكومة، التي قد تعود إلى تركيبتها التي سبقت الحرب بأغلبية 64 نائباً، فيما سيحرص نتنياهو على شركائه الطبيعيين من أحزاب الحريديم، ولذلك يحاول كسب الوقت على أمل التوصل إلى صيغة ترضي جميع الأطراف ويكون متفقاً عليها. كما من المستبعد أن تطرح الحكومة قانوناً يرفضه "الحريديم".

في المقابل، قد يقوم العلمانيون وشرائح إسرائيلية أخرى تؤدي الخدمة المدنية باحتجاجات واسعة في حال عدم فرض الخدمة على الحريديم على نحو يريضهم ويرون به مساواة في العبء.

من جهة أخرى، قد تفرض المحكمة، في حال انتهاء المهلة من دون تمرير قانون جديد، إنفاذ الخدمة العسكرية على "الحريديم"، ما قد يقود قطاعات واسعة منهم إلى الخروج في احتجاجات.

المساهمون