يبدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الاثنين، زيارة إلى قبرص التركية غير المعترف بها دوليا، تستمر يومين، أعلن أنه سيزف البشرى خلالها لسكان الشطر الشمالي من الجزيرة، وسط تأويلات عديدة عن نوعية المفاجأة المتوقعة.
ويرافق أردوغان وفدا رفيع المستوى من الوزراء، ويضم أيضا زعيم حزب الحركة القومية اليميني المتطرف دولت باهتشلي، وهو الطرف الثاني في التحالف الجمهوري الحاكم.
وأعلن أردوغان، الجمعة الماضية، أنه سيزف بشرى سارة من برلمان قبرص التركية خلال زيارته المرتقبة، حيث سيتوجه على رأس وفد كبير ويلقي خطابا أمام نواب البرلمان في اليوم الأول من الزيارة.
وأفاد الرئيس التركي "أود أن أزف بشرى لشمال قبرص من برلمانها، لدينا خطوة سارة، وانتهينا من العمل التمهيدي لها، وسأبعث رسائل من أجل إرساء السلام في الجزيرة وفي العالم أجمع".
وينتظر أن يشارك أردوغان في مراسم احتفالات "عيد السلام والحرية" السنوية في اليوم الثاني من الزيارة الموافق لـ 20 يوليو/ تموز الجاري، حيث أطلقت تركيا ما يسمى عملية السلام العسكرية في جزيرة قبرص، بهذا التاريخ عام 1974، بعد أن شهدت الجزيرة انقلابا عسكريا قاده نيكوس سامبسون، ضد الرئيس القبرصي مكاريوس الثالث، في 15 يوليو/تموز من العام نفسه.
وجرى الانقلاب بدعم من المجلس العسكري الحاكم في اليونان، فيما استهدفت المجموعات المسلحة القبرصية سكان الجزيرة من الأتراك، وفق الرواية التركية، ليبدأ الجيش التركي عملية عسكرية ثانية في 14 أغسطس / آب 1974، وفي 13 فبراير/ شباط 1975، تم تأسيس ما يسمى "دولة قبرص التركية الاتحادية" في الشطر الشمالي من الجزيرة، وتم انتخاب رؤوف دنكطاش رئيسا للجمهورية التي باتت تعرف منذ 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 1983 باسم "جمهورية شمال قبرص التركية"، ولا تعترف بها سوى تركيا.
وسردت وسائل إعلام تركية 5 توقعات للمفاجأة التي يعتزم أردوغان الإعلان عنها في زيارته، حيث نقلت قناة "سي إن إن تورك" أن هناك عدة احتمالات للمفاجأة، منها وأبرزها على الإطلاق أن يعلن أردوغان عن تأسيس علاقات دبلوماسية متبادلة بين أذربيجان وقبرص التركية وتعزز هذه الفرضية زيارة وفد يضم خمسة أفراد من لجنة الصداقة، كما يجري الحديث عن خطوة متماثلة مع باكستان عقب أذربيجان.
أما صحيفة "حرييت" فرأت أن هناك برنامجا واسعا لأردوغان في الجزيرة ومنها زيارة مدينة ماراش، وهناك توقعات بفتح المدينة بشكل كامل ورفع صفة المنطقة العسكرية عنها ودعوة المواطنين في الشطر الجنوبي للعودة إليها.
وهناك احتمال آخر ثالث، وهو الإعلان عن تحويل قاعدة عسكرية تركية في المنطقة إلى قاعدة دائمة للطائرات المسيرة.
وثمة أيضا احتمال رابع لبناء تركيا ميناء بحريا وقاعدة عسكرية بحرية في المنطقة. أما الاحتمال الخامس فهو الإعلان عن اكتشاف احتياطات كبيرة من الثروات النفطية والغازية في سواحل الشطر الشمالي لقبرص.
وتتزامن زيارة أردوغان مع حلول اليوم الأول لعيد الأضحى الثلاثاء، وينتظر من أردوغان تجديد رسائل الدعم المقدمة للجزيرة، ويلتقي نظيره أرسين تتار.
وتأتي الزيارة في وقت تحاول فيه تركيا تهدئة الأوضاع شرق المتوسط عبر حوار بناء مع أوروبا ومصر منذ أشهر وسبق ذلك أيضا اتصال بين أردوغان ونظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ يوم 12 يوليو/تموز الجاري، فضلا عن تطورات على صعيد الملف الليبي، وكلها تصب في اتجاه تهدئة الأوضاع وتقاسم الثروات في المنطقة.
وتنهج تركيا هذا العام سلوكا مختلفا عن السنوات السابقة التي كانت عبارة عن مواجهة مع الدول الغربية وأوروبا بسبب ما تصفه أنقرة باستبعادها من تقاسم ثروات المنطقة، ولهذا فإن الزيارة ستحمل في طياتها كثيرا من الأهمية وسيتم متابعتها عن قرب، لأن كلام أردوغان سيحمل رسائل لجميع دول الحوض.
ومن المتوقع وفق مصادر إعلامية أن تشهد قبرص التركية تظاهرات تنظمها المعارضة التي تناوئ أنقرة، ومنها الرئيس السابق مصطفى أكنجي الذي سبق ووجه انتقادات لتركيا والحكومة التركية واجهتها تركيا برد عنيف ودعمت منافسه تتار في الانتخابات التي أجريت بداية العام الجاري.
وسعى حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بعد توليه الحكم إلى حل مشكلة جزيرة قبرص، وجرى تنظيم استفتاء لتوحيد الجزيرة، في عام 2004، وفق خطة أممية، ولكن الجانب اليوناني رفض ذلك، فقد صوت أكثر من ثلاثة أرباع القبارصة اليونانيين برفض الخطة، بينما أيدها نحو ثلثي القبارصة الأتراك في الشمال.