استمع إلى الملخص
- **تحليل محمد الجزار لتصريحات أردوغان**: الجزار رأى أن بوتين يدعم أردوغان في مسعى التقارب مع الأسد، مشيراً إلى اقتراح لقاء ثلاثي بين أردوغان والأسد برعاية بوتين، وأن المعارضة السورية في تركيا تعارض هذا التقارب.
- **التصعيد الميداني في إدلب ورسائل المعارضة**: قوات النظام السوري قصفت محيط إدلب، والفصائل المعارضة أرسلت رسالة إلى تركيا بأن التقارب مع الأسد يُعتبر طعنة للثورة السورية، مؤكدة على استمرار العمليات العسكرية.
نقلت محطة "إن.تي.في" التلفزيونية ووسائل إعلام أخرى عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قوله، اليوم الجمعة، إن زيارة محتملة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا قد تمهد الطريق لعهد جديد من التقارب مع النظام السوري في دمشق. ونقلت وسائل الإعلام عن أردوغان قوله للصحافيين في رحلة العودة من كازاخستان، حيث التقى الرئيس الروسي: "قد ندعو بوتين ومعه (رئيس النظام السوري) بشار الأسد. إذا تمكن السيد بوتين من القيام بزيارة إلى تركيا فقد يكون ذلك بداية لعملية جديدة".
ووفق ما أوردته وكالة "رويترز"، لم يتضح إن كانت الدعوة التي ذكرها أردوغان هي لزيارة الأسد إلى تركيا أم لاجتماع يعقد في مكان آخر. وأضاف أن المسلحين من تنظيم داعش الإرهابي أو من الجماعات الكردية وحدهم من يعارض تطبيع العلاقات التركية السورية.
وقال أردوغان إن بلاده "مدت يد الصداقة إلى الجارة سورية وستواصل ذلك"، مؤكداً وقوفها إلى جانب سورية "التي تتعاضد على أساس عقد اجتماعي جديد عادل وشامل"، وفق ما نقلت عنه وكالة "الأناضول" التركية. وشدد: "لم ولن نسمح أبدا بإنشاء كيان إرهابي في منطقتنا"، في إشارة إلى إعلان القوى الكردية المسيطرة شرقي سورية تنظيم انتخابات محلية في 11 يوليو/ تموز الجاري، حيث أعلنت تركيا أنها ستحبط ذلك، وتسعى للتنسيق مع النظام السوري في هذا الصدد، وفي ملفات أخرى. واعتبر أردوغان أن "أجواء السلام التي ستعمّ سورية ضرورية أيضا لعودة ملايين الناس إلى بلدهم". كما تطرق أردوغان إلى حوادث العنف ضد اللاجئين السوريين في ولاية قيصري وسط تركيا، قائلا: "لن نسمح لمن يخططون للفوضى عبر حادثة دنيئة، ولا لمن يحاولون استغلالها، الدولة التركية قامت ولا تزال تقوم بما يقع على عاتقها". وقال: "لن نسمح لأحد في تركيا أن يضع نفسه مكان قوات إنفاذ القانون والقضاء والحكومة".
الجزار: أردوغان تلقى إشارة للمضي قدماً
تعليقاً على تصريحات أردوغان، اعتبر المحلل السياسي محمد الجزار أن الرئيس التركي "تلقى خلال اجتماعه مع بوتين في كازاخستان زخماً جديداً للمضي قدما في مسعى التقارب مع نظام الأسد". وقال الجزار في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "اقتراح عقد لقاء ثلاثي يجمع أردوغان والأسد برعاية بوتين، لا بد أن يكون الهدف منه إعطاء زخم كبير معلن لهذه المساعي". ورأى أن لهذا "ولا شك أهمية كبيرة على الصعيد السياسي والإعلامي، لكن من غير الواضح ما إذا كان سوف يساعد في النهاية على دفع الأمور إلى الأمام بشكل عملي وجدي".
وأوضح الجزار أن "لكلا الجانبين، تركيا ونظام الأسد، مطالب لدى الأخر، وإذا كانت تركيا أظهرت حتى الآن قدرة كبيرة على التحول وتقديم تنازلات على حساب المعارضة السورية التي تدعمها، فان نظام بشار الأسد ما زال يتشبث بمواقفه الأصلية، والتي تشترط أولاً انسحاب تركيا من الأراضي السورية، أو تعهدها بذلك على الأقل، وفق جدول زمني محدد، كخطوة أولى للبناء عليها على طريق استعادة العلاقات بين الجانبين". وأضاف أنه من غير المعروف مدى استعداد الأسد للتجاوب مع المطالب التركية بأن يقف الى جانب تركيا في محاربة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) المسيطرة على شرق سورية، وهو الحريص على عدم إغضاب واشنطن التي تدعم تلك القوات.
وبخصوص قول أردوغان إن المسلحين والمتشددين هم فقط من يعارضون التطبيع التركي مع نظام الأسد، رأى الجزار أن "هذا يجافي الوقائع، حيث شهدنا ولا نزال تظاهرات واحتجاجات في عموم مناطق المعارضة ضد هذه الخطوة، بل ومعارضة لها من جانب القوى السياسية والمدنية في المعارضة السورية الموجودة على الأراضي التركية".
وأكدت تركيا في وقت سابق أن تقاربها مع النظام السوري في دمشق يرتبط بمصالحها الوطنية وأمنها القومي، ملمّحة إلى أن هذا التقارب لن يكون على حساب المعارضة السورية، فيما تشير معطيات إلى أن جهود التقارب بين الجانبين ما زالت تصطدم بالعديد من العثرات.
وجاء ذلك بعد تصريحات أدلى بها أردوغان ليلة الثلاثاء أمام الحكومة التركية، موجهة للنظام والمعارضة في سورية. وقال في إشارة الى احتمال اجتماعه مع بشار الأسد: "لن نمتنع عن الاجتماع مع أي كان، كما كان الحال في الماضي".
وأضاف: "عند القيام بذلك، سنأخذ مصالح تركيا في الاعتبار في المقام الأول، لكننا لن نسمح بأن يكون أي شخص يثق بنا، أو يلجأ إلينا، أو يعمل معنا، ضحية في هذه العملية، تركيا ليست ولن تكون دولة تتخلى عن أصدقائها"، في إشارة إلى المعارضة السورية. وأكد أنه ليست لتركيا أطماع في الأراضي السورية، وأنها لا تسعى للتدخل في شؤونها الداخلية، بل لحماية مصالحها الوطنية فقط.
رسائل بين المعارضة وروسيا
على الصعيد الميداني قصفت قوات النظام السوري، اليوم، بسلاح المدفعية الثقيلة محيط مدينة إدلب، الواقعة ضمن ما يُعرف بمنطقة "خفض التصعيد الرابعة" (إدلب وما حولها)، شمال غرب سورية، مع شنها قصفاً مدفعياً وصاروخياً على القرى والبلدات القريبة من خطوط التماس، في ظل تنفيذ الطائرات الحربية الروسية طلعات تدريبية وغارات تكتيكية فوق المنطقة.
وقالت مصادر عاملة في وحدات الرصد والمتابعة، التابعة للمعارضة السورية، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن قوات النظام و"الفرقة 25" المدعومة من روسيا، استهدفت صباح اليوم بثماني قذائف مدفعية أطراف مدينة إدلب، ما تسبب بدمار في ممتلكات المدنيين، من دون وقوع إصابات بشرية.
وأكدت المصادر أن قوات النظام والمليشيات المدعومة من روسيا وإيران، استهدفت بالمدفعية والصواريخ قرى وبلدات الفطيرة وسفوهن وفليفل وكفرعويد وكنصفرة وبينين والرويحة والبارة في منطقة جبل الزاوية جنوبي محافظة إدلب، ومجيرز ومعارة عليا بريف إدلب الشرقي، وكفرعمة وكفرتعال وتديل والوساطة بريف حلب الغربي، والعنكاوي والحلوبة والزقوم في منطقة سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، وتلال الكبانة ضمن منطقة جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي الشرقي، في ظل تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع الروسية في أجواء المنطقة.
رسائل للضامن التركي؟
وحول التصعيد مجدداً بين فصائل المعارضة والنظام السوري في منطقة إدلب، قال العقيد مصطفى بكور الناطق باسم "فصيل جيش العزة"، المنضوي ضمن "غرفة عمليات الفتح المبين"، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن "التصعيد من قبل الفصائل المعارضة يأتي في إطار توجيه رسائل إلى الضامن التركي، بأن الفصائل المعارضة والحاضنة الشعبية للثورة ترى في التقارب التركي مع الأسد طعنة للثورة السورية والثقة التي منحتها الثورة للجانب التركي عندما كانت تتحدث باسم الثورة، وبالتالي يمكن للفصائل قلب الطاولة".
وأشار بكور إلى أن "التصعيد يأتي للتذكير بأن حل مشكلة المهجرين يكون فقط بتحرير الأرض وعودتهم إلى بيوتهم بكرامة، خاصة بعد الأحداث العنصرية الأخيرة في تركيا ضد اللاجئين السوريين". وأشار القيادي في المعارضة السورية إلى أن "تحليق الطيران الروسي فوق إدلب هو أمر اعتدنا عليه، لكن يمكن النظر إليه هذه الأيام في إطار إيصال رسائل لفصائل المعارضة بأن تركيا تخلت عن الثورة، وأصبحت أقرب إلى النظام، وأن إدلب يمكن أن تكون مستهدفة في أي لحظة".
ولفت بكور إلى أن "العمليات التي تقوم بها الفتح المبين عمليات محدودة، لا يمكن أن تؤثر على القرار التركي بالتقارب مع النظام، لكن يمكن اعتبارها رسالة بأن الفتح المبين لا تزال تمتلك القدرة على العمل العسكري المؤثر والقادر على قلب الطاولة على الآخرين".
وكانت غرفة "عمليات الفتح المبين" قد أعلنت مساء أمس الخميس عن عملياتها العسكرية في منطقة إدلب، خلال الـ 48 ساعة التي مضت، مؤكدةً مقتل وجرح 20 عنصراً وضابطاً من قوات النظام السوري، من خلال عملية نوعية على محور مدينة سراقب شرقي محافظة إدلب، واستهداف مجموعة متحصنة داخل نقطة على محور خان السبل جنوبي محافظة إدلب، ما أسفر عن تدمير عربة عسكرية ورشاش 14.5 وسيارة ضابط ومربض مدفعية ومقر عسكري وتحصينات عسكرية أخرى.