أردنيون يسألون عن حرية التعبير بعد حظر النشر في قضية الأمير حمزة

06 ابريل 2021
حظر النشر أثار حفيظة أردنيين (خليل مزراوي/ فرانس برس)
+ الخط -

يثير قرار حظر النشر، الذي اتخذه نائب عام عمّان حسن العبداللات، اليوم الثلاثاء، حول التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية الأردنية، المرتبطة بقضية الأمير حمزة بن الحسين وآخرين، التساؤل حول كيفية الحفاظ على حق الجمهور في الاطلاع والمعرفة والحصول على المعلومات من جهة، وبين الدواعي الأمنية والمصلحة الوطنية، خاصة في قضية تشغل الرأي العام المحلي والدولي من جهة أخرى. 
ويمس القرار حق الأردنيين بالتعبير عن الرأي وحق الحصول على المعلومة، خاصة في ظل تحول العالم إلى قرية صغيرة لا يمكن السيطرة فيها على تدفق المعلومات. 

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

 

مخالفة للدستور
ويقول عضو مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين، خالد القضاة، لـ"العربي الجديد"، إن معظم قرارات حظر النشر التي صدرت، أخيراً، في الأردن، تخالف المادة 128 من الدستور.
وتنص المادة 128 من الدستور الأردني "على أنه لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها"، بحسب القضاة. 
ويرى أن "جميع الاستدلالات القانونية حول هذا الموضوع فيها شبهة دستورية، فالأصل في حظر النشر أن يكون حول القضايا ذات الطابع الأسري، إذ إنها تقدم حماية للضحايا". 
ويؤكد أن "التوسع بالفهم في قضايا حظر النشر يمس بحق تكفله الدولة المتعلق بحرية الرأي، فلكل أردني الحق في أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير، بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون"، معتبراً أن على "الدولة فرض قوانين تفي بالتزاماتها القانونية".
ويرى أن "قرارات حظر النشر تعالج الخلل في تدفق المعلومات بخطأ أكبر"، موضحاً أن "هذا القرار يعني تنازل المؤسسات الإعلامية المحلية عن دورها لصالح المؤسسات الأجنبية، التي لا تلتزم بتلك القرارات ولا تستطيع الدولة ملاحقتها قانوناً".
وبحسب القضاة، فإن "مثل هذا القرار يعزّز دور شبكات التواصل الاجتماعي على حساب مهنية المؤسسات الإعلامية". 

 

الحد من حرية التعبير
وفي الشأن، يقول مدير مركز حماية وحرية الصحافيين، والكاتب الصحافي نضال منصور، لـ"العربي الجديد"، إنني "كناشط وإعلامي وحقوقي أرى أن القرار يحد من حرية التعبير، وإنه لا يتعامل مع المعطيات الحديثة التي وقعت في العالم، والذي أصبح قرية صغيرة، خاصة أن مواقع التواصل الاجتماعي متاحة للجميع".
ويضيف أن "مع هذا الواقع لا تستطيع السلطة القضائية، أو التنفيذية أن تذهب لتحاسب كل من ينشر في قضية تشغل الرأي العام المحلي والعالمي، في جميع دول العالم". 
ويرى أنه "من الممكن منع نشر تفاصيل محاضر التحقيق"، غير أنه يؤكد أن "لا مبرر أن يمنع النشر في قضية عامة، فما نشر حتى الآن ليس من محاضر التحقيق، وإنما معطيات عامة حول قضية عامة تشغل الرأي العام". 
وبحسب منصور، فإن على الصحافيين والإعلاميين دائماً الموازنة بين مقتضيات القانون، ومقتضيات حقهم بالعمل باستقلالية والنشر، ولهذا يستطيعون تمرير المعلومات بعد التدقيق في نص القانون، دون الولوج إلى التحقيق، والحديث يكون حول القضية العامة ".
ويضيف أن "ما ينطبق من القرار على الإعلام المحلي ينطبق على الإعلام الخارجي"، متسائلاً "كيف ستستطيع السلطة التنفيذية فرض قرارها على الواشنطن بوست، وشبكة سي أن أن، وهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي". 

 

لزوم ما لا يلزم
بدوره، يقول رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحافيين الأردنيين، يحيى شقير، لـ"العربي الجديد"، إن "تعميم النائب العام في هذه قضية الأمير حمزة هو لزوم ما لا يلزم، بما أن القضية في مرحلة الاستدلال، والتحقيق".
ويوضح أن "في الأصل بغالبية دول العالم أن هذه المرحلة سرية، إلا إن جاء التعميم من باب التذكير، بعدم نشر ما يؤثر على سير التحقيق أو التأثير في الرأي العام، أو الشهود، أو سير التحقيق لمصلحة، أو ضد أحد الخصوم". 
وبشأن المواد التي استند إليها التعميم يقول شقير، "يبدو أن هناك خطأ مادياً في رقم المادة 255 من قانون العقوبات، حيث إن المادة تتعلق برفض قبول أوراق النقد القانونية في الأردن".
ويضيف "من المؤكد أن المقصود من المادة 225، ما يحظر نشره".
وتنص المادة 225 على أن "يعاقب بغرامة من 5 دنانير (7 دولارات أميركية) إلى 25 ديناراً (35 دولاراً) من ينشر وثيقة من وثائق التحقيق الجنائية أو الجنحية قبل تلاوتها في جلسة علنية"، بحسب شقير. 
وحول وجهة نظره بالتعميم، يقول إن مثل هذه "التعميمات على الرغم من أن هدفها المحاكمة العادلة للمشتبه بهم، إلا أنه في ظل نقص المعلومات حول هذه القضية المهمة ستشكل بيئة خصبة لانتشار الشائعات".
ويضيف "هناك طلب من الجمهور على المعلومات المتعلقة بهذه القضية وإذا لم تقم النيابة العامة بتقديم إجازات يومية أو دورية عن سير التحقيق، فإن وسائل التواصل الاجتماعي لن تلتزم بهذا التعميم". 
ويوضح أن "المدة الزمنية للتعميم تستمر حتى تلاوة قرار الظن أو الاتهام، فعند عقد أول جلسة علنية للمحكمة ينتهي مفعول القرار، وبعد ذلك تصبح صلاحية القرار مرتبطة بالمحكمة وليس النائب العام". 

 

مغرّدون ينتقدون حظر النشر
وفور إعلان قرار الحظر، انتقد عدد من المغردين الأردنيين القرار، إذ كتب الصحافي مصعب الشوابكة تغريدة على "تويتر"، جاء فيها: "قرار حظر النشر الصادر اليوم بموضوع الأمير حمزة هو عقاب للصحافة والإعلام المحلي، الذي لا يشق عصا الطاعة أصلاً".
وأضاف أن "الأخبار تأتي من صحافة أجنبية حازت على ثقة الجمهور الأردني في الأيام الماضية. منع النشر لا يخدم الدولة ولا الحقيقة، ويزيد من هامش عدم اليقين حول مستقبل البلاد والعباد". 

 

بدوره كتب الناشط مدالله النوارسة، في تغريدة على "تويتر"، إن "حظر النشر.. عزيزي الموضوع تناقلته ومهتمة فيه أكبر الصحف ووكالات الأنباء العالمية، الموضوع أكبر من الصحف المحلية".

 

وتساءل الناشط نارت قاخون "يعني هيك راح يلاحقوا واشنطن بوست" لأنّها خرقت حظر النّشر؟! آه، تذكّرت، حظر النّشر على قدّ الإيد". 

 

بدورها، كتبت المحامية والناشطة الحقوقية هالة عاهد، في تغريدة على "تويتر"، "لا يجوز حظر النشر بشكل عام، والممنوع من النشر فقط محاضر التحقيق".

 

أما الناشط مؤيد الخطيب فقال: "معقول المدعي العام بعده عايش جو الجرايد والراديو! حد يحكيلو إنه في زمن حظر النشر فيه مستحيل والأمر به يشبه النكتة". 

 

القوانين في الأردن
وتنص القوانين الأردنية عند منح رخص البث والنشر على "التزام المرخص له باحترام الشخصية الإنسانية، وحرية الغير وحقوقهم، والطابع التعددي للتعبير عن الأفكار والآراء، وموضوعية بث الأخبار والأحداث، والمحافظة على النظام العام وحاجات الأمن الوطني، ومقتضيات المصلحة العامة". 
كذلك تنصّ على "التزام المرخص له بعدم بث أو إعادة بث كل ما من شأنه إثارة النعرات الطائفية والعرقية أو ما من شأنه الإخلال بالوحدة الوطنية أو الحض على الإرهاب والتفرقة العنصرية أو الدينية أو الإساءة إلى علاقات المملكة بالدول الأخرى". 
وتنص المادة 5 من قانون المطبوعات والنشر رقم 8 لسنة 1998 وتعديلاته: "على المطبوعة تحري الحقيقة والالتزام بالدقة والحيدة والموضوعية في عرض المادة الصحافية والامتناع عن نشر ما يتعارض مع مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية وحقوق الإنسان وقيم الأمة العربية والإسلامية". 
وينص قانون انتهاك حرمة المحاكم رقم (9) لسنة 1959 المادة 11، على "كل من نشر بإحدى الطرق المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة (68) من قانون العقوبات أموراً من شأنها التأثير في القضاة الذين يناط بهم الفصل في دعوى مطروحة أمام أية جهة من جهات القضاء في الأردن أو في رجال القضاء أو النيابة أو غيرهم من الموظفين المكلفين بتحقيق وفق أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية أو التأثير في الشهود الذين قد يطلبون لأداء الشهادة في تلك الدعوى أو في ذلك التحقيق أو أموراً من شأنها منع شخص من الإفضاء بمعلومات لأولي الشأن أو التأثير في الرأي العام لمصلحة طرف في الدعوى أو التحقيق أو ضده يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد عن خمسين ديناراً (70 دولاراً أميركياً) أو بإحدى هاتين العقوبتين".