أحمد عسراوي: إنتاج دستور سوري صعب قبل الاتفاق السياسي

05 يونيو 2022
عسراوي: النظام غير مقتنع حتى اللحظة بالحل السياسي (المكتب الإعلامي لهيئة التفاوض)
+ الخط -

مع اختتام الجولة الثامنة من المداولات المتعلقة بصياغة دستور سوري جديد أول من أمس الجمعة في جنيف، أعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية، غير بيدرسن، الذي يرعى هذه العملية، إحراز تقدّم طفيف في هذه الجولة، لكنه غير كافٍ.

وناقشت اللجنة الدستورية السورية خلال الأيام الماضية، مبادئ دستورية عدة، وهي مبدأ "الحفاظ على مؤسسات الدولة وتعزيزها" الذي قدّمه وفد النظام السوري، ومبدأ "الإجراءات القسرية أحادية الجانب من منطلق دستوري" الذي قدّمه ثمانية أعضاء من وفد المجتمع المدني، ومبدأ "سمو الدستور وتراتبية الاتفاقيات الدولية" المقدم من وفد هيئة التفاوض السورية، وأخيراً مبدأ "العدالة الانتقالية" الذي قدّمه سبعة أعضاء من وفد المجتمع المدني.

وحول جدوى عمل هذه اللجنة ومستقبلها، ومستقبل الحل السياسي في سورية، يقول عضو وفد المعارضة في اللجنة الدستورية، عضو المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية، أحمد عسراوي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "العمل على إصلاح دستوري (إنتاج دستور جديد أو إجراء تعديلات على الدساتير السورية السابقة)، قبل توفير الاتفاق السياسي، أمر صعب للغاية".

ويشير إلى أنه غير "متفائل بالقدر الكافي"، لكن في الوقت نفسه لا يستطيع أن يكون متشائماً "لكوننا نحمل مهمة وطن أولاً، ومكلفين من مكونات هيئة التفاوض السورية ومن يؤيد موقفها بهذه المهمة الصعبة".

نتائج الجولة الثامنة المنتهية أفضل من الجولات السابقة من حيث الشكل

ويعتبر عسراوي أن نتائج الدورة الثامنة المنتهية "أفضل من نتائج الدورات السابقة من حيث الشكل، إذ جرت حوارات مباشرة موضوعية أحياناً وغير موضوعية أحياناً أخرى، لكنها في غالب الأحيان كانت تصب في ذات الموضوع المطروح، خلافاً لما كان يجري في غالبية الدورات السابقة". أما من حيث المضمون، فيرى أن "الأمر يحتاج للصبر لنرى كيف ستسير الأمور".

ضرورة توسيع صلاحيات المبعوث الأممي إلى سورية

وعن أسباب عدم إحراز تقدم يذكر حتى الآن في هذا المسار، وما هو المطلوب لتقويمه، يقول عسراوي إنه لا يرغب في تحميل المسؤولية لأي من الفرقاء الثلاثة: فريق المعارضة المرشح من هيئة التفاوض السورية، وفريق النظام، وفريق المجتمع المدني المرشح من الأمم المتحدة والمنقسم على نفسه بين مؤيد للنظام ومؤيد للمعارضة.

ويرى عسراوي أن الخلل الأساسي محصور في مسألتين: "أُولاهما أن النظام غير مقتنع حتى اللحظة بالحل السياسي، ولا يزال غير مقتنع بمخرجات ما سُمي مؤتمر الحوار السوري ـ السوري (المؤتمر الذي عقد في سوتشي الروسية نهاية يناير/كانون الثاني 2018) الذي شارك فيه، وأيد نظرياً مخرجاته، وثانيتهما صعوبة إنتاج دستور قبل التوافق السياسي، كما ذكرنا".

ويشدد على "ضرورة إعطاء تفويض أوسع للمبعوث الدولي غير بيدرسن، ليصبح وسيطاً وليس ميسراً لأعمال اللجنة الدستورية، إضافة إلى منحه الصلاحيات الكافية لفتح عمل المسارات الأربع للعملية السياسية التفاوضية (هيئة الحكم الانتقالي، العملية الدستورية، العملية الانتخابية، وتوفير الأمن ومكافحة الإرهاب) بالتوازي".

الانسحاب من اللجنة الدستورية هو أكثر ما يخدم أجندة النظام

ما بدائل المعارضة السورية؟

وعمّا إذا كان هناك بدائل حقيقية أمام المعارضة إذا قررت الانسحاب من هذه العملية غير المجدية كما يصفها البعض، وهل مواصلة الانخراط في العملية يخدم أجندة النظام السوري، يعتبر عسراوي أنه "من دون التجني على أحد في المعارضة، الانسحاب من اللجنة الدستورية، التي قد تكون، ولا أجزم، مفتاحاً للعملية السياسية، أكثر ما يخدم أجندة النظام".

ويضيف أن "الذين يطالبون الآن بالانسحاب من اللجنة الدستورية غير المجدية كما يقولون، هم أنفسهم الذين كانوا يطالبون بعدم الدخول في التفاوض السياسي قبل رحيل بشار الأسد"، مشدداً على أن "هيئة التنسيق الوطنية مستعدة للتجاوب مع كل المقترحات المفيدة التي يقدمها الإخوة في المعارضة".

ولفت إلى أن "الهيئة منذ اليوم الأول لتأسيسها (25/6/2011) رفعت شعار: لا للعنف، لا للطائفية، لا للتدخل الخارجي، وأضافت إليها في أول مجلس مركزي (6/10/2011) لا للفساد والاستبداد ونعم للتغيير الوطني الديمقراطي، واستناداً إلى هذه الرؤية، فقد جرمنا النظام لاختياره الحل الأمني العسكري في مواجهة المطالب المحقة للشعب السوري".

وحدة المعارضة السورية

وعن مدى قدرة وفد المعارضة بتلويناته المختلفة على اتخاذ موقف موحد لفرض تعديل في مسار جنيف مثل تحديد سقف زمني للعملية أو فتح مسارات أخرى مكملة لها، يرى عسراوي أن ذلك "تكتنفه صعوبات بالغة".

ويضيف: "من السهولة القول إننا نريد تحديد سقف زمني لعملية جنيف أو فتح مسارات أخرى مكمّلة لها، لكن تنفيذ ذلك عملياً يحتاج إلى جهود سورية وتوافق دولي، لكن الأهم بالإجابة هو الشطر الأول من السؤال، وهو: هل يستطيع وفد المعارضة بتلويناته المختلفة اتخاذ موقف موحد؟ وهذا الذي أقف عنده، والألم يحيط بي من كل الجوانب".

ويتابع: "وحدة موقف وجهود كل أطياف المعارضة السورية هي العامل الأساسي لانتصار الثورة، وهذا يتطلب تضافر جهود جميع المخلصين من بين أبنائها".

مستقبل الحل السياسي الفعلي وبالتالي مستقبل سورية غامض إلى حد بعيد

الحل السياسي السوري غامض

وحول مستقبل الحل السياسي في سورية بشكل عام، يعرب عسراوي عن تشاؤمه وفق المعطيات الراهنة، قائلاً: "من دون الدخول في مواربة بالإجابة، أرى أن مستقبل الحل السياسي الفعلي، وبالتالي مستقبل سورية، غامض إلى حد بعيد". ويجدد التشديد على ضرورة "وحدة موقف وجهود مجمل أطياف المعارضة السورية لانتصار الثورة في سورية".

وأنشئت اللجنة الدستورية السورية في سبتمبر/أيلول عام 2019، وعقدت أول اجتماعاتها بعد شهر. وتهدف هذه المداولات إلى إعادة كتابة دستور للبلاد وتمهيد الطريق لعملية سياسية أوسع. وقد اتفق الرئيسان المشتركان لهذه الجولة من وفد النظام أحمد الكزبري، ووفد المعارضة هادي البحرة، على عقد الجولة التاسعة في جنيف، من 25 إلى 29 يوليو/تموز المقبل.

المساهمون