أحزاب معارضة في الجزائر تحذر السلطة من تضييع فرصة استغلال ارتفاع أسعار النفط

25 مارس 2022
دعوات لاستغلال ارتفاع أسعار النفط لتحسين الأوضاع المعيشية (Getty)
+ الخط -

جددت أحزاب جزائرية معارضة دعواتها لعقد حوار وطني شامل يسمح بإقامة توافقات سياسية وطنية، محذرة من أنّ استمرار السياسات التي تنتهجها السلطة اقتصادياً واجتماعياً، قد يعقّد الأوضاع ويفوّت على البلاد فرصة الاستفادة من الارتفاع الطارئ لأسعار النفط؛ بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، لإنعاش الاقتصاد المحلي وتحسين ظروف عيش المواطنين.

وقال السكرتير الأول لحزب "جبهة القوى الاشتراكية"، يوسف أوشيش، خلال مؤتمر وطني لكوادر الحزب من أعضاء المجالس المنتخبة، اليوم الجمعة، إنّ "الجزائر تواجه أزمة وطنية وظروفا إقليمية وتغيرات دولية متسارعة"، داعياً "القوى الحية للوطن وعلى رأسها صناع القرار، إلى تغليب الحكمة والتحلّي بالحس الوطني، للتوجه إلى حوار وطني شامل، يفضي إلى مشروع وطني جامع يحمي الدولة الوطنية ويمهد لدولة المؤسسات الديمقراطية".

وفيما شدد أوشيش على أنّ "الشرعية تسقط أمام جدرانها كل التهديدات الخارجية"، لفت إلى أنّ "الأمن القومي لا يمكن أن يتحقق دون مشاركة كل القوى الشعبية".

وحذر من الاستمرار في إنفاذ ما وصفه "التوجه الأمني للسلطة في معالجة كل القضايا تحت حجج الأمن القومي ولجوئها إلى الترهيب والقمع لإسكات أي تصور معارض، وتصحير الساحة السياسية".

وأشار أوشيش إلى أنّ الجزائر "تعيش ركوداً سياسياً رهيباً هو نتاج عقود من محاولات تصحير الساحة السياسية من طرف السلطة، وضبابية غير مسبوقة في المشهد الوطني، وأزمة متعددة الأبعاد تتكرس يوماً بعد يوم واقعاً مزرياً في ظل غياب مشروع وطني يستجيب للتطلعات الشعبية ويترجم آمال الثورة الشعبية السلمية لـ 22 فبراير/ شباط (الحراك الشعبي) التي شكّلت فرصة للسلطة ولكل مكونات المجتمع لصياغة حل يقضي نهائيا وبشكل متدرج على الأزمة الوطنية".

وتنتقد الأحزاب السياسية والهيئات الحقوقية في الجزائر، استمرار الإغلاق السياسي والإعلامي أمام النشاط السياسي في البلاد، وكذا استمرار الاعتقالات والملاحقات القضائية في حق ناشطين سابقين في الحراك الشعبي ومدونين وصحافيين بسبب مواقفهم وآرائهم السياسية.

من جهته أكد رئيس "حركة مجتمع السلم"، أكبر الأحزاب المعارضة في الجزائر، عبد الرزاق مقري، اليوم الجمعة، في ملتقى لرؤساء البلديات التابعين للحركة، أنّ السياسات الحالية التي تدير بها السلطة البلاد "لا تعطي أية مؤشرات جدية حول إمكانية إحداث تغيير".

وقال "يؤسفنا أنّ ما نلاحظه يؤكد أنه ليس هناك (سوى) الحكم غير راشد، وليس هناك ما يؤشر على توجه نحو تغيير حقيقي وتحقيق مطالب الحراك الشعبي"، مشيراً إلى أنّ إقرار السلطات تقديم "منح البطالة للشباب العاطلين عن العمل والزيادات الأخيرة، هي جزء من سياسات شعبوية تستهدف تجاوز الاحتقان الشعبي، ولا علاقة لها بالمعايير الاقتصادية".

وكان الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، قد قرر، في 15 فبراير/ شباط الماضي، استحداث وصرف منحة بطالة في شكل راتب شهري بقيمة 13 ألف دينار جزائري، ما يعادل 80 يورو. وقال وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، يوسف شرفة، الثلاثاء الماضي، في لقاء تلفزيوني، إنّ مليوناً و80 ألف عاطل عن العمل قاموا بالتسجيل في المنصة الرقمية الخاصة بمنحة البطالة، موضحاً أنّ 32% منهم من خريجي الجامعات الذين لم يحصلوا على عمل.

وحذر مقري من أن تضيع السلطة مجدداً فرصة ارتفاع مداخيل البلاد نتيجة ارتفاع قياسي لأسعار النفط في الأسواق العالمية بسبب الأزمة الأوكرانية.

وقال "ليس هناك ما يفيد بأنّ السلطات ستستفيد من ارتفاع أسعار النفط بسبب الأزمة الأوكرانية، منظومة الفساد لا زالت قائمة سواء فساد القرارات أو فساد المعمم ومنح الصفقات بالتراضي".

وأضاف مقري أنّ "المؤشرات الأساسية تبيّن أنّ هناك استمرارا في الاختلالات الاقتصادية والعجز المالي وارتفاعا في نسبة البطالة إلى 14%، بينهم 30% من الخريجين من الجامعات، فيما وصلت نسبة التضخم إلى حدود 9%، ولم تتجاوز نسبة النمو 3%".

يذكر أنّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يشرع في زيارة رسمية للجزائر، خلال الأسبوع المقبل، في ثاني زيارة يقوم بها مسؤول أميركي رفيع للبلاد في غضون أسبوعين، فيما يمثل موضوع الطاقة وتزويد أوروبا بالغاز موضوعها الرئيس.

وترى مصادر مسؤولة في الجزائر، تحدث إليها "العربي الجديد" أن زيارة بلينكن، لكونها الثانية لمسؤول رفيع في الخارجية الأميركية، هي محاولة ثانية من واشنطن للضغط أكثر على الجزائر لدفعها إلى مراجعة موقفه الرافض للعودة إلى ضخّ الغاز عبر الأنبوب البري العابر للمغرب، بهدف تأمين حاجات شركائها الأوروبيين من الغاز، وخاصة في ظل تطورات الموقف على صعيد الغزو الروسي لأوكرانيا، واحتمالات أن تدفع التعقيدات والخلافات المتصاعدة بين موسكو وواشنطن ودول الاتحاد الأوروبي، بوقوع مشكلات جدية في إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، وبالتالي الحاجة إلى البحث عن مصادر أخرى للطاقة.

المساهمون