أحزاب سودانية ترفض التطبيع مع إسرائيل: لن يحقق سوى مصالح العسكر وبقائهم في السلطة

02 فبراير 2023
البرهان التقى وزير الخارجية الإسرائيلي يوم الخميس في الخرطوم (Getty)
+ الخط -

أعلنت أحزاب سياسية سودانية مختلفة التوجهات رفضها لزيارة وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين للخرطوم، وما خرجت به من نتائج، مشددة على أن التطبيع مع إسرائيل لن يحقق إلا مصالح العسكر وبقائهم في السلطة. 

وكان كوهين قد زار الخرطوم، يوم الخميس، والتقى رئيس مجلس السيادة قائد الجيش الجنرال عبد الفتاح البرهان وعددا آخر من المسؤولين في السلطة العسكرية، وأكد الطرفان حرصهما على المضي قدماً في سبيل التطبيع الكامل بين البلدين وتطوير التعاون في مجالات الزراعة والطاقة والصحة والتعليم والجوانب العسكرية.

وجاءت الزيارة في وقت دخلت فيه عملية التسوية السياسية بين العسكر والمدنيين مرحلتها النهائية تمهيداً لتخلي العسكريين عن السلطة وتسليمها للمدنيين بموجب اتفاق إطاري "مبدئي" وُقع بنهاية العام الماضي، إلا أن وصول كوهين للخرطوم أشعل مزيداً من الريبة والشكوك بجدية العسكر في التسوية برمتها.

ويقول كمال عمر، الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي، أحد الأحزاب الموقعة على الاتفاق الإطاري بين العسكر والمدنيين في الخامس من ديسمبر/كانون الأول الماضي، لـ"العربي الجديد"، إن عبد الفتاح البرهان الذي أقدم على المضي في خطوات التطبيع، لا يمتلك أي صفة سوى الصفة الانقلابية، لكنه يتصرف كرئيس منتخب للبلاد.

وأوضح أن "ما حدث اليوم يُبين عدم جدية البرهان في العملية السياسية الحالية، مبيناً أن القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري لم تجتمع بعد لتقرر في الخطوة تلك لكن حزبه المؤتمر الشعبي يرفض كليا تلك الزيارة. 

ويرى عمر أن السلطة الحالية بمختلف مؤسساتها لا يحق لها اتخاذ أي موقف في القضايا الأساسية والمصيرية، كما أنها لا تملك أي تفويض لاتخاذ مواقف باسم السودان. وأكد أن الغرض من مثل تلك المحاولة اليائسة أن "يظل السودان تحت حكم العسكر بدعم من العدو الصهيوني وأعوانه، وذلك ما يناقض الدعوات والترتيبات الرسمية لتحقيق الانتقال الديمقراطي وإقامة حكم الشعب وفق الانتخابات".

من جانبه، دعا رئيس الحزب الناصري تيار العدالة الاجتماعية، ساطع الحاج، كل القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري إلى الانسحاب من الاتفاق بعد أن سمح قائد الانقلاب بزيارة وزير خارجية العدو الصهيوني للبلاد.

وأكد الحاج لـ"العربي الجديد" أن العلاقة مع إسرائيل لن تحقق إلا مصالح العسكر والدعم السريع وإبقاءهما في السلطة، ولن تحقق بأي حال من الأحوال مصالح السودانيين الجلية والواضحة في الحكم المدني الديمقراطي"، مشدداً على أن "إسرائيل ليس لديها أي مصلحة في قيام دولة قوية وديمقراطية في المنطقة، وأن العسكر يبحثون فقط على خلق وضع سياسي خارجي لحمايتهم". 

وحث الحاج، جميع القوى السياسية الحية لمواجهة التغول الصهيوني والاستخباراتي والغربي وتوحيد الإرادة السياسية من أجل ذلك الهدف. 

من جهته، يقول القيادي بتحالف نداء السودان ونائب رئيس حركة الإصلاح الآن، حسن عثمان رزق، إن "الزيارات والاتفاقيات تلك تتم بمعزل عن الشعوب المقهورة التي يتسلط عليها حكام يتعرضون للضغط من الدول الإمبريالية والدول العربية التي طبعت مع إسرائيل"، مبيناً أن "كل دول محور التطبيع لم تستفد شيئا منه، مثل مصر وموريتانيا والمغرب والبحرين وجنوب السودان وجميعها لم تجن غير السراب والقلاقل الداخلية".

وأوضح رزق لـ"العربي الجديد"، أن السودانيين لديهم تاريخ طويل من رفض كل محاولات التطبيع مع إسرائيل، عازياً اندفاع السلطة نحو ذلك، لخوف قادتها من مصير تهددهم به قوى الغرب". وأشار إلى أن "وقوفهم في السابق مع السلطة الحالية جاء تقديراً منهم لمؤسسة الجيش وليس من أجل قادته الذين يبحثون عن السلامة لأنفسهم، بالتالي لن نساندهم في كل أخطائهم خاصة الجوهرية".

تقارير عربية
التحديثات الحية

إلى ذلك، ينظر المحلل السياسي منتصر إبراهيم، من زاوية أخرى لزيارة وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين للسودان، ويقول إنها تأتي في سياق تناقضات داخلية داخل المكون العسكري وتحديداً الجيش والدعم السريع، خصوصاً في موقفهما من الصراع الدائر في جمهورية أفريقيا الوسطى والنفوذ في منطقة الساحل. 

ويربط إبراهيم، في حديث لـ"العربي الجديد"، بين زيارة كوهين والزيارتين المنفصلتين لكل من قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو لتشاد في يومين متتاليين أعقبها بعد ذلك مباشرة زيارة الرئيس التشادي لإسرائيل لافتتاح سفارة بلاده هناك.

وأشار إلى أن الزيارة تجاهلت تماماً لقاء قائد الدعم السريع، وهو ما حدث لأول مرة بحضور زائر للبلاد دون أن يلتقي حميدتي.

ولم يستبعد إبراهيم أن "تلقي الزيارة بظلالها على العملية السياسية وعلى الاتفاق الإطاري خاصة، لأنها رجحت كفة البرهان الذي لديه بعض المواقف من الاتفاق الإطاري، وجاءت خصماً على حميدتي المندفع بقوة نحو التسوية السياسية". ونبه إلى أن قوى الحرية والتغيير ليس لديها مواقف مبدئية رافضة للتطبيع، وإنما تشتكي فقط من إتمامه عبرالعسكر وليس عبر القوى المدنية.

المساهمون