أحزاب جزائرية تطلق مبادرة سياسية "للمّ الشمل".. إليك أبرز محاورها

أحزاب جزائرية تطلق مبادرة سياسية "للمّ الشمل".. إليك أبرز محاورها

01 يونيو 2023
تشارك عشرة أحزاب جزائرية في المبادرة (بلال بن سالم/Getty)
+ الخط -

توقع تسعة أحزاب سياسية ومجموعة من النقابات العمالية والجمعيات المدنية على وثيقة مبادرة سياسية "للم الشمل"، يوم الأحد مقبل، أُطلق عليها مبدئياً اسم "المبادرة الجماعية الوطنية لتعزيز التلاحم وتحقيق النهضة".

وتسعى المبادرة لدعم مؤسسات الدولة وتحصين الجبهة الداخلية وطرح إصلاحات اجتماعية وخطة اقتصادية تمتد إلى عام 2040، وتقترح القوى الموقعة على المبادرة موعداً لتنفيذها بحلول شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بالتزامن مع عيد ثورة  الجزائر. وعبرت قوى معارضة عن شكوك بالمبادرة من جهة ارتباطها برهانات وترتيبات تخص دعم الرئيس عبد المجيد تبون في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل 2024.

خمسة محاور

وتشترك في المبادرة السياسية تسعة أحزاب، هي حركة البناء الوطني، وجبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، وصوت الشعب، وجبهة المستقبل، وهي القوى التي تشكل الحزام الحكومي الداعم لسياسات تبون، إضافة إلى حزب الكرامة، واتحاد القوى الديمقراطية الاجتماعية، وتجمع أمل الجزائر، وحركة النهضة.

ورفضت حركة مجتمع السلم المعارضة، أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد، الانخراط في المبادرة بعدما كانت شاركت في الاجتماع التمهيدي، لكنها قررت اعتبار نفسها غير معنية بذلك لأسباب وتقديرات سياسية.

كما تشارك نقابات عمالية، كالاتحاد العام للعمال الجزائريين وكونفدرالية أرباب الأعمال ونقابة الصيادلة، وثلاث منظمات مدنية هي منظمة أبناء الشهداء والكشافة وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ومنظمة حماية المستهلك.

وأنهت القوى السياسية والمدنية في الجزائر آخر اجتماعاتها التشاورية، أمس الأربعاء، وخلصت إلى صياغة نهائية لأرضية المبادرة سيتم التوقيع عليها خلال اجتماع قادة ورؤساء الأحزاب المقرر الأحد المقبل، وتتضمن حزمة أفكار ومقترحات عملية موجهة إلى السلطات العليا لدعم الجبهة الداخلية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبهدف التوصل إلى "رؤية تشاركية لإرساء دولة قوية واقتصاد تنافسي ومنظومة اجتماعية عادلة وأمن قومي".

وبالإضافة إلى المحور السياسي المذكور، ترتكز المبادرة على أربعة محاور أخرى، أبرزها محور السياسة الخارجية والأمن القومي، وتطالب باستغلال الاستقرار الذي تشهده البلاد لـ"استكمال ضمان الأمن القومي بكل أبعاده، من خلال مشروع وطني متكامل لا إقصاء فيه، يدعم المكاسب الوطنية في الحقوق والحريات، وتعزيز مبدأ الوحدة الوطنية وتكريس الديمقراطية التشاركية".

وتطرح المبادرة في المحور المجتمعي مقترح "تفعيل الخطاب الديني منعاً لفتاوى الاختراق ومنع تكرار تجربة التسعينيات الأليمة، ومراجعة المنظومة التعليمية لترسيخ الثوابت، ودعم الإنتاج الدرامي الذي يمجد تاريخ التجربة الثورية، ومراجعة المنظومة الإعلامية".

ويشمل المحور الاقتصادي من المبادرة الدعوة إلى اعتماد إصلاحات هيكلية تدريجية، وتحث على "التوافق بين مختلف القوى الوطنية والفاعلين الاقتصاديين على رؤية اقتصادية واضحة لسنوات 2040 لبناء اقتصاد تنافسي يسمح بالتحضير للولوج إلى مجموعة بريكس، والاستثمار في العلوم والتكنولوجيا والطاقات المتجددة والتحول الطاقوي، وإعادة تنظيم الزراعة والسياحة وعصرنة البنوك".

فيما يشمل المحور الاجتماعي تعزيز الطابع الاجتماعي للدولة، ومراجعة نظام الدعم ومنظومة التأمين الاجتماعي، وتوسيع منح العمل النقابي، وفتح قنوات الحوار الاجتماعي، وترشيد الإنفاق في مجال الإسكان.

غموض آليات التنفيذ

وتعتبر القوى الموقعة على المبادرة أن الدافع إلى إطلاقها والتوافق بشأنها يرتبط "بالتحولات الجوهرية التي يشهدها العالم"، ما يفرض حسبها "التصدي بشكل موحد للمؤامرات الرامية إلى زعزعة الثقة في الصف الوطني".

وفيما يجري ترتيب لقاء بين وفد من القوى المشاركة في المبادرة السياسية مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لتقديم الوثيقة إليه، لا يكشف نص المبادرة عن الآليات السياسية والعملية التي يمكن من خلالها تطبيق حزمة الأفكار والمقترحات الواردة في المبادرة.

وفي السياق، تعتبر بعض القوى المشاركة في المبادرة أن مشكلة الآليات تظل العقدة الرئيسية في المبادرة، وقال رئيس حزب الكرامة، محمد الداوي، لـ"العربي الجديد"، "نعتقد أن السلطة نفسها، ممثلة في تبون، سبق أن طرحت فكرة مبادرة لم الشمل وتم الحديث حينها عن الحاجة إلى تحصين البلاد ومد السلطة يدها لكل القوى نحو اتفاق بين الرئاسة وكافة القوى لبدء مرحلة جديدة"، مضيفاً: "عندما يطلع الرئيس على المبادرة، سيصبح هناك التزامات وفقاً لآليات ممكنة كتعديل الحكومة وتوجيهات جديدة يمكن أن تضع مضمون المبادرة أو الجزء الممكن منها موقع تنفيذ، دون أن ننسى الحاجة الماسة إلى كل تدبير يلملم الشمل ويرد المظالم إلى أهلها".

غياب ملف الحريات

ويبرز في الأرضية تغييب واضح لقضايا الحريات والممارسة الديمقراطية، حيث تلافت القوى المشاركة في المبادرة السياسية تضمين أرضية المبادرة ما يتعلق بقضايا الحريات السياسية والمدنية والمسألة الديمقراطية، ومطالبة السلطات بصراحة رفع التضييق والإكراهات القائمة على وسائل الإعلام والنشاط السياسي والنقابي.

ويلاحظ في السياق غياب القوى السياسية التقدمية المعارضة عن المبادرة، كجبهة القوى الاشتراكية وحزب جيل جديد وحزب العمال وغيرها، حيث رفضت هذه الأحزاب الانخراط في المبادرة، بسبب ما وصفه القيادي في "جيل جديد"، حبيب ابراهيمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بـ"غموض الغايات السياسية للمبادرة وعدم وجود نقاش مسبق بشأنها وآلياتها الممكنة".

وتذهب شكوك بعض قادة القوى السياسية المعارضة إلى أن تكون المبادرة مرتبطة بترتيب مبكر لتشكيل ائتلاف سياسي ومدني يتحول إلى تكتل يدعم ترشح تبون لولاية رئاسية ثانية في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل 2024.