أحزاب جزائرية تطالب بمكافحة جدية للفساد.. ومقري يحذر من نشوء "عصابة جديدة"

15 نوفمبر 2021
رئيس "حركة مجتمع السلم" عبد الرزاق مقري (العربي الجديد)
+ الخط -

لم يغب ملف مكافحة الفساد وملاحقة المتورطين في نهب المال العام وتخليص البلاد من مخلفات فترة حكم ما تصفه السلطات الجزائرية الحالية بـ"العصابة" عن خطابات قادة أحزاب سياسية، خلال الحملات الدعائية للانتخابات الجزائرية البلدية والولائية المقررة في 27 من الشهر الجاري.

وبرز تباين واضح إزاء الدعوات لإقرار مصالحة اقتصادية مع المتورطين في نهب المال العام مقابل استعادة الأموال المنهوبة لصالح الدولة.

وحذر رئيس "حركة مجتمع السلم" عبد الرزاق مقري من إمكانية نشوء مرحلة فساد جديدة في الجزائر في حال لم يتم توفير الشروط الموضوعية المساعدة على محاربة الفساد.
وقال مقري في تجمع شعبي عقده أمس الأحد في مدينة ورقلة، جنوبي الجزائر، لدعم مرشحي حزبه، إنه يتعين "عدم السماح لعصابة أخرى تأتي مكان العصابة السابقة"، مضيفا أن "مكافحة الفساد ليس مجرد كلام وتصريحات".

وبرأي مقري، فإن "عهد الفساد لن ينتهي حتى يستقل القضاء، ولا يمكن إنهاء عهد الفساد دون قضاء مستقل وإعلام حر، ودون شخصيات وطنية قادرة على النهوض بالبلاد"، داعيا إلى تحرير المبادرة السياسية والاقتصادية وخلق مناخ للتنافس، كخيار يجفف منابع الفساد".

وتابع قائلا إنه "لا يمكن إنهاء عهد الفساد دون تدافع وتنافس بين المؤسسات والأفكار وحياة سياسية تبنى على الاختيار الحقيقي للمواطنين"، مشدداً على أن "إنهاء عهد الفساد لا يتحقق إلا بالرقابة على الشأن العام والتدافع بين الأفكار والمؤسسات، وإذا لم يحدث هذا الأمر فستبقى الدولة تعيش تحت رحمة عصابة تخلف عصابة على حساب مصالح البلاد والعباد".

من جهته، طالب رئيس "حركة البناء الوطني" عبد القادر بن قرينة (مشارك في الحكومة)، في تجمع انتخابي أخيراً بولاية مستغانم، غربي الجزائر، بتعزيز آليات محاربة الفساد عبر القطيعة مع الممارسات السابقة.

وقال إن التوجه نحو بناء الدولة الجديدة يفرض "محاربة جدية لكل أشكال الفساد السياسي والإداري المالي، وإقرار قطيعة تامة مع ممارسات تبديد المال العام ومع كل أشكال ممارسات استغلال الوظيفة لأغراض خارجة عنها".

كذلك دعا إلى "إنهاء ممارسات منح امتيازات غير مبررة أو لغير أصحابها، وإحداث قطيعة حقيقية مع المحاباة ومع الرشوة عند إبرام صفقات، وتكريس مبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع".

ومع أن رئيس "جبهة المستقبل" عبد العزيز بلعيد (حلت خامسة في الانتخابات الماضية)، يؤكد أن الجزائر يجب ألا تتراجع عن محاربة الفساد، ويجب منع تكرار الممارسات السابقة التي سمحت بنشوء مجموعات من المافيا والمستفيدين من نهب المال العام، فإنه دعا في الوقت نفسه إلى معالجة مشكلات وقضايا الفساد السابقة ضمن سياقها السياسي الذي تمت فيه.

مقري.. الأمن يحكم في الانتخابات

وجدد بلعيد دعوته التي كان قد أطلقها في شهر إبريل/ نيسان الماضي، والقاضية بإبرام مصالحة اقتصادية مع رجال الأعمال والمسؤولين المتورطين في الفساد لاستعادة أموال الشعب، مقابل تخفيض العقوبات بحقهم.

جدل المصالحات بالجزائر

واستحضر بلعيد أخيراً خلال تجمع شعبي لدعم مرشحي حزبه في ولاية سطيف، شرقي الجزائر، إقدام الدولة على عقد مصالحة في التسعينيات مع عناصر المجموعات المسلحة بدافع تحقيق استقرار أمني في البلاد، وربطها بالمصالحة الاقتصادية مع رجال الأعمال التي يدعو إليها.

لكن الحكومة الجزائرية لا تبدو متحمسة لهذا النوع من المصالحات التي قد تثير المزيد من الجدل السياسي في البلاد، إذ أعلن وزير العدل عبد الرشيد طبي، في تصريح له أخيرا، أن تسوية ملفات الفساد والمزمع إدراجها ضمن قانون مكافحة الفساد الجارية مراجعته حاليا لن تكون بالإفراج عن المسجونين بتهم تتعلق بقضايا الفساد.

وأوضح أنها "ستتم في شكل تسوية مع الأشخاص المعنوية خاصة الشركات الأجنبية لربح الوقت والجهد واسترجاع الأموال المنهوبة"، مضيفا أن "إجراء التسوية في قضايا الفساد سيمس الشركات والأشخاص المعنوية وخاصة الشركات الأجنبية وليس الأشخاص الطبيعيين كما تم فهمه من قبل الرأي العام".

وشدد وزير العدل على أن "التسوية تكون بتوقيف المتابعات الجزائية (في حق الشركات) مقابل استرجاع الأموال المنهوبة، كآلية من آليات مكافحة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة".

أوضح الوزير أن "الهدف من هذا الإجراء المعمول به في كل الأنظمة العالمية هو توقيف المتابعات الجزائية مقابل استرجاع الأموال المنهوبة بما يسمح بربح الوقت وتمكين الخزينة العمومية من استرداد الأموال، وخاصة أن جرائم الفساد لا تسقط بالتقادم".

المساهمون