أحزاب جزائرية تحذر من انتخابات نيابية مسبقة قبل إجراء حوار وطني

16 ديسمبر 2020
حركة مجتمع السلم تدعو تبون للتراجع عن اعتماد سياسة الأمر الواقع (فرانس برس)
+ الخط -

عبرت أحزاب سياسية جزائرية عن قلقها عقب إعلان الرئيس عبد المجيد تبون عزمه على التوجه لتعديل قانون الانتخابات، تمهيداً لإجراء انتخابات نيابية مسبقة دون توفير شروط سياسية وإجراء حوار وطني يضمن نجاح هذه الخطوة، وسط تحفظات معلنة على تشكيلة اللجنة التي عهد إليها تبون بصياغة قانون انتخابات جديد.  

وبشأن إجراءات السلطة الرامية لإجراء انتخابات نيابية مسبقة، أعلنت حركة مجتمع السلم، وهي أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، عن تحفظها لما تعتبره مغامرة سياسية جديدة تتكرر فيها أخطاء المرحلة السابقة نفسها. 

 ودعت الحركة الرئيس تبون إلى "التراجع عن اعتماد سياسة الأمر الواقع التي لم تفلح مطلقاً في إصلاح أوضاع البلد، وتدعو إلى اعتماد الحوار والتوافق الوطني لتوفير الشروط المناسبة لبعث مسار انتخابي شفاف وعادل ونزيه". 

ويتحفظ الحزب الإسلامي على تشكيلة لجنة صياغة القانون الجديد برئاسة الخبير الدستوري أحمد لعرابة، وهي نفسها التي أثارت جدلاً صاخباً عند صياغتها لمسودة الدستور الجديد. وتطالب عدة أحزاب بتغيير تشكيلة اللجنة، لكن السلطة لا ترى داعياً لذلك، باعتبار أن القانون سيُناقش في البرلمان.

وأمس، قال رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات إن الهيئة تنتظر صدور قانون الانتخابات الجديد لإعادة توضيح وضع وصلاحيات السلطة العليا المستقلة للانتخابات، وكشف أن اللجنة ستوجه الدعوة لعديد الشخصيات الوطنية لمناقشة والتباحث في بنود هذا القانون الجديد.  

وحذرت الحركة من مخاطر المراحل الانتقالية التي تدعو لها بعض الأطراف لتنفيذ مخططاتها باستغلال مؤسسات الدولة، ودعت كل القوى الوطنية إلى العمل المشترك وتوحيد الكلمة والتعاون من أجل ضمان الحريات وإصلاح أوضاعنا الداخلية، وحماية البلد والتعامل بمسؤولية وإعطاء الأولوية لحل الأزمات بدل تعميقها.

وحملت الحركة، في السياق نفسه، السلطة "مسؤولية حالة الضعف والتشتت في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بسبب سوء التدبير، واستمرار ذهنية الأحادية والفوقية، وتغلغل القوى العلمانية المتطرفة، بما جعلها تهدر الطاقة الكبرى التي أنشأها الحراك الشعبي، وتضيع فرصا متتالية للإصلاح، وتعمق اللاثقة وتتسبب في انغلاق الأفق، وتحملها مسؤولية التصحيح وتوفير شروط التلاحم الوطني".  

وكان الرئيس الجزائري قد أعلن، الأحد الماضي، من مشفاه في ألمانيا، تكليفه مؤسسات الرئاسة بالتنسيق مع لجنة صياغة القانون الجديد للانتخابات لاستعجال صياغته في غضون 15 يوماً، للانطلاق في العملية الانتخابية، تنفيذاً لتعهداته السياسية التي أعلنها في السابق بتنظيم انتخابات نيابية مسبقة لتشكيل برلمان جديد قبل نهاية السنة الجارية، لكن ظروفه الصحية حالت دون استكمال مسار تنظيمها.

 وفي21 سبتمبر/ أيلول الماضي، كلف تبون خبراء في القانون الدستوري، أغلبهم من اللجنة التي تولت صياغة مسودة الدستور، بصياغة مشروع قانون جديد للانتخابات، يتضمن وضع مقاييس انتخابية جديدة تخص شروط وضوابط الترشح على ضوء التجارب السابقة وإنهاء تدخل المال السياسي في الانتخابات ومنع المحاصصة في توزيع المقاعد وشراء الذمم، وتشجيع الشباب، لا سيما الجامعيين منهم، على الترشح.  

من جهتها، عبرت جبهة القوى الاشتراكية عن المخاوف السياسية نفسها التي أعلنتها حركة مجتمع السلم بشأن الإصرار على إجراء انتخابات دون حوار وطني. وقال القيادي في الجبهة جمال بالول، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الذهاب إلى الانتخابات النيابية في ظل الظروف نفسها التي جرى فيها الاستفتاء على الدستور، مغامرة غير محسوبة العواقب. 

 وقال إن "المضي قدماً في خريطة طريقها الانتخابية المرفوضة من غالبية الشعب سيؤدي إلى هشاشة الدولة وتضييع فرصة للتغيير السلمي"، مضيفاً أنه "لا يمكن التمسك والتعنت في تنظيم انتخابات نتيجتها معروفة ومحسومة مسبقاً بمقاطعة ورفض الشعب لها".

وأردف "يتطلب الوضع من القائمين على السلطة في البلاد مراجعة تعنتهم في المضي قدماً في تنفيذ خريطة طريق وحلول مرفوضة من الشعب ومعظم مكونات المجتمع والفواعل السياسية". 

وفي السياق نفسه، حذر الناشط السياسي ورئيس حزب الاتحاد الديمقراطي كريم طابو، في مؤتمر صحافي، من أن تكون الانتخابات المقبلة "مناورة سياسية جديدة للسلطة" تعزز المأزق الراهن في البلاد.

واقترح طابو، في المقابل، أن يسبق ذلك إطلاق مسعى وطني "لإدخال البلد في مسار سياسي موحد لكل القوى والتوجهات يؤدى لتأسيس دولة القانون، وتوفير كل الآليات التي تضمن تكريس دولة القانون، ووضع آليات انتخابية شفافة وديمقراطية  تضمن احترام السيادة الشعبية". 

وأشار إلى أن "هذا المسعى يؤدي إلى حل كل المسائل الرئيسية والمهمة التي تعاني منها البلاد، وإحداث التغيير عبر انتخاب هيئة تأسيسية وطنية وسيدة".

المساهمون