وجدت أحزاب الكتلة الديمقراطية في تدني نسبة المقاطعة والنتائج التي آلت إليها الانتخابات النيابية المبكرة في الجزائر، والتي كرّست عودة الأحزاب التقليدية، وبخاصة أحزاب السلطة التي كان قد طالب الحراك الشعبي منذ تظاهرات فبراير/ شباط 2019 باستبعادها، فرصة للتذكير بما تعتبره صحة تقديرها بعدم إمكانية أن تتيح الظروف التي جرت فيها الانتخابات تغييراً يتطابق مع المطلب الشعبي.
ووصف حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، الانتخابات النيابية التي جرت السبت، بـ"المهزلة"، وذكر في بيان أن "المهازل الانتخابية تستمر في البلد وتتكامل، ويستمرّ معها تعميق الفجوة بين السلطة والشعب. آخرها كشفت لنا عن جهل الحكّام بأثر سياستهم غير المحسوب على مصير الأمة. ولقد أظهر تكرار مثل هذه الانحرافات بوضوح عجزهم عن خلق طموح لاسترجاع ثقة الشعب في المؤسسات وخلق استقرار سياسي للبلد".
وحمّل الحزب الذي رفض المشاركة في هذه الانتخابات، السلطة مسؤولية تضييع فرصة حقيقية لبعث توافق سياسي وطني، وذكر أن "سلطة الأمر الواقع تتحمل غياب الشرعية الديمقراطية والشعبية كأساس لقوانين ومؤسسات الدولة"، مشيراً إلى أن "التضخيم والتلاعب المفضوح بنسب المشاركة، يؤكد أن التزوير الانتخابي هو الوسيلة المفضلة لانتقاء المرشحين والحفاظ على مكانة زبائن النظام في السلطة. وهي أبلغ من كل خطاب عن الوهم الذي يروّج له صنّاع القرار عن إرادتهم في محاربة الفساد والخروج من النظام المافياوي والريعي".
وثمّن "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" مقاطعة الجزائريين لمكاتب الاقتراع، وذكر أن "مثابرة الشعب الجزائري في نضاله السلمي الذي يحدوه الطموح في إقامة دول قانون ديمقراطية، هي التي صنعت الفارق".
وفي السياق نفسه، أكد حزب "العمال" أن النتائج الأولية لاقتراع 12 يونيو/ حزيران، تعود بالجزائر إلى ذات الأسباب التي فجّرت ثورة 22 فبراير/ شباط 2019، وأكد الحزب اليساري الذي قاطع الانتخابات، أن "أغلبية الشعب الساحقة عبّرت مرّة أخرى، من خلال نسبة امتناع غير مسبوقة، عن إنكار واضح لكل عملية سياسية ترمي إلى إنقاذ النظام الممقوت الموروث عن نموذج الحزب الواحد".
وأشار إلى عجز واضح للسلطة في إقناع الناخبين بالتوجه إلى مكاتب الاقتراع، وقال: "لم تتمكن الوسائل المالية والمادية الضخمة التي خصصت لهذا الاقتراع ولا توظيف خطر التدخل الخارجي، ولا الدعاية الرسمية ولا ضغط وسائل الإعلام العمومية والخاصة الداعمة للسلطة، من كسر عزيمة أغلبية الشعب أو زعزعة ضميرها الجماعي"، موضحاً أن "هذا الغضب يُعتبر بمثابة استمرارية للتعبئة العمالية والشعبية والشبانية والفئات المتوسطة المنهكة، واستمرارية لإضرابات العمال والموظفين في جل القطاعات".
من جهته، أكد السكرتير الأول لـ"جبهة القوى الاشتراكية" يوسف أوشيش، في تصريح صحافي اليوم الثلاثاء، أن المآلات والنتائج وتدني نسبة التصويت في الانتخابات، تؤكد بوضوح أن الجزائريين لم يكونوا مهتمين بها، وكانت لديهم انشغالات مغايرة، وقال: "سبق أن نبهنا السلطة إلى ذلك، وطالبنا بأن تُوفَّر أولاً ظروف مناسبة لإجراء الانتخابات، تسمح للجزائريين بالتعبير الحر والذهاب إلى مكاتب التصويت، بما فيها إطلاق سراح المعتقلين، ورفع التضييق على الحريات، ووقف الضغوط الموجهة ضد الأحزاب والجمعيات المعارضة، وفتح الفضاء السياسي والإعلامي"، مشيراً إلى أن "كل الدلائل كانت تؤكد أن إجراء الانتخابات في ظروف متوترة لن يسمح بإحداث أية ديناميكية للتغيير".
وكانت أحزاب "جبهة القوى الاشتراكية" وحزب "العمال" و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" وحزب "العمال الاشتراكي" وحزب "الاتحاد من أجل التغيير والرقي" و"الحركة الديمقراطية الاجتماعية"، قد رفضت المشاركة في الانتخابات النيابية، ودعت إلى مقاطعتها.