استمع إلى الملخص
- أحمد سليمان من القبيلة يشير إلى الظروف القاسية والنقص في الخدمات الأساسية، بسبب رفض الحكومة إصدار بطاقات تعريف لهم أو الاعتراف بهم رسميًا.
- الشيخ محمد العزامي يعبر عن أمل في اعتراف الدولة بالقبيلة كمواطنين مصريين، خاصة مع دورهم كحماة على الحدود الشرقية، لكن يواجه هذا الأمل تجاهلاً ورفضاً من الحكومة.
في خضم تصاعد الأحداث على الحدود الشرقية لمصر، مع استمرار حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ ثمانية أشهر، بلغ الاحتلال محور فيلادلفيا، الفاصل بين قطاع غزة ومصر. وتعالت المطالب بضرورة اتخاذ الدولة المصرية إجراءات للمحافظة على أرض سيناء من المطامع الإسرائيلية، التي لم تفلح دولة الاحتلال في إخفائها خلال هذه الحرب، بمحاولة تهجير الفلسطينيين نحو الأراضي المصرية. ولعل من أبرز الخطوات التي دعا لها أهالي سيناء، الاهتمام بتوفير الاحتياجات الأساسية لهم، وبرز بين الأهالي قضية قبيلة العزازمة القاطنة في سيناء منذ عقود، من دون الحصول على اعتراف بهم الدولة المصرية رغم تبدل الحكومات والأنظمة فيها.
أحمد سليمان: ترفض الدولة المصرية تسجيل قبيلة العزازمة في أي إجراء حكومي رسمي
مشكلة قبيلة العزازمة
وبدأت مشكلة قبيلة العزازمة منذ عقود، حين انقسمت القبيلة بين سيناء والنقب والأردن وبلدان أخرى، إلا أن قضيتهم في سيناء مختلفة، في ظل عدم رغبة الدولة بالاعتراف بهم مواطنين مصريين لهم الحقوق الكاملة. وحول ذلك، قال أحمد سليمان، وهو أحد أفراد القبيلة، الساكن على مسافة عدة كيلومترات بين الحدود المصرية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، إن "أفراد القبيلة المقيمين على أرض سيناء لا يزالون يعيشون الظلم الذي نال من أعمار أجدادهم وآبائهم وأبنائهم وأحفادهم". وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الدولة المصرية لا تعترف بحقوقهم المشروعة بما هم مواطنون على أرض مصر، وحتى يومنا هذا ترفض الدولة إصدار بطاقات تعريف لهم، أسوةً بالمواطنين المصريين، وكذلك ترفض تملكهم للأرض، وتسجيلهم في أي إجراء حكومي رسمي".
وأشار سليمان إلى أنه من الصعب العيش في القرى العائدة لقبيلة العزازمة على الحدود الشرقية لمصر، في ظل عدم توافر الخدمات الأساسية، إلا أن السكان مضطرون للبقاء فيها، لصعوبة تحركهم داخل مصر، وعدم اعتراف أي مؤسسة حكومية أو خاصة بهم. واعتمدوا على أنفسهم في توفير كل متطلبات الحياة، بالإضافة إلى السعي وراء تعليم أبنائهم أساسيات القراءة والكتابة، والبحث عن العلاج للمرضى منهم، والحفر في الأرض بحثاً عن المياه لمنازلهم، التي سمحت لهم الدولة ببنائها من الطوب قبل عقدين، بعد أن عاشوا عشرات السنين في البيوت من الصفيح. وبيّن سليمان أن الظروف الحياتية في منطقة قبيلة العزازمة قاسية للغاية، فالوحدة الصحية التي بنتها الدولة المصرية ليست سوى مبنى فارغ من الكوادر البشرية والأجهزة الطبية، ومن غير المسموح لأبناء القبيلة استخراج شهادات الميلاد، إلا ممن كانت والدته مصرية الأصل. وهو ما دفع أبناء قبيلة العزازمة إلى العزوف عن الزواج من بنات القبيلة والاتجاه للزواج من المصريات لضمان حياة كريمة لأبنائهم. في المقابل، فإن الزواج العرفي، بحضور أفراد القبيلة، هو وحده المعترف به للمتزوجين من نساء في القبيلة، إذ لم يتم تسجيل زواج داخل القبلية في دوائر الدولة المصرية.
رفضت جهات حكومية مصرية الحديث عن العزازمة لأن موضوعها "سيادي"
التجاهل الرسمي المصري
بدوره، رأى الشيخ محمد العزامي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "قبيلة العزازمة تعتبر الحرب على الحدود فرصة للدولة المصرية كي تضم أبناء القبيلة إلى حضنها، وتعترف بهم كأبناء مصر، فهم السد العالي على الحدود الشرقية، الذين ينتمون لوطنهم مصر، ويرغبون في الدفاع عنها وحماية حدودها إذا طلب منهم ذلك، إلا أن ما نتمناه غير مطروح على طاولة الحكومة المصرية، التي تصر على عدم الاعتراف بنا أبناء هذا الشعب، وعدم التقدم خطوة للأمام على طريق الاهتمام بسيناء وأهلها، لما تمثله هذه المنطقة من أهمية للأمن القومي المصري". وأضاف العزامي، الذي رفض الحديث أكثر من مرة حول موقف القبيلة من الحرب على غزة والموقف المصري من سيناء في هذه المرحلة الحرجة، أنه لو أرادت الدولة المصرية ضرب المخططات الإسرائيلية للنيل من أرض سيناء، لزادت اهتمامها بأهالي المنطقة وفي مقدمتهم قبيلة العزازمة التي رفضت كل المغريات بالانتقال من سيناء لصحراء النقب تحت الحكم الإسرائيلي على مدار العقود الماضية. إن لقبيلة العزازمة حرصاً على البقاء في مصر والانتماء الوطني لها، بيد أن كل هذا التمسك وُوجه بتعنت مصري ورفض غير مفهوم الدوافع، في ظل عدم الاهتمام بأهالي سيناء وقبائلها، واقتصار ذلك على المقربين من الأجهزة الأمنية والجيش فقط.
ووفقاً لأهالي العزازمة فإن مطالبهم متمحورة حول اعتراف الدولة بهم وتوفير أساسيات الحياة من بنى تحتية ومؤسسات حكومية في مناطق وجودهم، إذ إن عددهم تجاوز الآلاف، رغم عدم وجود إحصاء دقيق لهم. ورفضت الجهات الحكومية المصرية في محافظة شمال سيناء، التعليق لـ"العربي الجديد"، حول هذه القضية، معللة ذلك بأنها ليست قضية محلية بل سيادية، ممنوع عليهم الحديث بشأنها. مع العلم أن محافظة شمال سيناء، شرقي مصر، شهدت حالة من عدم الاهتمام الحكومي منذ عقود طويلة، رغم معاناة الأهالي منذ الاحتلال الإسرائيلي وحقبة الإرهاب، كما نزح أهالي مدينة رفح في عام 2014، بعد إقامة الجيش المصري منطقة عازلة على الحدود مع قطاع غزة.