بدأت، اليوم الثلاثاء، الأحزاب السياسية والمستقلين في الجزائر في تقديم الطعون إلى المحاكم الإدارية في الولايات، ضد إسقاط قوائم ومرشحين من قبل اللجان الانتخابية في الانتخابات البلدية والولائية المقررة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وسط غضب متزايد من قبل الأحزاب الفاعلة، التي اعتبرت ذلك "تزويرا مسبقا" للانتخابات.
وشرعت المحاكم الإدارية في استقبال الطعون، بسبب عمليات إقصاء غير مسبوقة لعدد كبير من المرشحين تحت طائلة أسباب متعددة. ويسمح القانون الانتخابي للمقصين أو أحزابهم بتقديم طعن لدى المحكمة الإدارية الابتدائية في مرحلة أولى، وفي حال أيدت المحكمة الإدارية قرار الإقصاء، فمتاح للمعنيين رفع الطعن إلى درجة الاستئناف سعيا للحصول على حق الترشح، ويتعين على المحاكمة الإدارية الفصل في كل الطعون استعجاليا قبل 24 من الشهر الجاري، وفي حال قررت المحكمة إعادة المرشح، فإن اللجنة الانتخابية مطالبة بتطبيق القرار.
ووفقا لتجربة الانتخابات النيابية الماضية، فإن عددا قليلا من المقصين استفادوا من قرارات من المحاكم الإدارية التي أعادتهم إلى السباق الانتخابي، خاصة بالنسبة للمرشحين الذين تم إقصاؤهم على أساس المادة 184 من القانون الانتخابي، والمتعلقة بالشبهة الأمنية أو الفساد المالي أو التورط في المال السياسي واستخدامه في استحقاقات انتخابية سابقة.
وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد كشف، قبل أسبوع، عن رقم أولي، وقال إنه تم إقصاء 750 مرشحا تنطبق عليه شبهة المال السياسي من الترشح للانتخابات، لكن هذا الرقم يتجاوز في الوقت الحالي ألفي مرشح.
وتصف الأحزاب المادة 184 بالهلامية، إذ يتم تطبيقها على المرشحين بمجرد تحقيق، وبموجب قرار أمني غامض يجد لدى المرشح مشاركة في الحراك الشعبي أو أنشطة سياسية في الخارج على سبيل المثال، من دون أن يستند ذلك إلى صدور أي حكم قضائي ضد المرشح المعني بالقرار، أو خضوعه للملاحقة القضائية.
وعبرت "جبهة القوى الاشتراكية"، أقدم أحزاب المعارضة الجزائرية، عن استياء بالغ بسبب "عديد حالات الرفض التي طاولت مرشحيها ضمن القوائم البلدية والولائية المودعة"، وندد الحزب بما وصفه بـ"التجاوزات والتسيير الأمني المفرط للعملية الانتخابية التي تبقى عملية سياسية، ولا يمكن النظر إليها إلا وفق هذا المنظور، إذ اعتمدت سلطة الانتخابات حصرا وخضعت كليا للتقارير الأولية المتأتية من المصالح الأمنية، من دون أدلة مادية قطعية أو أحكام قضائية نهائية"، مشيرة إلى أن "أسباب الرفض تظل مبهمة، ولا تملك أي سند قانوني، وتفتقد إلى المعالجة الموضوعية، وبينها رفض المترشحين بمبرر النشاط السياسي السلمي وآرائهم المعارضة".
وقبل "جبهة القوى الاشتراكية"، كانت "حركة مجتمع السلم"، أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد، قد هددت أمس الاثنين بخيار الانسحاب من الانتخابات وإجراء تنسيق مع عدد من القوى السياسية، لاتخاذ موقف موحد بشأن ما وصفته بـ"مهزلةٌ حقيقية، وصفحة سوداء في جبين الديمقراطية في البلاد، وانتهاكات خطيرة وتجاوزات كثيرة في حق المترشحين".