احتشد الآلاف من التونسيين في العاصمة، اليوم السبت، بدعوة من "جبهة الخلاص الوطني"، للتنديد بسياسات وإجراءات الرئيس قيس سعيّد، وما آلت إليه الأوضاع في تونس، محذرين من تداعيات الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الخانقة على المستويات كافة.
وتوافدت أعداد كبيرة من المواطنين إلى العاصمة تونس قادمين من مدن أخرى، رغم التضييقات الأمنية. ورفعت في شارع بورقيبة، شعارات: "ارحل" و"أوفياء أوفياء لدماء الشهداء"، و"اليوم اليوم يرحل قيس"، و"يسقط يسقط الانقلاب".
وقال رئيس "جبهة الخلاص الوطني"، أحمد نجيب الشابي، في كلمة له أمام المتظاهرين، إنّ "قيس سعيّد الآن في عزلة وكل المسارات التي نظمها من استشارة وطنية واستفتاء على الدستور كانت فاشلة"، مؤكداً أنّ "الآلاف من التونسيين خرجوا اليوم بصوت واحد لكي يقولوا كفى مهانة، وكفى انقلاباً"، مشيراً إلى أنّ تونس "في حالة غليان في مناطق عدة في حي التضامن والانطلاقة وجرجيس وفي كل مدينة".
وأضاف الشابي أنه "بعد سنة ونصف السنة من الانقلاب لم يجن التونسيون سوى الخراب، والبطالة وغلاء الأسعار"، مبيّناً أنّ "جلّ هذه التحركات التي قد يرى البعض أن لا طائلة منها، هي في الحقيقة تتصدى للانقلاب ولوضع حد لمغالطاته، وجبهة الخلاص بفضل تحركاتها تحولت إلى القوة الأولى في تونس".
وبيّن أنّ رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي (التي كانت في نفس التوقيت تتظاهر بدورها وسط العاصمة تونس) "تريد استئصال جزء من الشعب وخاصة الإسلام السياسي، ولكن هذه الأفكار لا موطن لها في تونس".
وشدد على أنّ "الأحداث تتسارع وسيكونون بالمرصاد لأي مستجدات، وسيتم إكمال المشوار، وسيسقط الانقلاب، وتونس تحتضن كل أبنائها".
"آن الأوان لإسقاط الانقلاب"
من جانبه، أكد عضو مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، جوهر بن مبارك، أنّ "قيس سعيّد أهان شعبه، ولكن الشعب سيهينه، وسيبقى سجين انقلابه وحفرته التي وقع فيها".
وأضاف بن مبارك أنّ "الآلاف يشاركون في مسيرة اليوم مرددين يسقط الانقلاب، وقد آن الأوان لإسقاط الانقلاب، وبهذا التجمع الغفير وغيره تم دحض أكاذيب الانقلاب عن الشرعية الشعبية". وأوضح أنّ "انتخابات سعيد هي انتخابات وهمية، يعد لها والبلاد في أزمة خانقة".
وقال بن مبارك إنّ "جبهة الخلاص لن تزكي قيس سعيّد ولن تعترف بنتائج انتخاباته ولا بالبرلمان المنتخب"، مؤكداً أنّ "المعركة اليوم هي معركة الحرية والوطن".
ومضى قائلاً: "في ذكرى عيد الجلاء (يوم 15 أكتوبر 1963 تم إجلاء آخر جندي فرنسي من تونس في بنزرت) سيجلي الشعب سعيّد وهاهم يقفون للمرة 13 في مسيرة حاشدة في وجه الانقلاب"، مبيّناً أنّ "عديد الأطياف شاركت اليوم من حراكات مدنية وسياسية مختلفة، من حي التضامن ومن جرجيس والجميع صوت واحد".
ومنذ 25 يوليو/ تموز 2021، تعيش تونس أزمة سياسية منذ أن بدأ الرئيس سعيّد فرض إجراءات استثنائية منها حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وتمرير دستور جديد للبلاد في 25 يوليو الماضي وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات "انقلابا على دستور 2014 (دستور الثورة) وتكريسا لحكم فردي مطلق"
بدورها، أشارت النائبة الأولى لرئيس البرلمان والقيادية في حزب قلب تونس، سميرة الشواشي، إلى التقدّم بقضية ضد رئيس الجمهورية قيس سعيّد "لأنه يقوم بتشويه صورة النواب والسياسيين"، مبيّنة أنّ "الشارع يتكلم اليوم وهو صف واحد ضد الانقلاب الذي أفسد الحياة العامة والسياسية وتسبب في أزمة خانقة لم تعرف لها البلاد مثيلاً".
وفي السياق، أكد القيادي في حركة النهضة، محمد القوماني، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه "في هذا اليوم 15 أكتوبر ذكرى الجلاء في تونس وطرد المستعمر الفرنسي من أرض بنزرت وسقوط عديد الشهداء وفي هذه الذكرى، يخرج التونسيون لإجلاء الأحزان التي يعيشونها، والتنديد بالإنقلاب الأسود الذي وضع يده على البلاد في 25 يوليو".
وأكد القوماني أنّ "هذا اليوم هو جلاء لمفقودي الهجرة السرية، الذين غرقوا في قوارب الموت بينما تنتشل الجثث وتدفن في مقبرة للغرباء".
وأضاف أنّ "للديمقراطية أنصارها واليوم يتظاهر الآلاف لأنه ليس من حق سعيد اختطاف الوطن، ولا يحق ذلك لا للدكتاتورية الناشئة ولا للفاشية الزاحفة من قبل عبير موسي التي تتحدث باسم الوطن"، مبيّناً أنّ "الهدف هو جمع الأمس باليوم وجمع جميع الفرقاء والمعارضة في كلمة واحدة".
خطى ثابتة
وترى عضو مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، شيماء عيسى، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "حضور الآلاف اليوم في شارع بورقيبة، دليل على أنّ المعارضة تسير بخطى ثابتة، واليوم ليست المعارضة فقط من يحتج، بل حتى الشارع الاجتماعي، والجميع صوت واحد ضد ما يحصل"، مؤكدة أنّ الوضع العام "سيئ وهناك احتقار من الدولة للذات البشرية، وكل هذا غير مقبول".
وأوضحت أنّ "شباب تونس ونساءها ورجالها في شارع الثورة احتجاجاً، لأنهم غير مطمئنون على مصيرهم"، مبيّنة أنّ "الانقلاب يجب أن يرحل وهو راحل دون شك".