لم تعلن الحكومة المصرية حتى الآن الزيارة المرتقبة لرئيس جهاز المخابرات اللواء عباس كامل، للعاصمة الأميركية واشنطن، ولم تردّ على الجدل الدائر حول الزيارة، ولا سيما في الأوساط الحقوقية الأميركية، التي دعا بعض منها إلى مساءلة عباس كامل عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر.
وفي السياق، اختارت صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن تكون افتتاحيتها اليوم خاصة بزيارة الرجل الأقرب إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومدير مكتبه السابق اللواء عباس كامل.
وقالت "واشنطن بوست" إن السيسي الذي وصفه الرئيس السابق دونالد ترامب بأنه "الديكتاتور المفضل لديه"، نأى بنفسه في البداية عن الرئيس بايدن، الذي تعهد بأن السيسي لن يحصل على "المزيد من الشيكات على بياض" من البيت الأبيض. وأضافت أن ذلك كان قبل أن تثبت مصر فائدتها في إنهاء الحرب الأخيرة بين "إسرائيل" وحركة حماس في قطاع غزة.
وأشارت الصحيفة إلى تلقي السيسي مكالمة هاتفية من بايدن في أواخر الشهر الماضي يشكره على "الدبلوماسية الناجحة"، واقترحت الإدارة 1.3 مليار دولار كمساعدة عسكرية للقاهرة في ميزانيتها الدفاعية دون شروط حقوق الإنسان، وقالت الصحيفة إن ذلك في جوهره "شيك على بياض".
وأضافت الصحيفة الأميركية في افتتاحيتها أن هذا الأسبوع "يأتي بمعروف آخر للنظام، وهو زيارة رئيس المخابرات المصرية وأحد مساعدي السيسي المقربين إلى واشنطن".
وذكرت أن واشنطن "يجب أن تخجل من توقيت الزيارة، فبينما تقول الإدارة إن الدفاع عن حقوق الإنسان أمر أساسي لسياستها الخارجية، تأتي الزيارة بعد أسبوع فقط من تصديق محكمة في القاهرة على أحكام الإعدام بحق 12 سجيناً سياسياً. ومعظم المدانين شخصيات بارزة في جماعة الإخوان المسلمين، التي فازت بالعديد من الانتخابات الديمقراطية في مصر بعد عام 2011 قبل إطاحة حكومتها بانقلاب عسكري عام 2013 بقيادة السيسي".
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أنّ المحكومين اعتُقلوا إثر هجوم الجيش على مظاهرة مناهضة للانقلاب "نتجت منها واحدة من أكثر المذابح دموية في القرن الحادي والعشرين"، حيث قتل ما لا يقل عن 800 مدني، وقد حُكم على الـ 12 معتقلاً بالإعدام بعد محاكمة جماعية لـ739 متهماً، وصفتها عموماً جماعات حقوق الإنسان والحكومات الديمقراطية بأنها محاكمة غير عادلة، مضيفة أن أحكام الإعدام صدرت بحق عبد الرحمن البر، كبير علماء جماعة الإخوان المسلمين، ومحمد البلتاجي النائب السابق، وأسامة ياسين، الوزير السابق في الحكومة، وهم من بين الذين صدقت عليهم أعلى محكمة مصرية "غير مستقلة عن نظام السيسي" على حد وصف الصحيفة.
ويمنح القانون المصري السيسي 14 يوماً - أو حتى أوائل الأسبوع المقبل - للعفو عن السجناء أو تخفيف أحكام الإعدام الصادرة بحقهم. وإلا فمن المحتمل إعدامهم.
وأضافت أنه في ظل ما تحوّل لواحد من أكثر الأنظمة قمعاً في تاريخها الحديث، تتقاسم مصر الصدارة مع ثلاث دول، هي الأكثر تنفيذاً لأحكام الإعدام في العالم.
وقالت الصحيفة إنه "يجب أن يسأل كبار المسؤولين الأميركيين وأعضاء الكونغرس، عباس كامل عما إذا كان رئيسه ينوي شنق عشرات المعارضين السياسيين الذين كانت جريمتهم دعم الحكومة المنتخبة ديمقراطياً التي أطاحها".
"يجب أن يسأل كبار المسؤولين الأميركيين وأعضاء الكونغرس، عباس كامل عما إذا كان رئيسه ينوي شنق عشرات المعارضين السياسيين"
وأضافت أنه يجب أيضاً استجواب المسؤول المصري بشأن التقارير التي تفيد بأن جهازه دعم العمليات السعودية لاختطاف أو قتل المعارضين في المنفى، بمن فيهم الصحافي جمال خاشقجي.
وأشارت الصحيفة إلى التقارير التي أفادت الأسبوع الماضي بأن فريق العملاء السعوديين الذين قتلوا خاشقجي حصل على الأدوية المميتة التي استخدموها من القاهرة. وأفادت برقية جديدة يوم الاثنين بأن المصريين ساعدوا أيضاً في اختطاف أمير سعودي منشق من إيطاليا عام 2015، نُقل إلى السعودية ولم يُرَ منذ ذلك الحين.
وقالت الصحيفة الأميركية إن حكومة السيسي أظهرت الشهر الماضي أنها تستطيع أن تؤدي دوراً في حفظ السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. لكن النظام يظل نظاماً وحشياً يعوق ما يجب أن يكون توسعاً ثابتاً للحرية السياسية في أكثر الدول العربية سكاناً.
وختمت بالقول إن بايدن كان محقاً بشأن السيسي: "لا ينبغي أن يحصل على شيك على بياض". مضيفة أن الكونغرس، إن لم يكن الإدارة، يجب أن يضمن عدم قيامه بذلك.