أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية، في تقرير اليوم الثلاثاء، وجود أدلة تشير إلى تورط مسؤولين لبنانيين كبار في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع بتاريخ 4 أغسطس/آب 2020، وقتل 218 شخصاً، مشيرةً في المقابل، إلى أن المشاكل البنيوية في النظام القانوني والسياسي اللبناني تسمح لهم بتجنب المساءلة.
لبنان: أدلة تشير إلى تورط مسؤولين في انفجار بيروت https://t.co/crCK9SQLpP
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) August 3, 2021
ودعت المنظمة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى أن "يفوض بإجراء تحقيق، وعلى الدول التي تطبق قانون ماغنيتسكي العالمي وأنظمة عقوبات مماثلة لحقوق الإنسان والفساد معاقبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الناجمة عن الانفجار وعرقلة العدالة".
وعرضت "هيومن رايتس ووتش" في التقرير الصادر من 127 صفحة أدلة على "السلوك الرسمي، في سياق الفساد وسوء الإدارة منذ زمن طويل في مرفأ بيروت، الذي سمح بتخزين أطنان من المركّب الكيميائي القابل للانفجار، نترات الأمونيوم، عشوائياً وبطريقة غير آمنة لست سنوات تقريباً، وتسبَّب انفجار المادة الكيميائية بأحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ، ودمّر المرفأ، وألحق أضراراً بأكثر من نصف المدينة".
من جهتها، قالت مديرة قسم الأزمات والنزاعات في "هيومن رايتس ووتش، لما فقيه، إن "الأدلة تظهر بشكل كاسح أن انفجار أغسطس/آب 2020 في مرفأ بيروت نتج عن أفعال كبار المسؤولين اللبنانيين وتقصيرهم، إذ لم يبلّغوا بدقة عن المخاطر التي تشكلها نترات الأمونيوم، وخزّنوا المواد عن سابق علم في ظروف غير آمنة، وتقاعسوا عن حماية الناس".
واعتمدت "هيومن رايتس ووتش" على مراسلات رسمية، بعضها لم ينشر من قبل، متعلقة بالسفينة "روسوس"، التي جلبت نترات الأمونيوم إلى المرفأ، وحمولتها، إضافة إلى مقابلات مع مسؤولين حكوميين وأمنيين وقضائيين، لتوضيح كيف وصلت المواد الخطرة وخُزّنت في المرفأ.
كما فصّلت "هيومن رايتس ووتش" ما كان يعرفه المسؤولون الحكوميون عن نترات الأمونيوم والإجراءات التي اتخذوها أو تقاعسوا عن اتخاذها لحماية السكان.
وقالت المنظمة "تعهد مسؤولون لبنانيون بإجراء تحقيق جاد وسريع. لكن في العام الذي أعقب الانفجار، أدت العيوب الإجرائية والمنهجية في التحقيق المحلي إلى جعله غير قادر على تحقيق العدالة بشكل موثوق. وتشمل هذه العيوب عدم استقلال القضاء، وحصانة كبار المسؤولين السياسيين، وعدم احترام معايير المحاكمات العادلة، وانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة".
وأضافت فقيه "رغم الدمار الذي أحدثه الانفجار، يواصل المسؤولون اللبنانيون التملص والإفلات من العقاب بدل السعي وراء الحقيقة والعدالة".
وبينما يتوجه الرئيس اللبناني ميشال عون عند الساعة الثامنة من مساء اليوم الثلاثاء، بمناسبة الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت، برسالة إلى اللبنانيين، أشارت "هيومن رايتس ووتش" في بيانها إلى أن "رئيس الجمهورية ميشال عون، رئيس المجلس الأعلى للدفاع، اعترف بأنه كان على علم بوجود نترات الأمونيوم منذ 21 يوليو/تموز 2020 على الأقل، وطلب من أحد المستشارين متابعة الموضوع، لكنه زعم أنه غير مسؤول.
ويعد اللبنانيون العدّة لتحركات شعبية حاشدة يوم غد الأربعاء، ويحجبون كل تصريحات المسؤولين الذين كانوا يعلمون بوجود قنبلة ذرية في العاصمة ولم يحركوا ساكناً.
الرئيس عون يوجّه في الثامنة مساء اليوم رسالة الى اللبنانيين عبر وسائل الاعلام لمناسبة الذكرى الاولى لتفجير مرفأ بيروت
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) August 3, 2021
وبحسب المنظمة الدولية، فإن رئيس الوزراء حسان دياب، نائب رئيس المجلس، كان على علم أيضاً بوجود نترات الأمونيوم منذ 3 يونيو/حزيران 2020، لكنه لم يتخذ أي إجراء على ما يبدو غير إحالة تقرير أمن الدولة المرفوع في 20 يوليو/تموز 2020 إلى وزارتَي العدل والأشغال العامة.
في السياق، خرج دياب اليوم ببيانٍ ينأى بنفسه عن المسؤولية بشكلٍ كاملٍ، علماً أنه مدعى عليه بالملف بجرم الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وإيذاء مئات الأشخاص.
وقال دياب "لقد كشف انفجار 4 أغسطس/آب عورات البلد، انكشف جانب من الفساد الذي ينهش لبنان، وظهرت معالم الدولة العميقة، دولة الفساد، ليتبيّن أن العنبر رقم 12 يختصر صورة الواقع اللبناني الذي يقوم على اجتماع مكونات وعناصر الإفساد التي استسلم البلد لإرادتها وقوة سطوتها".
وشدد دياب "المتمرّد" على القرارات القضائية على أنه "لن تكون هناك عدالة حقيقية في لبنان إذا لم تتحقّق العدالة الحقيقية في انفجار مرفأ بيروت"، مؤكداً أن "تحقيق العدالة يبدأ بكشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن تلك الكارثة، وبحماية دماء الشهداء وبلسمة جراح المصابين والمتضررين".