يواصل حراك "مواطنون ضد الانقلاب" في تونس، لليوم الخامس على توالي، "معركة الأمعاء الخاوية" التي بدأها مع بعض القوى السياسية احتجاجاً على إجراءات الرئيس قيس سعيّد، وسط دعم غير مسبوق من مختلف مكونات الطيف السياسي المعارض، ما رفع سقف رهاناتهم وانتظاراتهم.
وتحول مقر إضراب الجوع في تونس إلى ملتقى لجمع القوى المعارضة، من أحزاب ونشطاء سياسيين، ومدنيين، وحقوقيين وجامعيين.
احتجاج على انقلاب 25 يوليو
واعتبر مراقبون في حديث، اليوم الإثنين، لـ"العربي الجديد"، أن إضراب الجوع الذي تخوضه مجموعة من النواب والحقوقيين والنشطاء من بينهم الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، دعم التوحد حول مقارعة الانقلاب وغذى فيهم روح التضحية بالأجساد من أجل التصدي للانفراد بالسلطات.
ورأى رئيس الجمعية العربية للعلوم السياسية والقانونية، وأستاذ القانون الدستوري، شاكر الحوكي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، "أن إضراب الجوع هو احتجاج على القمع المتواصل والمتصاعد منذ 25 يوليو/تموز، فلم يترك النظام الانقلابي من مجال لا للتظاهر بكل حرية ولا للتعبير ولا لعقد الندوات ولا للاعتصام".
وأردف "إن هذا النظام ضرب جميع الحقوق السياسية بدءا من حق الإنسان في التعبير والتظاهر والتجمهر، وصولا إلى الاعتقالات في حق المتظاهرين في شارع الثورة".
وبين رئيس الجمعية العربية للعلوم السياسية والقانونية أن "هذا الاحتجاج ليس فقط على السياسة القمعية التي يمارسها النظام الانقلابي، بل هو احتجاج على انقلاب 25 يوليو نفسه وما جاء به".
ولفت الحوكي إلى أن "دائرة المعارضة توسعت بشكل لافت فلم نعد في 26 يوليو بل نحن في 26 ديسمبر والمعطيات السياسية تغيرت بسرعة".
وأكد أن المعارضين يدافعون عن وجودهم السياسي وعن الحقوق والحريات ودفاعاً عن مجتمع ديمقراطي يشارك فيه الجميع، ولا يكون الشأن السياسي حكرا على شخص انفرادي لا يؤتمن جانبه".
مقر الإضراب أصبح ملتقى للمعارضين
وبين الحوكي، أن "إضراب الجوع أصبح ملتقى للنخب السياسية وأصبح قبلة جميع الشخصيات السياسية ورموز النضال السياسي والحقوقي".
وقال "نريد أن نقول لجميع أبناء شعبنا أن ما حدث انقلاب ونحن محتجون ضده، والرهان على صمت الناس وسكوتهم كأنه نوع من التزكية الضمنية لما قام به الرئيس المنقلب لن يمر بفضل "مواطنون ضد الانقلاب" وبفضل معارضة الأحزاب الأخرى".
تضحية حقيقية من قبل المضربين
وأشار الحوكي إلى أن "مقر الإضراب أصبح ملتقى لجميع المعارضين والشخصيات السياسية والحقوقية وأضحى فضاء للنقاش العام في قضايا تهم الديمقراطية التشاركية والشعبوية ومستقبل البلاد السياسي".
وأكد أن "هناك رضاء تاما من قبل المضربين ومن خططوا وبرمجوا هذا الإضراب، ولكن هذا لا يعني أن المضربين في فسحة سياسية، فهم يعانون ويتكبدون الجوع من أجل تبليغ أصواتهم".
وقال الحوكي "هناك تضحية حقيقية من قبل المضربين عن الطعام فقد بدأت الوجوه تصفر وتهزل، وهناك معاناة وصبر وتجلد من أجل إنجاح الإضراب وتحقيق أهدافه".
"صامدون" حتى يسقط الانقلاب
بدوره، قال القيادي في حزب "قلب تونس"، رفيق عمارة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، "نخوض لليوم الخامس معركة الأمعاء الخاوية في مواجهة الانقلاب بعزيمة قوية وروح نضالية عالية نستلهم قوتنا من نضالاتنا شعبنا ودماء الشهداء الأبرار الذين قضوا في سبيل الثورة و تكريس الديمقراطية التي أصبحت اليوم مهددة".
وأضاف عمارة "نخوض اليوم إضراب الجوع الذي يعد من أرقى مظاهر الاحتجاج من أجل استعادة الديمقراطية والمؤسسات الشرعية المنتخبة"، مشدداً على أن "الإضراب مستعدون فيه للتضحية بأجسادنا وبأرواحنا أصالة عن أنفسنا ونيابة عن أبناء شعبنا الذين انتخبونا وائتمنونا على أصواتهم".
وأوضح المتحدث أن" خيار إضراب الجوع ليس فسحة ولا متعة، بل هو شكل نضالي نخوضه بكل شجاعة بعد أن حُرم المعارضون من حقهم في الاحتجاج السلمي في الساحات والشوارع من خلال الاعتقالات والاعتداءات ولجم الأفواه والتضييقيات والتهديدات".
وتابع عمارة "رسالتنا للتونسيين داخل تونس وخارجها، ولأحرار وحرائر العالم ولجميع أنصار الديمقراطية في كل مكان، بأننا صامدون حتى يسقط الانقلاب وتعود تونس الديمقراطية".
وأضاف "نراهن اليوم على كل الصادقين من أبناء شعبنا لنيل الديمقراطية، واستعادة الشرعية".