"مؤتمر اللاجئين" في دمشق: محاولة تحايل على المقاطعة

10 نوفمبر 2020
يرغب الأسد بتعويم ملف إعادة الإعمار في المؤتمر (فرانس برس)
+ الخط -

تمضي دمشق قدماً بالتحضير لمؤتمر اللاجئين السوريين، الذي وصفته وزارة خارجية النظام بـ"الدولي"، رغم التوقعات المشككة بقدرة النظام وحليفه الروسي على عقد المؤتمر بموعده المحدد غداً، الأربعاء، وبعد غد الخميس، في العاصمة السورية. وتواصل روسيا الترويج للمؤتمر على إيقاع تحفظ غربي ودولي سواء من الولايات المتحدة أو حلفائها الأوروبيين. وتعتبر واشنطن هذه الخطوة محطة للتحايل على المسارات السياسية الرامية للحل في سورية، لا سيما اللجنة الدستورية، التي يعرقل النظام انعقاد جولة جديدة منها، ويماطل لعرقلة تقدم سيرها من خلال جدول الأعمال.

واشنطن دفعت باتجاه عدم حضور الدول الحليفة المؤتمر

وبدأت خارجية النظام بالترويج للمؤتمر عبر معرّفاتها بإعلانٍ مصوّر يؤكد انعقاده في الموعد المحدد، يأتي ذلك بعد جولة قام بها المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرنتييف، إلى كل من بغداد وبيروت وعَمّان على رأس وفد من وزارتي الدفاع والخارجية الروسيتين، قبل أن ينتهي المطاف بهم في دمشق ولقاء رأس النظام بشار الأسد، نهاية الشهر الماضي، بهدف التحضير للمؤتمر. ووجّهت الوزارتان الروسيتان دعوات بعنوان "تسهيل عودة اللاجئين والنازحين"، إلى ممثلي الهيئات والجهات الفاعلة الدولية والإقليمية من دون الإشارة للدول. وأوضح نص الدعوة أنه "بالنظر إلى الاستقرار الحالي في سورية والصعوبات المتزايدة التي تواجهها البلدان المستقبلة للاجئين، من الضروري تكثيف الجهود الدولية لتقديم مساعدة شاملة لأولئك السوريين الذين يرغبون في العودة إلى وطنهم". وأشارت الدعوة في نصها إلى تهيئة الأجواء لعودة اللاجئين، كـ"استعادة البنية التحتية الأساسية والاتصالات، وبناء المنازل، والقيام بإزالة الألغام للأغراض الإنسانية". ولفت نص الدعوة إلى أن جلسات المؤتمر ستشمل "نقاشات وموائد مستديرة حول الموضوعات الأكثر حدة"، مثل "مساعدة العائدين، وترميم المرافق الاجتماعية، والمساعدة الإنسانية، ومكافحة فيروس كورونا". إضافة إلى ذلك سيتكمن "المشاركون في المؤتمر من زيارة مراكز الإقامة المؤقتة للاجئين وأماكن إقامتهم الدائمة في محافظة حمص والمناطق القريبة من مخيم الركبان".

الاستراتيجية الأميركية حيال الملف السوري ستبقى مستمرة على حالها، إلى حين تسلم الإدارة الأميركية الجديدة مهامها

ومن الواضح أن موسكو ستزجّ من خلال جدول أعمال المؤتمر المتضمن تأهيل البنية التحتية وبناء المنازل وترميم المرافق الاجتماعية، بملف إعادة الإعمار من دون تسميته صراحة في جدول أعمال المؤتمر. وهذا الملف تضع دول غربية في مقدمتها الولايات المتحدة، خطوطاً حمراء على البدء بتنفيذه في البلاد، قبل إنجاز التسوية السياسية بناء على القرار 2254 والمرجعيات الأممية. وبالفعل، وخلال اجتماع عبر تقنية الفيديو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورأس النظام السوري بشار الأسد، أمس الاثنين، حاول الأسد تعويم ملف "إعادة الإعمار"، بالتشديد على "معالجة أسباب فرار السوريين من ديارهم وجعلتهم لاجئين"، وحصرها بدمار البنية التحتية، ما يعني ضرورة إعادة تأهيل تلك البنية من خلال البدء بمرحلة إعادة الإعمار. واعتبر أن قضية اللاجئين هي "الأولوية رقم واحد خلال المرحلة المقبلة، خصوصاً بعدما تم تحرير جزء كبير من الأراضي وانحسار رقعة المعارك برغم استمرار الارهاب". في المقابل، أكد بوتين للأسد خلال اللقاء، تأييد بلاده الكبير لعقد المؤتمر، مشيراً إلى أن الوفد الروسي سيكون من أكبر الوفود مشاركة فيه. وكان الدبلوماسي السوري المنشق عن النظام، بسام بربندي، المقيم في واشنطن، قد أكد عبر صفحته على "فيسبوك"، أن الأميركيين أبلغوا الجانب الروسي بعدم حضور المؤتمر، مع الإشاره إلى أن واشنطن دفعت باتجاه عدم حضور الدول الحليفة لا سيما الأوروبية، لأن حل مشكلة اللاجئين يكون في جنيف وعبر قرارات الأمم المتحدة وليس عبر أي مسار آخر. ورجّحت مصادر روسية مطلعة مشاركة 20 دولة. وقال مصدر في وزارة خارجية النظام السوري لـ"العربي الجديد"، إن "المؤتمر الذي سينعقد في مجمع قصر المؤتمرات وفندق إيبلا بدمشق، ستقتصر المشاركة فيه على الدول الصديقة للنظام". ويشير ذلك إلى نجاح الجهود الأميركية في الحد من المشاركة الدولية في المؤتمر وحصرها بالنظام وحلفائه ما يجعل شرعية المسار منقوصة أو معدومة. وقاد تلك الجهود الممثل الخاص للتواصل بشأن سورية جيمس جيفري قبل تقديم استقالته أول من أمس، الأحد، لينوب عنه نائب مساعد وزير الخارجية جويل رايبرون. وذكر مصدر في وزارة الخارجية الأميركية لـ"العربي الجديد"، أن الاستراتيجية الأميركية حيال الملف السوري ستبقى مستمرة على حالها، إلى حين تسلم الإدارة الأميركية الجديدة للرئيس جو بايدن مهامها بالكامل. وفي غياب أي موقف تركي رسمي حول المؤتمر، وامتناع لافرنتييف عن زيارة أنقرة في جولته على المنطقة الشهر الماضي، دعت السياسية التركية المعارضة إيلاي آكسوي، وهي عضو بحزب "الجيد" المعارض، السياسيين المعارضين الأتراك لحضور مؤتمر اللاجئين. مع العلم أن تركيا تستضيف أكثر من 3.5 ملايين سوري فيها.

المساهمون