تسير مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) على خطى النظام السوري، إذ تعتقل كل من يعارضها ويحتج ضدها، وتمارس ضد معارضيها جميع أنواع الانتهاكات، من الخطف والتعذيب والقتل والترهيب والملاحقة، ولعل أبرز ما بدأت تقوم به أخيراً، عمليات التجنيد الاجباري والقسري، وعمليات تجنيد القاصرين من المكونات كافة.
وتقول مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، إن "قسد" اعتقلت في مناطق مختلفة من الحسكة، الأسبوع الماضي، أكثر من ألف شاب من الكرد السوريين فقط، بهدف التجنيد الإجباري في صفوفها، وجلّهم من طلاب المدارس والجامعات، ومن الموظفين أيضاً، مؤكدة أن عمليات الاعتقال والتجنيد تطاول كل المكونات السورية في مناطق "قسد".
وذكرت المصادر أن عمليات الاعتقال تجري من طريق الحواجز الطيارة، أو مداهمة أماكن العمل، أو مداهمة الأحياء السكنية والمنازل، وكل مكان من المتوقع أن يوجد فيه الشبان المطلوبون للتجنيد لدى "قسد".
وبحسب المصادر، تلقى عمليات التجنيد القسري وعمليات تجنيد الأطفال القاصرين من ذكور وإناث انتقادات واحتجاجات واسعة، خصوصاً داخل المكون الكردي الذي تنتسب إليه "وحدات حماية الشعب والمرأة" التابعة لـ"حزب الاتحاد الديمقراطي" الكردي، وهي التي تقود وتتحكم بالقرار في "قسد".
ويتهم الأهالي مليشيات مرتبطة بـ"حزب العمال الكردستاني"، تعمل ضمن "قسد"، بإغراء الأطفال بالالتحاق بصفوف الأخير، حيث تنقلهم إلى العراق للانخراط في صفوف التنظيم المدرج على لوائح التنظيمات الإرهابية.
انتهاكات بحق النساء
وذكرت المصادر أن انتهاكات قوى الأمن الداخلي التابعة لـ"قسد" طاولت الأسبوع الماضي مجموعة من النساء، كنّ قد خرجن في وقفة احتجاجية للمطالبة بالكشف عن مصير طفلاتهنّ المجندات لدى مليشيات "قسد"، حيث قام عناصر أمن "قسد" بالاعتداء اللفظي والجسدي على المحتجات وأجبروهنّ على إنهاء الاحتجاج.
وكان من بين النساء اللواتي نظمن الوقفة نساء كاتبات وعاملات وموظفات، ومنهنّ شمس عنتر، الكاتبة والناشطة المدنية، التي اتهمت "قسد" بتسجيل صوتي ومرئي بممارسة انتهاكات بحق النساء المحتجات اللواتي خرجن للمطالبة بأبنائهنّ.
وقالت شمس في تسجيل مرئي لها، إنهنّ تعرّضن للمضايقة من قوات الأمن التابعة لـ"قسد" المسمّاة بـ"الأسايش"، مؤكدة أن وقفتهنّ كانت وقفة سلمية ولم تحمل أي لافتات، ولم تكن هناك أي هتافات ضد "قسد"، مع ذلك منعت "الأسايش" التصوير، ومنعت الإعلاميين والصحافيين من العمل على تغطية الوقفة.
حملة مستمرة
وتشن "قسد" منذ شهور في المناطق الخاضعة لسيطرتها، حملة تجنيد إجباري بهدف تغطية جبهاتها على محاور القتال عند الحدود السورية التركية، وازدادت وتيرة التجنيد مع زيادة احتمال شنّ تركيا عملية عسكرية على المليشيات.
وقالت مصادر لـ"العربي الجديد" من الرقة، إن "قسد" واصلت، اليوم الاثنين، حملة الاعتقالات بهدف التجنيد الإجباري، حيث لاحقت شباناً في منطقة الحوس شرقي محافظة الرقة، واعتقلت عشرة على الأقل، وقادتهم إلى معسكر للتجنيد الإجباري في ناحية عين عيسى شمال غربي الرقة.
وكانت "قسد" قد اعتقلت مساء أمس الأحد، ثلاثة أشقاء في مداهمة نفذتها لأسباب مجهولة في بلدة التويمين جنوب شرقي الحسكة، وقادت المعتقلين إلى جهة مجهولة. وقبلها، اعتقلت مئات الشبان في مناطق متفرقة من الرقة ودير الزور، وكلها ذات غالبية عربية.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد وثقت في العديد من تقاريرها، الانتهاكات التي تمارسها "قسد" من اعتقال وإخفاء قسري وقتل أيضاً.
وقالت الشبكة نهاية الشهر الماضي، إن "قوات سورية الديمقراطية" اختطفت في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الطفلة آيانا إبراهيم إدريس، من أبناء مدينة عامودا في ريف محافظة الحسكة الشمالي، من مواليد عام 2006، بهدف التجنيد القسري.
وأشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إلى أنه لم يُبلَّغ أحد من ذويها بذلك، ومُنعَت من التواصل مع ذويها أو السماح لهم بزيارتها.
وتخشى الشبكة، وفق بياناتها، من أن يُزجّ بالطفلة في الأعمال العسكرية المباشرة وغير المباشرة، وتؤكد أن قرابة 136 طفلاً ما زالوا قيد التجنيد الإجباري في المعسكرات التابعة لـ"قوات سورية الديمقراطية".
وبحسب آخر تقارير الشبكة، فقد كانت "قسد" السبب خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بمقتل خمسة مدنيين، بينهم شخص تحت التعذيب، واختفاء واعتقال 31 شخصاً، بينهم 18 طفلاً وطفلة.