"داعش" يضرب في العراق وسورية: استغلال الخلل الأمني

22 يناير 2022
فرضت "قسد" طوقاً أمنياً على مدينة الحسكة (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

عاد تنظيم "داعش" ليضرب بقوة، ليل الخميس وفجر الجمعة، في العراق وسورية، عبر هجومين في ديالى العراقية وعلى سجن في مدينة الحسكة شمال شرق سورية، أوقعا عشرات الضحايا، وطرحا تساؤلات كبيرة حول وجود خلل في الاستراتيجية الأمنية بمواجهة التنظيم، وأسباب عودة نشاط "داعش" في الفترة الحالية.

وأسفر هجوم نفذه عناصر من تنظيم "داعش" على مقر للجيش العراقي في محافظة ديالى، أمس الجمعة، عن مقتل ضابط و10 جنود.

واستغل عناصر "داعش" موجة البرد القارس في البلاد، ليحققوا الخرق، بعد عملية تسلل بين محافظتين، انتهت بتنفيذ المجزرة، ومن ثم انسحاب عناصر التنظيم قبل وصول التعزيزات العسكرية إلى المنطقة.

قيادة الجيش العراقي، التي نعت ضحايا المجزرة، توعدت في بيان، بأن "القصاص العادل من الإرهابيين المنفذين لهذا الحادث الغادر سيكون قريباً، وسيكون الرد قاسياً".

دعا بدر الزيادي إلى عزل الملف الأمني في العراق عن السياسة 

محافظ ديالى مثنى التميمي أكد أن التنظيم استغل سوء الأحوال الجوية لتنفيذ هجومه. وقال في تصريح، لوكالة الأنباء العراقية، إن "هناك إهمالاً في الالتزام بتنفيذ الواجبات من قبل الجنود، ما منح التنظيم فرصة لتنفيذ جريمته، ومن ثم انسحب إلى محافظة صلاح الدين". 

وبين أن "المحافظة طالبت وتطالب بضرورة التصدي لتسلل الإرهابيين من محافظة صلاح الدين إلى ديالى، ومنع تسلل الإرهابيين بين المحافظتين". 

خروقات "داعش" تتكرر في العراق

إلا أن عضو لجنة الأمن في البرلمان السابق، بدر الزيادي، الذي عد الهجوم خرقاً كبيراً، أكد أن ما حصل يستدعي "إعادة النظر بالقيادات الأمنية، التي تولت مناصبها وفقاً للمحاصصة والتدخلات السياسية". 

وأكد، لـ"العربي الجديد"، أن "الخروقات بدأت تتكرر في المحافظات العراقية، وأن ضعف الجهد الاستخباري منح التنظيم فرصة تنفيذ الهجمات". وأضاف: "من غير المعقول أن تتكرر الهجمات بمناطق معينة، ولا توجد حلول لها"، محملاً "القوات الماسكة للمنطقة مسؤولية هذا الخرق الأمني الكبير". 

ولفت الزيادي إلى مشكلة "تعدد القرار الأمني العراقي في عدد من مناطق البلاد، لا سيما في المناطق التي يوجد فيها خليط سكاني، وفيها فصائل مسلحة مختلفة"، مشدداً على ضرورة "عزل الملف الأمني عن السياسة، وإعادة النظر بالقيادات الأمنية، خصوصاً تلك التي منحت المناصب على أسس غير مهنية ووفقاً لأجندات سياسية وحزبية". 

وأضاف: "هناك ضرورة ملحة لإعادة تنظيم صفوف قوات الجيش مهنياً، وأن يتم سد النقص الحاصل في أعداد الجنود، لا سيما في المناطق الحساسة التي تسجل هجمات متكررة". 

أما النائب السابق جاسم البخاتي، فقد ربط الهجوم بالخلاف السياسي. وأوضح، لـ"العربي الجديد"، أنه "كلما كان هناك خلاف سياسي في البلد، تصاعدت حدة هجمات التنظيم، الذي يستغل ذلك لتحقيق مكاسب له".

وشدد على ضرورة أن "تتحمل الحكومة مسؤوليتها إزاء ذلك، وأن تتم إعادة النظر بالخطط الأمنية بما يتناسب وحجم الخطر". 

وتابع: "يجب تكثيف المتابعات الليلية وعمليات التمشيط والمراقبة، لإحباط أي تحرك للتنظيم". ويدار الملف الأمني، في محافظة ديالى المرتبطة حدودياً بإيران من جهة، وبالعاصمة بغداد من جهة أخرى، من قبل قوات الجيش و"الحشد الشعبي".

هجوم "داعش" على سجن في الحسكة

في غضون ذلك، كان "داعش" يشن هجوماً على سجن "غويران" (الصناعة) في الحسكة، الذي يضم الآلاف من معتقلي التنظيم، ليفر عشرات من المعتقلين، ويشهد يوم أمس الجمعة مواجهات وعمليات مطاردة. 

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الاشتباكات التي دارت خلال الهجوم على السجن الخميس وطوال يوم الجمعة أوقعت 39 قتيلاً من "داعش" و23 من القوات الكردية وخمسة مدنيين.

وبدت الأوضاع في مدينة الحسكة أمس الجمعة أشبه بحرب عصابات بين "قسد" ومسلحي "داعش"، الذين نفذوا أكبر عملية هروب جماعي من سجن "غويران". 

وفي بيانات متلاحقة، حاولت "قسد" تأكيد السيطرة على الوضع، غير أن تواصل الاشتباكات طوال يوم أمس، وتسرب صور وفيديوهات لعناصر "داعش" الهاربين من السجن، كشف عن الحجم الحقيقي للعملية التي بدأت بعد ظهر الخميس وتواصلت طوال الليل ونهار أمس الجمعة.

فرار عناصر "داعش" من سجن الحسكة

وتحدثت معطيات عن تمكن العشرات من عناصر "داعش" من الفرار من السجن بعد الاستيلاء على أسلحة بعض الحراس، بل واقتياد بعضهم كأسرى أو رهائن. لكن من دون أن يتمكنوا، كما يبدو، من مغادرة الحسكة بسبب الطوق الأمني الذي فرضته "قسد" على المدينة، لتعلن تباعاً عن إعادة اعتقال العشرات من العناصر الفارين، وقتل آخرين.

وفي بيان لها بعد ظهر أمس، قالت "قسد" إنه تم فرض حظر كلي على الحسكة، ومنع الدخول والخروج من وإلى المدينة حتى إشعار آخر. وطلبت من الأهالي الإبلاغ "عن أي حركة مشبوهة ضمن المدينة". 

نفذ عناصر "داعش" أكبر عملية هروب من سجن غويران

وكان المركز الإعلامي لـ"قوات سورية الديمقراطية" قد قال، في بيان سابق، إن "خلايا داعش تستخدم المدنيين في حيّ الزهور وبعض المناطق في الجهة الشمالية للسجن كدروع بشرية".

من جهتها، ذكرت وسائل إعلام مقربة من "قسد" أن الأخيرة تمكّنت من إلقاء القبض على نحو 110 من معتقلي "داعش" كانوا قد تمكنوا من الفرار من سجن الصناعة في حي غويران، وهو ما يشير إلى الحجم الكبير لعملية الهروب.

وذكر مراسل "العربي الجديد" أن عناصر "داعش" الفارين أطلقوا النار بشكل عشوائي في حي الزهور وفي محيط السجن، في محاولة للاستفادة من الوضع وفتح ثغرات للفرار من المنطقة. 

وأشار إلى أنهم وجهوا تهديدات لأهالي حيّ الزهور، وضغطوا عليهم من أجل المساعدة في إخفائهم في منازلهم. وأضاف أن طائرات التحالف الدولي لاحقت عناصر "داعش"، واستهدفت رشاشات مروحياتها تمركزاً لتجمع إحدى الخلايا التي حاولت الفرار، من دون ورود معلومات عن عدد سقوط قتلى جراء ذلك.

وذكر مراسل "العربي الجديد" أن الاشتباكات في محيط السجن تزامنت مع نزوح جماعي لسكان أحياء غويران، والنشوة، وفيلات حوش البعر، وفيلات الحمر، إلى الأحياء الوسطى والشمالية في الحسكة، فيما انقطع التيار الكهربائي عن أحياء عدة في المدينة، جراء عطل في المحطة المغذية، بسبب الاشتباكات.

المساهمون