"خطوة خطوة" بين "قسد" والنظام السوري برعاية روسية

25 فبراير 2022
تعتقد القوات الكردية أنها الطرف الأقوى في المعادلة (فرانس برس)
+ الخط -

تتواصل المحاولات الروسية لردم الهوّة بين النظام السوري من جهة، و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) والكيانات المرتبطة بها من جهة أخرى، لحسم مصير الشمال الشرقي من سورية، الذي تسيطر عليه قوات "قسد"، والتي يشكّل المقاتلون الأكراد عمادها الرئيسي وتتلقى دعماً من الولايات المتحدة.

وفي هذا الصدد، كشفت مصادر مطلعة في "الإدارة الذاتية" (الكردية) لشمال شرقي سورية، أو ما يُعرف بمنطقة شرقي الفرات، في حديث مع "العربي الجديد"، أن وفداً من هذه الإدارة "سيتوجه قريباً" إلى العاصمة الروسية موسكو، للتباحث مع المسؤولين في وزارة الخارجية الروسية، حول حوار يرقى إلى مستوى التفاوض بين الإدارة والنظام السوري.

سيبدأ التباحث في موسكو حول الملفات الأكثر سهولة مثل ملفي التربية والتعليم

وأكدت المصادر، التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها، لأنها غير مخولة بالحديث العلني، أن الجانب الروسي "يعتمد أسلوب خطوة خطوة في التقريب بين الطرفين"، مضيفة أنه "سيتم التفاوض على الملفات كل على حدة، بحيث يبدأ التباحث حول الملفات الأكثر سهولة والتي من الممكن التوصل لاتفاق حولها مثل ملفي التربية والتعليم".

وفي هذا السياق، أكدت مصادر محلية أن الجانب الروسي أشرف منذ يومين على إزالة أحد أكبر الحواجز الأمنية في مدينة القامشلي، في أقصى الشمال الشرقي من سورية. وبيّنت المصادر أن الحاجز المُزال بآليات "الإدارة الذاتية"، كان من أكبر المقرات التابعة للأجهزة الأمنية للنظام في المدينة، ويقع بالقرب من مقر جهاز المخابرات العسكرية. ورجّحت المصادر أن تكون إزالة الحاجز قد جرت بأمر روسي "من ضمن إجراءات بناء الثقة بين الإدارة الذاتية التابعة لقوات قسد، والنظام السوري". 

وتسيطر "قسد" على نحو ثلث مساحة سورية، وتقع أغلب مساحتي محافظتي الرقة والحسكة تحت سيطرتها، إضافة إلى نصف محافظة دير الزور، وجانب كبير من ريف حلب الشمالي الشرقي، شرقي نهر الفرات، مع مدينتي منبج وتل رفعت وبعض ريفهما، غربي النهر. وتقع أهم وأكبر حقول النفط والغاز تحت سيطرة "قسد"، لعل أبرزها حقول الرميلان في محافظة الحسكة، وحقلا العمر والكونيكو في ريف دير الزور.

وسبق أن حاولت موسكو خلال السنوات الماضية، ردم هوة الخلاف بين قوات "قسد" والنظام السوري، من خلال جولات حوار جرت في العاصمة السورية دمشق، إلا أنها فشلت بسبب رفض النظام الاعتراف بقوات "قسد" و"الإدارة الذاتية"، وهو شرط هذه القوات لنجاح أي تفاوض يفضي إلى نتائج.

ويبدو أن "الإدارة الذاتية" الكردية، تعتقد أنها الطرف الأقوى في المعادلة، باعتبارها الجهة المسيطرة على الثروتين الزراعية والنفطية في سورية، وهما ما يحتاج إليه النظام لإنقاذ اقتصاده من انهيار كامل.

وكانت إلهام أحمد، رئيسة الهيئة التنفيذية لـ"مجلس سورية الديمقراطية" (مسد)، الجناح السياسي لـ"قسد"، قد أكدت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن القبول بحلّ سياسي أو حوار مع النظام "لا يعني إطلاقاً التنازل أو تسليم أي منطقة للقوات الحكومية".

وكانت أحمد زارت موسكو أكثر من مرة خلال العام الماضي، بسبب تهديدات تركية بشنّ عملية عسكرية جديدة ضد قوات "قسد"، وهو ما يستغله الروس في كل مرة لترسيخ نفوذهم في شمال شرقي سورية.

كما يستغل النظام السوري التلميحات الأميركية، لانسحاب محتمل من شمال شرقي سورية، لدفع "الإدارة الذاتية" إلى تقديم تنازلات كبيرة، مقابل اتفاق سياسي يحسم مصير هذه الإدارة ومصير قوات "قسد"، ومن ثم مصير المناطق التي تسيطر عليها الأخيرة في شرقي نهر الفرات وغربه. 

الجانب الروسي أشرف أخيراًً على إزالة أحد أكبر الحواجز الأمنية في القامشلي

من جهته، يطالب النظام باستعادة السيطرة على منطقة شرقي نهر الفرات كاملة، مقابل "حقوق ثقافية" للأكراد في المناطق التي يشكلون فيها أغلبية سكانية، معتمداً على حاجة هذه القوات إلى وجوده في المنطقة، لمنع أي أعمال عسكرية واسعة النطاق من قبل الجيش التركي.

وكانت "الإدارة الذاتية" التي يهيمن عليها حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي، قد دخلت في حوار خلال عام 2020، مع المجلس الوطني الكردي برعاية من الخارجية الأميركية، لتشكيل مرجعية سياسية واحدة للأكراد السوريين. لكن هذا الحوار فشل بعد جولات عدة، بسبب رفض "الاتحاد الديمقراطي" فكّ الارتباط مع حزب العمال الكردستاني، وتعديل العقد الاجتماعي، وإلغاء التجنيد الإجباري مع دخول "البشمركة السورية" إلى الشمال الشرقي من سورية، وحسم مصير المعتقلين والمختطفين.

ولم تعقد أي جلسة حوار جديدة منذ نحو عام، على الرغم من الجهود التي يبذلها الأميركيون من أجل ذلك، فهوّة الخلاف واسعة بين "الاتحاد الديمقراطي" و"المجلس الوطني الكردي".  

إلى ذلك، قلّل المنسق العام لـ"حركة الإصلاح الكردي"، عضو "الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي"، فيصل يوسف، في حديث مع "العربي الجديد"، من أهمية أي حوار أو تفاوض مقبل بين "الإدارة الذاتية" و"مسد" مع النظام السوري. وأوضح يوسف أن "التفاوض ببن النظام ومسد تكرر في السنوات الماضية، لكنه لم يفض إلى نتيجة".

وأكد المنسق العام لـ"حركة الإصلاح الكردي" أن "المجلس الوطني الكردي، عضو في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وأيضاً في هيئة التفاوض السورية، وهو يعتقد بأن التفاوض مع النظام يجب أن يجري من خلال القرارات الدولية ذات الشأن بالملف السوري وبإشراف دولي".

وبيّن يوسف أن "المجلس الوطني الكردي"، أوضح موقفه هذا خلال جولات الحوار مع حزب "الاتحاد الديمقراطي" والأحزاب التي تدور في فلكه. وأضاف أن "الحل السياسي للوضع القائم في البلاد يجب أن يكون بموجب القرار 2254 وبأن يكون شاملاً، ويضمن حقوق جميع مكونات الشعب السوري في إطار نظام ديمقراطي لا مركزي يعبّر عن سورية كدولة متعددة القوميات والأديان".

تقارير عربية
التحديثات الحية


 

المساهمون