تواجه حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، معضلة التدخل الإسرائيلي المبكر في الانتخابات العامة الفلسطينية التي ستجري بدءاً من 22 مايو/أيار المقبل، ما قد يدفعها إلى خيارات لا ترغب فيها، غير محسومة النتائج، للتعاطي مع الأزمة التي اشتعلت عقب التهديد الإسرائيلي لقياديي الحركة ونوابها في المجلس التشريعي المنحل في الضفة الغربية، لثنيهم عن الترشح في قائمة "حماس" للانتخابات المقبلة.
وكانت "حماس" قد قررت في البداية أنّ تكون قائمتها الانتخابية شاملة لغزة والضفة الغربية والقدس، قبل أنّ تدرس الأطر القيادية المختلفة فيها خيارات جديدة للتعاطي مع أزمة التهديد والتدخل الإسرائيلي في الانتخابات، التي لم يستطع حتى الآن ضامنو هذه الانتخابات التأثير على الموقف الإسرائيلي منها.
تدرس "حماس" زيادة حصة قطاع غزة على حساب الضفة الغربية
وأكّدت مصادر في "حماس" لـ"العربي الجديد"، أنّ الحركة تدرس خيارات عدة لمواجهة التدخل الإسرائيلي المبكر في الانتخابات التشريعية المزمع عقدها في مايو المقبل، أولها زيادة حصة قطاع غزة على حساب الضفة الغربية، لكي لا يسهل اعتقال وملاحقة المرشحين من الحركة في الضفة من قبل الاحتلال الإسرائيلي. وسيدفع هذا الخيار "حماس" لترشيح أسرى محررين من الضفة مبعدين إلى غزة في قائمتها.
والخيار الثاني للحركة، وفق المصادر، الدخول في قائمة وطنية مشتركة مع فصائل أخرى، لتخفيف الضغط عليها، على الرغم من قرارها السابق بأن لا يكون مرشحوها للانتخابات التشريعية من الصفوف الأولى والثانية في الحركة، لتجنّب ما وقعت فيه عقب فوزها بالانتخابات التشريعية في العام 2006، من عدم الاعتراف الدولي بها. إلى جانب ذلك، قد تدفع "حماس" بمرشحين مسيحيين من الضفة الغربية ضمن قائمتها الانتخابية المرتقبة، وهي تعتقد أنّ ذلك "سيصعّب على الإسرائيليين ملاحقة هؤلاء المرشحين واعتقالهم"، وفق المصادر ذاتها.
وعلى الرغم من الاتجاهات السابقة، إلا أنّ الحركة لم تحسم بعد شكل مشاركتها في الانتخابات المقبلة، وهي تبحث، وفق مصادر قيادية بارزة فيها تحدثت لـ"العربي الجديد"، "عن جسر للخروج من نفق الانقسام الحالي، لا السيطرة على المجلس التشريعي المقبل".
في السياق، قال القيادي في حركة "حماس"، محمود مرداوي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ الحركة "ستواجه التدخل الإسرائيلي في الانتخابات التشريعية بالصمود، وهي ذاهبة لإنهاء الانقسام، ووضع الشعب الفلسطيني في طريقه لمواجهة الاحتلال ومخططاته". وأضاف مرداوي أنّ "الاحتلال سيدافع عن مكتسباته من الانقسام، وسيحاول الإبقاء على حالة الفرقة الفلسطينية، ومن واجب الجميع أنّ يواجه محاولات الاحتلال تغييب المرشحين، والحركة تدرس خيارات مختلفة للتعاطي مع هذه الأزمة ضمن أطرها القيادية".
وأكّد مرداوي أنّ "حماس" ستقوم بإجراءات في الضفة الغربية "تحول دون استطاعة الاحتلال الإسرائيلي إعاقة العملية الانتخابية"، من دون أنّ يحدد هذه الإجراءات، مشدداً على أنّ حركته "تدخل الانتخابات كمشروع وطني، وليس كاختبار لها، وتعمل من أجل المرور من مرحلة الانقسام إلى الانتخابات والمصالحة والوحدة، وتأثير الاحتلال لن يغيّر هذه الوجهة".
مرداوي: الاحتلال سيدافع عن مكتسباته من الانقسام، وسيحاول الإبقاء على حالة الفرقة
من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ التدخل الإسرائيلي في الانتخابات المزمع عقدها في مايو المقبل "دليل رفض وإرباك وخوف إسرائيلي من كل خطوة من خطوات المصالحة الفلسطينية". وبرأي المدهون، فإنّ التهديدات والاعتقالات ضد كوادر "حماس" في الضفة، "تستدعي تدخلاً من قبل السلطة الفلسطينية للجمها؛ سياسياً ودبلوماسياً وإعلامياً"، متوقعاً أنّ "تزيد وتيرة الضغوط الإسرائيلية في ملف الانتخابات في الضفة، لوقف أي محاولة للوصول إلى المصالحة الفلسطينية".
ورأى المدهون أنّ خيارات "حماس" لمواجهة هذا التدخل الإسرائيلي "ضيقة"، مشيراً إلى أنّ الانتخابات بالنسبة للحركة "معركة يجب أنّ تنتصر فيها على الاحتلال، لأنها مدخل لترتيب البيت الفلسطيني، ودخول الحركة كمكون أساسي في السلطة ومنظمة التحرير، وهذا ضدّ مصالح الاحتلال في ظلّ تمسك حماس بثوابتها". وأوضح أنّ الانتخابات "تعني ترتيب البيت الفلسطيني وتعزيز مؤسساته وتوحيد عنوانه وتجميع كلمته، وهذا كله يرفضه الاحتلال جملة وتفصيلاً، وعلى الفلسطينيين جميعاً التجنّد لإنجاح هذه المسارات، والإصرار عليها وفق قواعد وطنية خالصة".
وتخشى اسرائيل، وفق المدهون، من انتقال شرعية "حماس" إلى الضفة الغربية، مستبعداً في الوقت ذاته أن تلجأ الحركة للخيار العسكري إذا ما عرقل الاحتلال الإسرائيلي الانتخابات، لأنه "بات لديها قدرات أخرى للتأثير على الاحتلال في بعض الملفات، ولديها حسابات دقيقة وأوراق يمكنها أن تستخدمها".