كشفت مصادر مصرية مطلعة على ملف الوساطة المصرية بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، طبيعة رد الفصائل وعلى رأسها حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، على رسائل مصرية نقلها القائمون على ملف الوساطة في جهاز المخابرات العامة لهذه الفصائل بشأن تسهيلات إسرائيلية مرتقبة متعلقة بالأوضاع المعيشية في القطاع.
وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن الفصائل شددت على رفضها أي محاولات جديدة من جانب الاحتلال في المماطلة بشأن الوفاء بالتعهدات السابقة المرتبطة بقرار وقف إطلاق النار، والتي تتضمن حزمة كاملة من الإجراءات المرتبطة بالأوضاع المعيشية لأهالي غزة، وتشكل كسراً جزئياً للحصار المفروض على القطاع منذ 2007، تمهيداً لرفع الحصار بشكل كامل مع التوصل إلى اتفاق تهدئة طويل المدى.
طالبت "حماس" و"الجهاد" بفك الارتباط بين مصر وإسرائيل بشأن التسهيلات
وبحسب المصادر، طالبت حركتا "حماس" و"الجهاد" المسؤولين في جهاز المخابرات المصرية، بفك الارتباط بين الإجراءات المصرية الخاصة بالتسهيلات، والإجراءات الإسرائيلية التي تعهد بها الاحتلال ضمن اتفاق الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار، والتهدئة في القطاع.
ولفتت المصادر إلى أن الرد المصري على هذه الجزئية، أكد أن القاهرة شرعت في تنفيذ بعض الإجراءات، إلا أن هناك أموراً أكثر تعقيداً ترتبط بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي ضمن الدور المصري.
"حماس" لن تظل رهن موقف الاحتلال
وكشفت المصادر عن موقف جديد لـ"حماس" بشأن صفقة تبادل الأسرى، موضحة أن الحركة أبلغت الوسطاء في مصر بأنها لن تظل رهن موقف الاحتلال، وإخضاع الصفقة لمعادلاته الداخلية التي يحركها وقت ما يشاء ويوقفها وقت ما يشاء، عبر محادثات شكلية حتى الآن.
وأوضحت المصادر أن "حماس" أبلغت القاهرة أنه في حال استمر النهج الإسرائيلي ستعلن عند نقطة محددة وقف التفاوض بشأن الصفقة إلى حين وجود قيادة إسرائيلية قادرة على تنفيذ مقتضيات أي عملية تفاوضية.
وأشارت إلى أن الحركة أكدت أنها لن تستمر في عملية تفاوضية إلى ما لا نهاية، وأن قيادة "حماس" عليها التزامات أمام أسراها وصفها الداخلي، وباقي الأسرى من باقي الفصائل الأخرى.
وقالت المصادر إن "حماس" حمّلت الوسيط المصري رسالة مفادها أنها مستمرة في التجهيز لعمليات أسر جديدة لجنود إسرائيليين، في إطار مساعيها لتحرير أسراها من السجون الإسرائيلية، وامتلاك أوراق من شأنها تحسين معيشة باقي الأسرى.
وكانت مصادر مصرية قد كشفت في وقت سابق أن المسؤولين في حكومة الاحتلال، أبلغوا القاهرة استعدادها لزيادة تصاريح العمل داخل الخط الأخضر لأبناء قطاع غزة بواقع 5 آلاف تصريح إضافي، مع إمكانية زيادة العدد لاحقاً على ضوء متابعة الوضع خلال الفترة المقبلة، فيما يبدو أنها خطوة لامتصاص غضب الفصائل وتفويت الفرصة أمام موجة تصعيد جديدة، ودعم لدور الوسيط المصري.
لقاء إسرائيلي ـ مصري مرتقب لتسهيل إعادة الإعمار في غزة
وقالت المصادر، إن المسؤولين الإسرائيليين أبلغوا المسؤولين في جهاز المخابرات العامة، الاستعداد لعقد لقاء تنسيقي بشأن التوافق حول بدء القاهرة تنفيذ عمليات البناء ضمن مبادرة إعادة الإعمار، من خلال تحديد مكونات المرحلة التالية في أعقاب انتهاء الجانب المصري من عمليات إزالة الركام والمخلفات من المواقع التي ستشهد تنفيذ المبادرة.
وأوضحت المصادر أن الاجتماع المرتقب سيشهد التوافق حول دخول مواد البناء اللازمة، والاطلاع على الآليات المصرية اللازمة لمراقبة عدم تسرب أي كمية من تلك المواد لصالح أي إنشاءات ذات أبعاد عسكرية في القطاع.
اجتماع إقليمي لبحث عملية السلام
في غضون ذلك، استقبلت القاهرة اجتماعاً سداسياً على مستوى وزراء الخارجية ورؤساء أجهزة المخابرات في كل من مصر والأردن وفلسطين، بحث تحريك عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتثبيت التهدئة الشاملة وإعادة الإعمار في قطاع غزة.
كما بحث الاجتماع سبل تعزيز العلاقات والتطورات المتعلقة بعملية السلام، وجهود تدعيم وحدة الصف الفلسطيني، وتقييم الأوضاع الميدانية في دولة فلسطين في ضوء استمرار الإجراءات اللاشرعية التي تقوض فرص تحقيق السلام العادل، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وإيجاد أفق سياسي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، الذي يُجسد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة على خطوط الرابع من يونيو/حزيران 1967، ووفق القانون الدولي ومبادرة السلام العربية.
وفي هذا السياق، جرت دراسة عدد من المقترحات المستهدفة كسر الجمود الذي تشهده عملية السلام في الوقت الراهن.
كما ناقش الوزراء الاتصالات التي قامت بها الدول الثلاث على المستويين الإقليمي والدولي، وبحثوا سبل تفعيل الأطر الدولية ذات الصلة بالوضع في الأراضي الفلسطينية ومسار التسوية السلمية.
وتخيم أجواء التصعيد والتوتر على المشهد في قطاع غزة في ظل إعلان الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية، يوم الأحد الماضي، انطلاق فعاليات التدريب المشترك للفصائل المسلحة تحت اسم "الركن الشديد 2".