يحاول النظام السوري تهدئة سكان محافظة السويداء في جنوب سورية بشتى الطرق، كيلا تكون مصدر قلق له قبيل انتخابات رئاسية يستعد لإجرائها منتصف العام الجاري لتثبيت بشار الأسد في السلطة لدورة جديدة مدتها سبع سنوات.
وذكرت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن النظام "شكّل لجنة من فروعه الأمنية كافة في المحافظة لعقد تسويات مع المطلوبين، وخصوصاً المتخلفين عن الخدمة في قوات النظام، والفارين منها، ومن لهم قضايا تتعلق بالأمن وفق تصنيف النظام".
وتنصّ التسوية على الالتحاق بالخدمة في قوات النظام ضمن "الفيلق الخامس" الذي يشرف عليه الجانب الروسي، على أن تكون الخدمة في جنوب سورية حصراً، موضحة أن العقوبات المترتبة على الفرار تسقط فور التوقيع على التسوية.
من جانبه، أوضح الناشط الإعلامي أبو جمال معروف، لـ"العربي الجديد"، أن نحو 200 شاب أجروا الأحد تسويات تنص على "عدم إثارة الشغب والتظاهر أو القيام بأي فعل يؤدي إلى التحريض على التظاهر والمشاركة فيه"، مشيرة إلى أن التسوية تنصّ أيضاً على عدم حمل السلاح أو الاتجار به، وعدم الاعتداء على رجال الشرطة والأمن والجيش.
وكانت محافظة السويداء، ذات الغالبية الدرزية من السكان، شهدت حراكاً شعبياً أواخر الشهر الفائت، كاد أن يتحوّل إلى حركة تمرّد عارم، عقب توجيه إهانة للزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سورية، الشيخ حكمت الهجري، من رئيس جهاز الأمن العسكري في جنوب البلاد لؤي العلي، الذي يتزعم أكثر الأجهزة الأمنية التابعة للنظام وحشية.
وعمل النظام على تطويق المشكلة من خلال إرسال كبار المسؤولين في الحكومة وحزب "البعث" الحاكم لتقديم اعتذار للشيخ الهجري، بل إن مصادر مطلعة تؤكد أن رأس النظام بشار الأسد اتصل بالهجري هاتفياً معتذراً. ويبدو النظام حريصاً على كسب ودّ الدروز السوريين في جنوب سورية قبيل انتخابات ينوي إجراءها منتصف العام الجاري، تتيح لبشار الأسد البقاء في السلطة لولاية جديدة مدتها 7 سنوات، كما ينص الدستور الذي وضعه في عام 2012، ويرفض قرارات دولية تدعو إلى تغييره.
وكانت محافظة السويداء شهدت الشهر الفائت حملة على وسائل التواصل الاجتماعي، تطالب بشار الأسد بعدم الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، حملت عنوان "لا تترشح يا مشرشح"، في دلالة واضحة على تردي الحالة المعيشية في المحافظة.
ويعتقد الكاتب حافظ قرقوط (وهو من أبناء محافظة السويداء)، في حديث مع "العربي الجديد"، أن النظام "يحاول استعادة الهيبة في محافظة السويداء بطرق مختلفة"، مضيفاً: "هو بحاجة إلى إيهام الرأي العام أن له سلطة في هذه المحافظة". وأعرب عن اعتقاده بأن "كل التسويات التي أجراها النظام في سورية كانت فاشلة"، مضيفاً: يتخذ هذا النظام من التسويات فرصة للانتقام من السوريين المعارضين له.
وأشار قرقوط إلى أن النظام "يحتاج إلى شبان يخدمون في قواته، مستغلاً الأزمات المتلاحقة وخصوصاً المعيشية في المحافظة لاستقطاب هؤلاء الشبان"، مضيفاً: "لا منفذ أمام الشباب في السويداء إلا العاصمة دمشق، لذا هم بأمس الحاجة إلى تسويات تتيح لهم السفر بغرض البحث عن عمل أو العبور إلى لبنان لنفس الغاية، وهو ما يستغله النظام".
كما يعتقد قرقوط أن النظام "يريد التأكيد للجانبين الروسي والإيراني أن محافظة السويداء تحت سيطرته"، مضيفا: "ولكن الوقائع على الأرض تؤكد أن القسم الأكبر من هذه المحافظة أصبح خارج إرادة النظام".
وترزح محافظة السويداء تحت وطأة أزمة معيشية دفعت المئات من الشباب والرجال للتطوع لدى الجانب الروسي، للقيام بمهام حماية منشآت نفطية في ليبيا مقابل راتب شهري يصل إلى ألف دولار أميركي.