"تحرير الشام" تضغط على "حراس الدين": تصدير صورة جديدة

"تحرير الشام" تضغط على "حراس الدين": تصدير صورة جديدة

28 فبراير 2021
تسعى "الهيئة" لتكريس سيطرتها في شمال غربي سورية (فرانس برس)
+ الخط -

منذ نحو شهر، باشرت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) حملة اعتقالات طاولت كبار القياديين في تنظيم "حراس الدين" المتشدد في الشمال الغربي من سورية، في خطوة قد يكون هدف الهيئة منها نفي صفة التطرف عنها، وتصدير صورة جديدة عن مسلكها لتكون جزءاً من أي حل في محافظة إدلب. وأشارت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إلى أن الجهاز الأمني في "هيئة تحرير الشام" يواصل حملته التي بدأت منذ نحو شهر ضد "حراس الدين"، مشيرة إلى أن الجهاز اعتقل أول من أمس الجمعة 4 من قياديي هذا التنظيم في مدينة حارم في ريف إدلب الشمالي. وبيّنت أن أبو ماريا القحطاني، الرجل الثاني في "هيئة تحرير الشام"، "هو من يقود هذه الحملة"، مشيرة إلى أن البحث جار عن متزعم "حراس الدين" المدعو أبو همام الأردني، لافتة إلى أنه توارى عن الأنظار مع بدء الحملة مطلع فبراير/شباط الحالي.

اعتقلت الهيئة الرجل الثاني في "حراس الدين"

وكانت "هيئة تحرير الشام" قد اعتقلت يوم الخميس الماضي الرجل الثاني في "حراس الدين"، شقران الأردني، إثر مداهمة منزله الكائن في حي الضبيط وسط مدينة إدلب. وعلى مدى الأيام القليلة الماضية نشط الجهاز الأمني للهيئة، واعتقل قياديين بارزين في "حراس الدين"، من بينهم الشرعي العام أبو عبد الرحمن الأردني، وأبو أحمد الأنصاري، وأبو سليمان الملا، بعد مداهمة منازلهم وسط بلدة كللي شمالي إدلب، إضافة إلى قياديين آخرين منتشرين في عدة بلدات داخل محافظة إدلب. مع العلم أنها ليست المرة الأولى التي تشن فيها "هيئة تحرير الشام" حملة اعتقالات بحق قياديين في "حراس الدين"، وسبق أن اعتقلت أكثر من 20 عنصراً منهم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

في غضون ذلك، تتباين الآراء حول الأسباب الحقيقية للحملة الحالية ضد "حراس الدين". في السياق، اعتبر مصدر مقرب من "الهيئة" في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن الأخيرة "تحاول احتواء أو إقصاء أي فصيل يمكن أن ينازعها السيطرة على محافظة إدلب وبعض محيطها، بعد فرض حكومة الإنقاذ التابعة للهيئة على الشارع السوري في شمال غربي البلاد". ورأى أن تنظيم "حراس الدين" الجناح الأكثر تشدداً في مجموعات تتبنّى فكر السلفية الجهادية، لا يزال يدور في فلك تنظيم "القاعدة"، مضيفاً: "تسعى هيئة تحرير الشام للخروج من تحت عباءة القاعدة من الجوانب كافة، ونفي أي شبهة في ذلك من قبيل دعم أو إيواء أو حماية عناصر هذا التنظيم". مع العلم أن الولايات المتحدة عرضت مكافآت وُصفت بـ"الخيالية" لمن يدلي بمعلومات تساعد بالقبض على ثلاثة من متزعمي تنظيم "حراس الدين"، وهم: سامي العريدي، وأبو عبد الكريم المصري، وفاروق السوري.

من جهته، أشار الباحث في مركز "جسور" للدراسات عباس شريفة، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "دور هيئة تحرير الشام تحوّل إلى دور هامشي في الدفاع عن المنطقة المحررة، بعد دخول الجيش التركي وحمايته للمنطقة من السقوط ووقوفه في وجه الحملة الروسية". وقال: "أصبحت المقاربة الجديدة في العلاقة بين هيئة تحرير الشام وتركيا هي إمساك الهيئة بالملف الأمني وحماية الأرتال والدوريات والقواعد التركية، في مقابل بقاء إدارة المنطقة بيد الهيئة". وأشار شريفة، المختص بشؤون الجماعات الإسلامية، إلى مجموعة من الأحداث "أوقعت هيئة تحرير الشام بالحرج أمام الجانب التركي، منها الاستهداف المتكرر لدوريات وأرتال الجيش التركي في محافظة إدلب، وعبور عناصر متشددة من تنظيم داعش وهيئة تحرير الشام الحدود التركية السورية منذ أسبوع، ووصف وزارة الدفاع التركية عناصر الهيئة بالإرهابيين". وأضاف: "ظهرت الهيئة بمظهر الفشل الأمني، وهو ما دفعها للرد على وزارة الدفاع التركية ونفي علاقتها بالعناصر الذين تم إلقاء القبض عليهم. وكل ذلك أضعف من مصداقية هيئة تحرير الشام أمام تركيا، لذلك تسعى الهيئة من خلال الحملة على حراس الدين إلى استعادة هذه الثقة المتزعزعة حالياً". وأشار شريفة إلى أن الهيئة "تريد جذب اهتمام الفاعلين الدوليين للاعتماد عليها كقوة معتدلة لتفكيك التنظيمات المتشددة"، مضيفاً: "لم تحصل الهيئة حتى الآن على رفع تصنيفها كتنظيم إرهابي على الرغم من الضربات التي تقوم بها ضد القوى المتطرفة".

دور هيئة تحرير الشام تحوّل إلى دور هامشي في الدفاع عن المنطقة المحررة

 

في المقابل، يُعد تنظيم "حراس الدين" المنتشر في بعض بلدات وقرى ريف إدلب الغربي، أبرز التنظيمات التي تعتبر هدفاً دائماً لطيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، والذي استهدف خلال العامين الأخيرين العديد من قادة هذا التنظيم في الشمال الغربي من سورية، بشكل فردي أو من خلال قصف معسكرات تدريب. وكان تنظيم "حراس الدين" قد خرج إلى العلن أواخر فبراير 2018، بعد إعلان "جبهة النصرة" فك ارتباطها عن تنظيم "القاعدة". وعمدت عدة شخصيات انشقت عن الهيئة إلى تشكيل هذا التنظيم الأكثر تطرفاً، من بقايا تنظيم متشدد آخر هو "جند الأقصى" الذي فككته الهيئة. وانضمت إلى "حراس الدين" لاحقاً مجموعات متشددة منها: "جيش البادية، وجيش الساحل، وسرية كابل، وسرايا الساحل، وجيش الملاحم، وجند الشريعة، وكتيبة أبو بكر الصديق، وكتيبة أبو عبيدة بن الجراح، وسرايا الغرباء، وكتيبة البتار، وسرايا الساحل، وسرية عبد الرحمن بن عوف، وكتائب جند الشام، وكتائب فرسان الإيمان، وقوات النخبة".