نقلت صحيفة "بيلد" الألمانية، السبت، عن دوائر حلف شمال الأطلسي (الناتو) والمخابرات الغربية "تفاصيل خطة" أعدت من قبل روسيا لغزو أوكرانيا، في ظل ارتفاع مستوى التوتر على الحدود بين البلدين، والتساؤلات عما إذا كان العالم على شفا حرب في أوروبا.
وقالت "بيلد" إن الخطط الروسية للحرب ضد أوكرانيا معروفة منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتمكنت المخابرات الخارجية الأميركية ووكالة المخابرات المركزية من اعتراض الاتصالات العسكرية الروسية، حيث اطلع عليها حلف شمال الأطلسي خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ووفقاً لمعلومات من ضباط رفيعي المستوى، فإن "الخطط الروسية بغزو أوكرانيا موجودة في الأدراج، ولم يقرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد ما إذا كان سيتم تنفيذها أم لا".
وبيّنت الصحيفة أن عمليات نقل القوات الروسية، منذ إبريل/نيسان الماضي، إلى الحدود "تظهر أن الكرملين يميل نحو تنفيذ خططه الهجومية".
وبالإضافة إلى ذلك، خضعت تفاصيل خطة الهجوم الروسية المحتملة لتقييمات عدة مسؤولين داخل "الناتو" والدوائر الأمنية.
وبحسب مصدر أمني، وصفته "بيلد" برفيع المستوى، فالهجوم في حال إقراره من بوتين سينطلق بالتزامن من شمال شبه جزيرة القرم عبر مناطق انفصالية إلى الشرق والشمال.
وأضافت الصحيفة أن حلف شمال الأطلسي وجهاز المخابرات العسكرية الأوكراني يتوقعان حصول الهجوم نهاية شهر يناير/كانون الثاني وبداية فبراير/شباط 2022 في حال عدم استجابة أوكرانيا والحلف لمطالب بوتين.
ونقلت الصحيفة عن مطلعين أن الهجوم سيكون على ثلاث مراحل، ويمكن أن تكون كل مرحلة هي الأخيرة في العملية في حال كان هناك رد فعل غربي على الغزو. وهذه مراحل الخطة المفترضة هي كما نشرتها "بيلد":
-
المرحلة الأولى.. الجنوب
سيتم احتلال جنوب أوكرانيا من أجل تأمين الإمدادات لشبه جزيرة القرم وعزل أوكرانيا عن البحر، وبالتالي قطع الامدادات.
وقال ضابط أمني استخباراتي غربي رفيع المستوى لصحيفة "بيلد" إن روسيا تخطط لاستخدام سفن الإنزال التي تم نقلها من بحر البلطيق إلى المنطقة في وقت سابق من عام 2021، بينها نقل الدبابات من شبه جزيرة القرم إلى المنطقة المحيطة بأوديسا. وتتوخى الخطط الروسية عملية إنزال برمائي شرقي أوديسا بين مدينتي فونتانكا وكوبلوفيه، على أن تتقدم القوات الروسية شمال شرق المدينة، ثم تلتف يساراً وتتقدم إلى ترانسنيستريان، وهذا من شأنه أن يجعل أوديسا مطوقة.
وفي الوقت نفسه، ستكون هناك غارات جوية من قوات سبيسناز الخاصة في منطقة شيرسون على طول نهر دنيبر، مما سيؤي إلى إغلاق الجسور فوق أهم نهر في البلاد، وبالتالي قطع الإمدادات عن الأوكرانيين، على أن يتزامن ذلك مع إطلاق نيران المدفعية من شبه جزيرة القرم، الأمر الذي سيجعل القوات الأوكرانية غير قادرة ومقيدة.
وبحسب الخطة، ستتقدم الدبابات الروسية بمساندة من القوات البحرية والجوية غرباً من منطقة دونباس في شرق أوكرانيا، ثم تنقسم وتتقدم من ناحية زابوريزهيا (أهم نقطة عسكرية في جنوب أوكرانيا)، وإذا ما نجحت العملية فسيكون جنوب أوكرانيا بأكمله تحت السيطرة الروسية، وسيكون بوتين قد شق ممراً من روسيا إلى حدود حلف شمال الأطلسي مع رومانيا.
-
المرحلة الثانية.. الشمال الشرقي
بالتوازي مع المرحلة الأولى من الحرب، ستضعف القوات الجوية والصواريخ الباليستية الروسية القدرات العسكرية لأوكرانيا في جميع أنحاء البلاد، وإذا ما كان من لزوم لتحقيق شروط العملية يمكن لوحدات الدبابات الروسية عبور الحدود في منطقتي لوغانسك وشاركيف، والتقدم إلى المدن الرئيسية في دنيبرو وبولتافا، وقبل كل شيء يصارإلى تطويق المدن وقطع الكهرباء والغاز والإمدادات الغذائية، وليحتفل الروس بعد أسابيع كمنقذين للمدنيين من الجوع أو الموت.
-
المرحلة الثالثة.. تقدم الجيش من الشمال باتجاه كييف
في المرحلة الثالثة، بحسب الخطة المفترضة، يتقدم جيش الكرملين باتجاه كييف من الشمال. وقال مصدر عسكري لـ"بيلد": "بالطبع يمكن أن يحدث ذلك في بداية الحرب إذا اقتضت الظروف ذلك".
وأبرزت الصحيفة أن هناك عدم يقين بين استراتيجيي حلف شمال الأطلسي حول ما إذا كان نظام رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو سيشارك في "الأعمال العدائية" من مينسك.
وإذا ما كانت الأخيرة نقطة انطلاق للهجمات الروسية، أو حتى البيلاروسية، ستكون خطة روسيا لتطويق وحصار كييف من الشمال الشرقي والشمال الغربي بحركة كماشة، ولتسير بعدها القوات الروسية حتى خط كوروستن أمان، بهدف قطع الإمدادات عن غرب أوكرانيا حتى استسلام الأخيرة وسقوطها لاحقاً.
وأوضحت "بيلد" أنه بنتيجة هذا السيناريو لدى الكرملين، ستحتل روسيا ثلثي ما يعرف الآن بأراضي أوكرانيا، حتى إنها نقلت عن مصدر أمني أنه "إذا ما دخلت روسيا، سوف يتم فرض العقوبات على أي حال، ولم يعد من المنطقي التوقف في منتصف الطريق".
وفي غضون ذلك، لدى الأمنيين وجهة نظر سلبية تجاه الدفاع عن أوكرانيا، حيث أكدت "بيلد"، نقلا عن مصدر عسكري رفيع المستوى قوله إن "الأوكرانيين سيقاتلون، لكنهم لن يكونوا قادرين على الصمود في وجه هجوم كبير من جانب الروس".
فيما قال ضابط آخر إن صواريخ "جافلين" الأميركية المضادة للدبابات ليست كافية بأي حال من الأحوال لجميع الدبابات الروسية، وستكون طائرات "بيرقدار" التركية فريسة سهلة للطائرات المقاتلة الجوية الروسية. ومن أجل الدفاع عن نفسها، ستحتاج أوكرانيا فوراً إلى صواريخ غربية حديثة مضادة للطائرات من نوع "باتريوت"، وصواريخ مضادة للسفن من نوع "هاربون".
وخلصت الصحيفة إلى أن التهديدات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا وإعلان الحرب "ستكون حتمية إذا لم تتخل حكومة كييف عن خطتها لاستعادة دونباس التي تحتلها روسيا مع شبه جزيرة القرم"، مضيفا أنه "يتعين على حلف شمال الأطلسي أيضاً ضمان أن أوكرانيا لن تصبح أبداً عضواً في الحلف، إلى جانب سحب الأسلحة التي يفترض أنها متمركزة في أوكرانيا، وذلك من أجل منع الحرب في المنطقة".