بعد مرور عقد على تأسيس المجلس الوطني الكردي كواحد من أبرز التجمعات الكردية في شمال شرق سورية، تُطرح العديد من التساؤلات حول الأهداف التي استطاع تحقيقها المجلس منذ إعلان مبادئه وأهدافه، وإلى أين يتجه خلال المرحلة القادمة في سياسة التحالفات القائمة في المنطقة.
وجدد المجلس الوطني الكردي، بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيسه، في ندوة أقامها بمدينة القامشلي بمحافظة الحسكة، أمس الثلاثاء، التزامه بكافة أشكال النضال الديمقراطي في إطار سعيه لتحقيق وحدة الموقف والصف الكرديين بإطار سورية كدولة ديمقراطية علمانية اتحادية متعددة القوميات والأديان يقر دستورها الحقوق القومية للشعب الكردي، بحسب الخطاب الذي ساد الندوة.
وبعد عقد على تأسيس المجلس الوطني الكردي، يثير مراقبون لمسار المجلس تساؤلات حول فاعليته على الأرض، ومدى التزامه بالقضية الكردية التي حدد في برنامجه السياسي أنه يسعى للاعتراف الدستوري بالهوية القومية الكردية، إضافة لإلغاء السياسات والقوانين المطبّقة على أكراد سورية، بما في ذلك حظر استخدام اللغة الكردية وإنشاء المدارس الكردية، والتعويض على المتضررين حتى الآن. مع تحقيق اللامركزية السياسية في الحكم في سياق وحدة الأراضي السورية وما حققه من هذه الطروحات خلال السنوات التي مضت على تأسيسه.
ويؤكد الكاتب والمحلل نايف جبيرو الكردي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هناك الكثير من النقاط في مسيرة المجلس الوطني الكردي بحاجة لإعادة نظر، كما أن هناك مواضع خلل كبيرة يجب على أعضاء المجلس معالجتها"، معتبراً أن "المجلس يعد مكسباً للحركة الكردية".
وأضاف "طيلة السنوات العشر من عمر المجلس كانت هناك إيجابيات للمجلس ووجوده كمؤسسة جامعة للحركة السياسية الكردية والعمل الوطني الكردي خلال السنوات التي مضت"، لكنه يرى أنه وفي الوقت ذاته أن "المجلس بات بحاجة لإعادة النظر بدقة في عمله".
وأوضح أن "عليه تحمل مسؤولية تاريخية في مرحلة حساسة، وهذا ما يتطلب منهم مراجعة شاملة لعمل المجلس خلال السنوات الماضية، ومعرفة مواضع الخلل في عمله والعمل على إصلاحها"، ويضيف: "مواضع الخلل كبيرة، ظهرت خلال السنوات العشر، ومنها غياب جهة تمثيلية محددة تعلن عن مواقف المجلس، كون هناك أكثر من شخص في الخارج والداخل وهذا يتطلب التدقيق من هذه الناحية".
كما اعتبر جبيرو أن "هناك تقصيراً من خلال وجود المجلس في الائتلاف الوطني المعارض، بالرد على الكثير من المواقف "الشوفينية" في الائتلاف من خلال التصرفات أو الانتهاكات التي ترتكب في منطقة عفرين ورأس العين، وعليه أن يظهر مواقف أكثر جدية".
ويستند منتقدو المجلس الوطني الكردي على نقطة تبعيته للخارج، إلى نشأته برعاية رئيس إقليم كردستان العراق السابق مسعود البارزاني خريف العام 2011 في عاصمة الإقليم، حيث يؤكدون على عدم إمكانية خروجه من دائرة الوصاية تلك، وهذا ينعكس بشكل أو آخر على رأي الشارع الكردي في سورية أيضاً.
ويبرر المجلس عدم قدرته على العمل في الداخل، بتكرار الاعتداءات التي طاولت مكاتب أحزاب منضوية تحته، فيما ينظر الشارع الكردي أن ذلك ليس مبرراً للبعد عن الداخل والاكتفاء بالوجود خارج مناطق الانتشار الكردي، معتبرين ذلك انفصالاً وبُعداً عن الواقع.
بدوره، يرى الكاتب الكردي أكرم حسين أن "المجلس بعد عشر سنوات من التأسيس، بات أمام مراجعة نقدية سياسية وتنظيمية، كي يتخلص من الحالة التي هو فيها الآن، لأن الكثير من المتغيرات حدثت، وهذه المتغيرات تتطلب القيام بقراءة جديدة وإنتاج سياسة إبداعية تتناسب مع الواقع الجديد بعد 10 سنوات من الثورة في سورية، وبعد أن تطبعت وتعسكرت وانحرفت عن مسارها الحقيقي"، حسب وصفه.
ويذهب حسين، في حديثه لـ"العربي الجديد"، لمطالبة المجلس الوطني الكردي باتخاذ مواقف أكثر فاعلية وصرامة كعضو في الائتلاف الوطني السوري، قائلاً: "فيما يتعلق بوجود أو بقاء المجلس في الائتلاف، هناك رؤية للمجلس برسم سياساته وخاصة اتجاه المنطقة الكردية، صحيح أن المجلس في الائتلاف لكن الكثير من الممارسات والسياسات التي تقوم بها المجموعات المرتبطة بالائتلاف لا تحظى برضى المجلس".
وتابع "هناك بعض الإشكالات القائمة بين المجلس والائتلاف، وهناك مطالبات حقيقية من المجلس بأن يتم تطبيق الوثيقة الموقعة منذ عام 2013 لأن الائتلاف لا يلتزم ببنود هذه الوثيقة ولذلك الحوار قائم بين المجلس والائتلاف بشأن الوثيقة"، مردفاً: "أعتقد أنه إذا لم يتم الالتزام بها وإذا لم يتم وقف هذه الانتهاكات سيكون للمجلس رأي آخر".
بدوره قال سكرتير حزب "يكيتي" الكردستاني، والمنضوي ضمن أحزاب المجلس، سليمان أوسو، إن "المجلس الوطني الكردي عمل كممثل حقيقي للشعب الكردي، وأيضا هو جزء من المعارضة السورية"، مبيناً أن المجلس ربط مصيره بمصير الغالبية المطلقة من الشعب السوري وشارك في الثورة السورية بكل مكوناته، وحافظ على سلمية الثورة في المنطقة".
وأقر أوسو بوجود أخطاء، مشدداً على التزام المجلس الوطني الكردي بالوثيقة التي تأسس عليها، وهي الاعتراف بكافة الحقوق القومية للشعب الكردي في المستقبل، إضافة للتعاون مع كافة فئات الشعب السوري، لافتاً بأن سلطة الأمر الواقع (بالإشارة إلى الإدارة الذاتية الكردية التي يشكل حزب الاتحاد الديمقراطي معظم قياداتها) شرعنت فتح مكاتب المجلس وله الحق بممارسته نشاطاته، لكن هناك تراجعاً عن هذه القرارات، وكانت هناك محاولات لإنهاء المجلس وجمهوره وأحزابه.
وتشكّل المجلس الوطني الكردي في سورية خريف العام 2011 في أربيل بكردستان العراق، برعاية حكومة إقليم كردستان العراق، وحظي في البداية بدعم الأحزاب الكردية التي كانت منضوية في السابق تحت لواء الجبهة الديمقراطية الكردية، والتي كانت تضمّ أحد عشر حزباً سياسياً كردياً سورياً، وأعقب تشكيل المجلس الوطني الكردي كمظلة مُعارضة لنظام الأسد إنشاء المجلس الوطني السوري، الجماعة المعارضة الرئيسة في المنفى، لينضم المجلس إليها، ثم ينضم للائتلاف بعد حل المجلس الوطني السوري، وأخذ الائتلاف دور قيادة المعارضة السورية.