مسوَّدة الاتفاق الليبي الجديد.. هل ينجح الليبيون في تعديل اتفاق الصخيرات بعد ست سنوات؟

09 نوفمبر 2020
التغييرات في الاتفاق الجديد جوهرية(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -


انطلقت، اليوم الاثنين، جلسات ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس، برعاية الأمم المتحدة، للوصول إلى توافق على المرحلة السياسية المقبلة، في أعقاب اتفاق الأطراف الليبية على وقف دائم لإطلاق النار. وحصل "العربي الجديد"، على نسخة من الملحق الأول المطروح أمام أعضاء الملتقى، بشأن معايير وآليات اختيار السلطة التنفيذية الجديدة. 
وبينما أكدت الوثيقة أنها تنص على اتفاق معدل لـ"ما ورد في الاتفاق السياسي الليبي الموقع في مدينة الصخيرات بتاريخ 17 ديسمبر/ كانون الأول 2015، ويُعَدّ مُلغىً كل ما يخالفه"، إلا أن التغييرات في الاتفاق الجديد تبدو جوهرية، خصوصاً في ما يتعلق بالسلطة التنفيذية الجديدة، والصلاحيات الواسعة التي منحتها الوثيقة للأعضاء الـ 75 لملتقى الحوار السياسي الحالي كجهة عليا مهيمنة يتراجع معها دور مجلسي الدولة والنواب المنبثقين من اتفاق الصخيرات.

مرحلة تمهيدية
وبشكل واضح، حددت الوثيقة أن المرحلة المقبلة مرحلة تمهيدية لإنهاء حالة الصراع المسلح وتحقيق الأمن، وتوحيد مؤسسات الدولة لوقف حالة الانهيار في الخدمات والاقتصاد. 
وأشارت إلى أن هذه المرحلة يناط بها أيضاً "التحضير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية لضمان إجرائها في موعدها"، يسبقها حوار مجتمعي حول الانتخابات وقاعدتها الدستورية وقانون الانتخابات. 

إعادة هيكلية الاقتصاد
وفي المجال الاقتصادي حثت الوثيقة على ضرورة "إعادة هيكلة الاقتصاد الليبي بمراعاة جملة من الجوانب، من بينها "تطوير نموذج لإدارة عوائد الموارد النفطية وباقي الموارد الطبيعية الأخرى وطرحه للتوافق المجتمعي". 

هيكل السلطة
وعلى صعيد هيكل السلطة التنفيذية الجديدة، لفتت الوثيقة إلى أنها مكونة من مجلس رئاسي جديد برئيس ونائبين، وحكومة موحدة، يتوليان إدارة المرحلة الانتقالية بالتوافق. 
ويتكون المجلس الرئاسي الجديد من رئيس ونائبين يعكسون التوازن الجغرافي، بينما تتكون الحكومة من رئيس وزراء يختار نوابه وتشكيلته الحكومية، وتكون مدة ولاية مكوني السلطة التنفيذية الجديدة 18 شهراً، قابلة للتمديد إلى ستة أشهر أخرى إذا ما تأخرا في العمل على أهم مهامهما المتمثلة بإنجاز القواعد الدستورية اللازمة لتدشين المرحلة الدائمة. 

الصورة
اتفاق ليبي جديد/سياسة/العربي الجديد

وحول مهام المجلس الرئاسي الجديد، فقد تلخصت بتمثيل البلاد دولياً واعتماد البعثات الدبلوماسية الخارجية، لكن أبرز مهامه: القيام بمهام القائد الأعلى للجيش الليبي، وتسمية رئيس وأعضاء مجلس الدفاع والأمن القومي بالتشاور مع رئيس الحكومة وفي مدة لا تتجاوز شهراً من مباشرة المجلس الرئاسي لمهامه، دون أن تحدد الوثيقة ما دور المجموعات المسلحة في البلاد في هذا المجلس. 
نقاط اختلاف جوهرية
وذهبت الوثيقة، التي حصل عليها "العربي الجديد"، إلى تضمين نقاط اختلاف جوهرية في الاتفاق الجديد عن اتفاق الصخيرات، لتجاوز معضلة اعتماد الحكومة ووزرائها، فقد طالبت رئيس الحكومة الجديد بتقديم تشكيلته الحكومية لمجلس النواب في مدة أقصاها 30 يوماً، لاعتمادها خلال عشرة أيام، وفي حال اعتراض الأخير عليها لمرتين، تحال التشكيلة الحكومية على المجلس الرئاسي لاعتمادها، وفي حال تعذُّر الحصول على الثقة من المجلس الرئاسي يدعى ملتقى الحوار السياسي للانعقاد لاعتماد الحكومة الجديدة. 
وإن حددت الوثيقة بعض صلاحيات للحكومة الجديدة لم ينص عليها اتفاق الصخيرات مثل "تمثيل الدولة في علاقاتها الخارجية وعقد الاتفاقيات وتوقيع مذكرات التفاهم التي تخدم المرحلة التمهيدية"، إلا أنها أكدت ضرورة اضطلاع الحكومة بأهم أعمالها في "العمل على إنهاء حالة الصراع المسلح وتنفيذ ما يتفق عليه من صيغ عملية لوقف إطلاق النار وتوحيد مؤسسات الدولة كافة، بما في ذلك المؤسسات الأمنية والعسكرية"، وتقديم مشروع لـ"التحضير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، واتخاذ كل التدابير اللازمة"، وكذلك المشاركة في الحوار المجتمعي حول الانتخابات وقاعدتها الدستورية وقانون الانتخابات الذي يقوده المجلس الرئاسي. 

الصورة
اتفاق ليبي جديد1/سياسة/العربي الجديد

كذلك حدّدت الوثيقة طريقة لاختيار رئيس المجلس الرئاسي الجديد ونائبيه من خلال اقتراح الدوائر الانتخابية لأقاليم ليبيا الثلاثة، قبل أن تعرض الأسماء المرشحة على البعثة الأممية للتأكد من انطباق الشروط والمعايير التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي على الأسماء المقترحة من قبل التجمعات المحددة، ويختار أعضاء الملتقى رئيس وأعضاء المجلس بطريقة التصويت، على أن يكون الرئيس من الإقليم التي لا ينتمي إليه رئيس الحكومة، فيما يختارون النائب الأول والثاني بحسب ترتيب العدد السكاني للدوائر الانتخابية للإقليمين الآخرين.

 
ملتقى الحوار السياسي
ومن بين الاختلافات التي تضمنتها وثيقة الاتفاق الجديد، استمرار عمل ملتقى الحوار السياسي، بهدف متابعة تنفيذ الاتفاق الجديد بالتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة. 
وحددت الوثيقة هيكل عمل الملتقى باختيار "سكرتاريا" للملتقى تتكون من خمسة أعضاء يختارهم الملتقى، لمتابعة وتقييم وتقويم المؤسسات المعنية بتنفيذ هذا الاتفاق بواقع نصف سنوي، وتحديد مدى التزام وكفاءة أداء تلك المؤسسات في تنفيذ المهام المحددة لها في المرحلة التمهيدية. 

كذلك يناط بمجموعة الخمسة المنبثقة من الملتقى "متابعة ما يُتَّفَق عليه في برنامج عمل الحكومة"، بصلاحيات لاقتراح المعالجات اللازمة عند الحاجة لذلك، بما في ذلك استبدال القيادات التي تتولى إدارة تلك المؤسسات على أن تُختار من خلال دعوة ملتقى الحوار السياسي الليبي للانعقاد بالتنسيق مع البعثة الأممية.
كذلك يُسمَح لأعضاء الملتقى الاجتماع مجدداً لـ"تعديل الاتفاق السياسي بما يعالج الإشكاليات التي تواجه المؤسسات المختارة"، بالتنسيق مع البعثة الأممية. 
وطالبت الوثيقة بضرورة تضمين التعديل الجديد لـ"الاتفاق السياسي" في مدة أقصاها 30 يوماً من قبل مجلس النواب، وإحالة تضمينها على المجلس الرئاسي إذا تعذر على مجلس النواب تضمينها، وكذلك على ملتقى الحوار السياسي في حال عجز المجلس الرئاسي عن تضمينها.