11 نوفمبر 2024
الندم وفضائله
ردّاً على سؤالٍ خلال حوار تلفزيوني، قالت الممثلة المخضرمة، وبثقة فائضة، إنها راضيةٌ تماماً عن نفسها، وإنها لا تعرف ما هو شعور الندم، كونها لم ترتكب أي خطأ خلال مسيرة حياتها. قالت ذلك من دون أن يرفّ لها جفن، ومن دون أن يبدو على ملامحها (البوتكسية) أي تعبير إنساني واضح. تابعت الممثلة السبعينية، وباستهانة سافرة بعقول المتابعين، إن ضميرها مرتاح تجاه كل القرارات التي اتخذتها، بما في ذلك زيجاتها السبعة، العرفي منها والرسمي. ولم تُبد ندماً على الأفلام التجارية الهابطة التي قامت ببطولتها في مطلع شبابها. كما أكدت على مواقفها السياسية المحابية لأنظمة الاستبداد، ضماناً لاستمرار تسليط الأضواء عليها بعد أن أفل نجمها.
هذه الممثلة المؤسفة نموذجٌ سائدٌ بكثرة في أوساط المشاهير والعامة على السواء في مجتمعاتنا التي تربّى أفرادها على الزيف، وتوهم التفوق وصواب الرأي وسداد الفكر ورجاحة العقل واحتكار المعرفة، ما جعل الواحد منهم نرجسياً تقليدياً واقعاً في غرام نفسه، مثل نرسيس في الأسطورة، حين عشق نفسه، وتعذب في حبه حتى الموت.
نفتقر عموماً إلى مواجهة الذات بتجرّد، والإقرار بنقاط ضعفها، ونتميز بالترفع الأرعن عن فرصة الندم والتدارك التي يبيحها الزمن للخطّائين منا. يعرّف علم النفس شعور الندم بأنه ألم نفسي يؤرّق الإنسان، ويجعله غير قادرٍ على مزاولة حياته من دون التخلص من ذلك الحمل الثقيل الذي يُثقل الروح، على إثر ارتكاب خطأ ما سبّب أذىً للشخص نفسه، أو لآخرين. ويعتبر علماء اجتماع أن الندم فرصة عظيمة للتطهر والتخفف من الهموم والأحزان، ما يوفر ظروف حياة أكثر ملاءمة، لن يحقق أي منا مرحلة التصالح مع ذاته، قبل الاعتذار الجريء والصريح والحصول على الغفران لمن تمّت الإساءة بحقهم. يلي ذلك الاعتذار من النفس، وطلب مسامحتها.
تقتضي مثل هذه السلوكيات الإيجابية توفّر مقدار من النزاهة والتواضع والصدق والرغبة في المكاشفة. عندها فقط قد نصل إلى نقطة الرضا عن الذات، ونتخلص من مظاهر الحمق من العناد والكبر والتعنّت الذي ينفّر الآخرين، ويصل بنا إلى الفشل الذريع في علاقاتنا الإنسانية وإلى العزلة.
لا تعرف الممثلة كاملة الأوصاف، المختالة بغبائها، أن خلايا الإنسان دائمة التجدّد، وأننا نتغير كل يوم، ومثل هذا التغيير الكلي الذي تقرّه حقائق البيولوجيا يشمل خصائصنا النفسية، ونمط تفكيرنا ومستوى وعينا، ما يستدعي بالضرورة إخضاع أنفسنا لتقييم دوري، في تطبيق عملي لفكرة النفس اللوّامة، أو ما يمكن أن نسمّيه الضمير، مرجعيةً أخلاقيةً فطرنا عليها وجعلتنا، في الأغلب، ميّالين غريزياً للخير، اختياراً وطريقا وهدفا أسمى، لا تتحقق إنسانيتنا إلا بتعزيز أسبابه في نفوسنا. لن يحدث ذلك إلا إذا سلكنا بشجاعةٍ درب الندم، من دون خجل أو مكابرة، انطلاقا من حقيقةٍ بسيطةٍ أن الإنسان بطبعه هش وضعيف، وهو معرّض لمغرياتٍ وتضليلٍ وظروف حياةٍ، قد لا يتوفر فيها الحب والاعتناء، فيواجه الدنيا مجرّدا من القدرة على التمييز والتقدير الكافي للذات. ومن المتوقع، والحال هذه، أن يسيء إلى نفسه، من خلال اختيارات خاطئة يتخذها في حياته، مثل الارتباط العاطفي بشريكٍ غير مناسب، أو اتخاذ قراراتٍ غير ملائمة متعلقة بالدراسة والعمل، قرارات مصيرية تحدّد مسار حياته التي ستتحوّل، مع مرور الأيام، إلى جحيم لن ينجو من لظاه ما لم يمتلك الإرادة، كي يقلب الطاولة، ويعمل على إعادة صياغة حياته، بما يتوافق مع تطلعاته، حين يقتنع بأن كل شيء قابل للتصويب، وأن الأوان لم يفت بعد، وأن بعض الندم على ما فات هو الفضيلة بحد عينها.
نفتقر عموماً إلى مواجهة الذات بتجرّد، والإقرار بنقاط ضعفها، ونتميز بالترفع الأرعن عن فرصة الندم والتدارك التي يبيحها الزمن للخطّائين منا. يعرّف علم النفس شعور الندم بأنه ألم نفسي يؤرّق الإنسان، ويجعله غير قادرٍ على مزاولة حياته من دون التخلص من ذلك الحمل الثقيل الذي يُثقل الروح، على إثر ارتكاب خطأ ما سبّب أذىً للشخص نفسه، أو لآخرين. ويعتبر علماء اجتماع أن الندم فرصة عظيمة للتطهر والتخفف من الهموم والأحزان، ما يوفر ظروف حياة أكثر ملاءمة، لن يحقق أي منا مرحلة التصالح مع ذاته، قبل الاعتذار الجريء والصريح والحصول على الغفران لمن تمّت الإساءة بحقهم. يلي ذلك الاعتذار من النفس، وطلب مسامحتها.
تقتضي مثل هذه السلوكيات الإيجابية توفّر مقدار من النزاهة والتواضع والصدق والرغبة في المكاشفة. عندها فقط قد نصل إلى نقطة الرضا عن الذات، ونتخلص من مظاهر الحمق من العناد والكبر والتعنّت الذي ينفّر الآخرين، ويصل بنا إلى الفشل الذريع في علاقاتنا الإنسانية وإلى العزلة.
لا تعرف الممثلة كاملة الأوصاف، المختالة بغبائها، أن خلايا الإنسان دائمة التجدّد، وأننا نتغير كل يوم، ومثل هذا التغيير الكلي الذي تقرّه حقائق البيولوجيا يشمل خصائصنا النفسية، ونمط تفكيرنا ومستوى وعينا، ما يستدعي بالضرورة إخضاع أنفسنا لتقييم دوري، في تطبيق عملي لفكرة النفس اللوّامة، أو ما يمكن أن نسمّيه الضمير، مرجعيةً أخلاقيةً فطرنا عليها وجعلتنا، في الأغلب، ميّالين غريزياً للخير، اختياراً وطريقا وهدفا أسمى، لا تتحقق إنسانيتنا إلا بتعزيز أسبابه في نفوسنا. لن يحدث ذلك إلا إذا سلكنا بشجاعةٍ درب الندم، من دون خجل أو مكابرة، انطلاقا من حقيقةٍ بسيطةٍ أن الإنسان بطبعه هش وضعيف، وهو معرّض لمغرياتٍ وتضليلٍ وظروف حياةٍ، قد لا يتوفر فيها الحب والاعتناء، فيواجه الدنيا مجرّدا من القدرة على التمييز والتقدير الكافي للذات. ومن المتوقع، والحال هذه، أن يسيء إلى نفسه، من خلال اختيارات خاطئة يتخذها في حياته، مثل الارتباط العاطفي بشريكٍ غير مناسب، أو اتخاذ قراراتٍ غير ملائمة متعلقة بالدراسة والعمل، قرارات مصيرية تحدّد مسار حياته التي ستتحوّل، مع مرور الأيام، إلى جحيم لن ينجو من لظاه ما لم يمتلك الإرادة، كي يقلب الطاولة، ويعمل على إعادة صياغة حياته، بما يتوافق مع تطلعاته، حين يقتنع بأن كل شيء قابل للتصويب، وأن الأوان لم يفت بعد، وأن بعض الندم على ما فات هو الفضيلة بحد عينها.