محمد صلاح وكنز الخائبين

03 مايو 2018
+ الخط -
الذين يبحثون عن كنوزهم في محمد صلاح، وخصوصا إعلام عبد الفتاح السيسي وتفريعة قناته المليئة بأطنان الجمبري الذي غطّى القارات السبع، أو حقول غازه التي تموّج كأنهار من عسل تحت مياه المتوسط، لن يجدوا في محمد صلاح سوى لاعب كرة قدم موهوب، يحب قريته وناسه وأهله الطيبين، فليس معه مفتاح المهندس هاني عازر الذي وعدهم، وهو في ألمانيا، بجنات متوهّمة، ولا هو عالم الفضاء فاروق الباز الذي يعِدهم من أربعين سنة ببحارٍ من عسل ونفط ومياه عذبة تتمدّد مزغردةً تحت التربة السخية من البحر الأحمر، حتى حدود واحة جغبوب غربا.
ليس مع محمد صلاح المفتاح الذهبي لعالم الاقتصاد، دكتور محمد العريان، الذي قال إن اقتصادنا يتعافى بأسرع ما كنا نتوقع.
محمد صلاح لاعب كرةٍ يجري وراء الهدف، ولا يجري وراء جاكيت فلاديمير بوتين، كي يأخذ منه فائض البركة كي يعمّر سيناء بالتين والزيتون والبصل الوفير. محمد صلاح يعمل حساب الكرة، حينما يرفعها خط الوسط، ولا يعمل حساب "القضاة" في "عيدية أولادهم"، أو طهور أحفادهم.
محمد صلاح لاعب كرة يركّز على الهروب من الخصم، ولا يملأ بطنه "بالرز" ظهرا قبل المباراة، ولا ينتظر "غرّة ترامب" كي تهتز مع جيبة ابنته إيفانكا على وقْع النسيم في الرياض أو في جدة.
محمد صلاح فقط ينتظر نسيم الكرة ومزاجها، ولا يمتلك مشروعا، لا لسيارات الخضار أو الفول المدمس أو المعسل، فقط يمتلك حلمه بهدفٍ يرقص البسطاء بعده من كثرة خيبات نظامهم الذي لم يترك لهم حلما إلا هدمه، حتى عمارات الأسمرات وإيجاراتها، أو التجمع الخامس الذي انهارت جسوره أمام السيول.
محمد صلاح ليس لديه عرّافة تقيم عثرات الخائبين من الحكّام والباحثين عن نصرٍ، حتى بجوار تمثال لكأس العالم أو جاكيت بوتين.
محمد صلاح يجري كغزالٍ فقير، هربا من الخيبات والفقر اللذين عاشهما سنواتٍ بعدما شمّ نسيم التحقق والحرية والعدل على أرض الغريب.
فدعوا الغزال يجري، ولا تبحثوا عن كنوز خيباتكم ما بين أقدامه، فالرجل ليس سوى غزالٍ يجري على بساط أخضر وراء كرةٍ يحلم بمغازلتها ليلا، فتطاوعه وتطاوع حزن عينيه وطيبته وطيبة أهله البسطاء الذين كم تمنّى عالمكم، فاروق الباز، أن يدفنهم لفقرهم وعارهم وأعدادهم المهولة التي تعطل التنمية.
دعوا محمد صلاح، ولا تحمّلوه إخراج مفاتيح الجنة لكم، كي تخرجوا كنوز الصحراء التي كم ضحكتم بها علينا من سنوات في أغانيكم. من 60 سنة في أغانيكم ونحن نسمع "يا صحرا لمهندس جاي.. يرويكي بعيون الماي"، حتى انتهت إثيوبيا من بناء 70% من جسد سد النهضة.
لا تبحثوا في محمد صلاح، فالرجل لا يبيع الآثار في أسواق أميركا أو أوروبا، ولا يتاجر في الأسلحة، أو حبة البركة، ولا عنده طائرات رافال أو طائرة خاصة، فقط يمتلك حيلته في الهروب، فيهرب كغزالٍ من الخصم، كي يسجل الهدف بحيلةٍ وهبها الله في ثانيةٍ من غير خطة خمسية أو عشرية، ولا يجري في أنفاق هاني عازر التي ستعود على مصر بالبركات، مع رمال فاروق الباز الذهبية، والتي ستمتلئ بها الخزائن إلى درجة أننا سنحتاج إلى "يوسف آخر"، كي يكون حارسا أمينا على كل جبال الذهب التي وعدنا بها فاروق الباز من سفن فضائه ومكوكاته.
اتركوا صلاح للهدف فقط، وابحثوا أنتم عن أهدافكم الاستراتيجية مع العالم والاستراتيجي، سعد الزنط، واتركوا صلاح يجري من أجل فرحة الفقراء ساعة فقط أو ساعتين من الفرح البسيط في المقهى.
دلالات