08 نوفمبر 2024
إدارة روسية حرّة
لم يمر وقت كثير على الدخول الأميركي على الخط السوري لمزاحمة الروس على رسم المشهد الجديد في البلاد، لتعود روسيا إلى الهيمنة، لكن هذه المرة بالتفاهم مع الولايات المتحدة التي عادت إلى الانسحاب التدريجي، والاكتفاء بالتنسيق من بعيد، بشكل يخدم، بالدرجة الأولى، المصالح الروسية، وهو الأمر الذي يثير تساولات كثيرة بشأن ما حققته الولايات المتحدة من أهداف من دخولها السريع، وأي تفاهمات جرت مع روسيا في شأن الملف السوري.
لا يترك وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، مناسبة إلا ويشير إلى التفاهم مع الروس في سورية، وترك الملف في عهدة موسكو، سواء في ما يخص الوضع الميداني أو الملف السياسي لاحقاً. حتى عندما تطرق إلى مصير الرئيس السوري بشار الأسد، لم يقدم موقفاً حاسماً، فالواضح أن لا موقف للولايات المتحدة في الأمر، واكتفى بالإشارة إلى أن بلاده لا ترى درواً للأسد في المستقبل. والمستقبل هنا مفتوح على المجهول، ومن دون سقف زمني محدّد لذلك، قد يكون شهوراً أو سنوات، غير مهم بالنسبة للولايات المتحدة، فالتفاهم مع موسكو، على الرغم من غموضه، يبدو أنه يريح واشنطن ويعفيها من التدخل في سورية، إلا عبر توجيهات من بعيد.
مؤكد أن التسليم الأميركي للروس بإدارة الملف السوري ليس مجانياً، غير أن مكاسب هذا التنازل المفاجئ لا تزال غير واضحة. ما هو واضح إلى الآن هو الاستفراد الروسي بالوضع السوري بالمجالات كافة، فسورية بمجملها باتت منطقة نفوذ لموسكو، لا أحد ينازعها عليها، حتى من نظام بشار الأسد والإيرانيين. ففي طهران، لا ينظرون بعين الرضا إلى التفاهم الروسي الأميركي الجديد، وخصوصاً أنه جرى استبعاد المسؤولين الإيرانيين عن تفاصيله. الأمر نفسه بالنسبة إلى نظام الأسد الذي لا يستطيع القيام بأي خطوة من دون نيل الرضا الروسي. ولعل الحديث أخيرا عن معركة إدلب ونية النظام تسريعها خير دليل، إذ عمدت موسكو إلى الوقوف في وجه رغبات النظام، على اعتبار أن الوقت لم يحن بعد، أو أن التفاهم مع واشنطن ينص على ذلك، بانتظار الاتفاق على دور تركي في هذه المعركة، وهو أيضاً دور غير واضح بعد.
حتى بالنسبة إلى تركيا التي تربطها حالياً علاقة جيدة مع روسيا، تمنع موسكو إشراكها في الملف السوري، إذ جرى أخيراً استبعاد أنقرة كلياً من اتفاق منطقة خفض التصعيد في ريف حمص، على الرغم من أن هذه المناطق كان مفترضا أن تكون تحت الإشراف الثلاثي الروسي التركي الإيراني، وهو ما لم يحصل، فالروس يتعاملون مع كل منطقة وفق ظروفها الاستراتيجية، وما يخدم مصالحهم وقدراتهم. والاتفاق في حمص، أخيرا، كرّس الهيمنة الروسية على القرار في سورية، بالتفاهم مع الولايات المتحدة التي فوّضت موسكو إدارة مصالحها في البلاد، وهو ما يمكن أن نراه مستقبلاً في الرقة، بعد نهاية المعارك ضد "داعش"، وأي دور سيكون لروسيا بالتعاون مع قوات سورية الديمقراطية.
بالمحصلة، قد لا تنتهي الحرب في سورية إلا وقد تحولت البلاد إلى محميةٍ روسية بالكامل، من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها. قد يبقى اسم الجمهورية العربية السورية موجوداً، في حال تم الإبقاء على وحدة أراضي البلاد، لكن لا بد من أن يكتب تحته "بإدارة روسية حرّة".
لا يترك وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، مناسبة إلا ويشير إلى التفاهم مع الروس في سورية، وترك الملف في عهدة موسكو، سواء في ما يخص الوضع الميداني أو الملف السياسي لاحقاً. حتى عندما تطرق إلى مصير الرئيس السوري بشار الأسد، لم يقدم موقفاً حاسماً، فالواضح أن لا موقف للولايات المتحدة في الأمر، واكتفى بالإشارة إلى أن بلاده لا ترى درواً للأسد في المستقبل. والمستقبل هنا مفتوح على المجهول، ومن دون سقف زمني محدّد لذلك، قد يكون شهوراً أو سنوات، غير مهم بالنسبة للولايات المتحدة، فالتفاهم مع موسكو، على الرغم من غموضه، يبدو أنه يريح واشنطن ويعفيها من التدخل في سورية، إلا عبر توجيهات من بعيد.
مؤكد أن التسليم الأميركي للروس بإدارة الملف السوري ليس مجانياً، غير أن مكاسب هذا التنازل المفاجئ لا تزال غير واضحة. ما هو واضح إلى الآن هو الاستفراد الروسي بالوضع السوري بالمجالات كافة، فسورية بمجملها باتت منطقة نفوذ لموسكو، لا أحد ينازعها عليها، حتى من نظام بشار الأسد والإيرانيين. ففي طهران، لا ينظرون بعين الرضا إلى التفاهم الروسي الأميركي الجديد، وخصوصاً أنه جرى استبعاد المسؤولين الإيرانيين عن تفاصيله. الأمر نفسه بالنسبة إلى نظام الأسد الذي لا يستطيع القيام بأي خطوة من دون نيل الرضا الروسي. ولعل الحديث أخيرا عن معركة إدلب ونية النظام تسريعها خير دليل، إذ عمدت موسكو إلى الوقوف في وجه رغبات النظام، على اعتبار أن الوقت لم يحن بعد، أو أن التفاهم مع واشنطن ينص على ذلك، بانتظار الاتفاق على دور تركي في هذه المعركة، وهو أيضاً دور غير واضح بعد.
حتى بالنسبة إلى تركيا التي تربطها حالياً علاقة جيدة مع روسيا، تمنع موسكو إشراكها في الملف السوري، إذ جرى أخيراً استبعاد أنقرة كلياً من اتفاق منطقة خفض التصعيد في ريف حمص، على الرغم من أن هذه المناطق كان مفترضا أن تكون تحت الإشراف الثلاثي الروسي التركي الإيراني، وهو ما لم يحصل، فالروس يتعاملون مع كل منطقة وفق ظروفها الاستراتيجية، وما يخدم مصالحهم وقدراتهم. والاتفاق في حمص، أخيرا، كرّس الهيمنة الروسية على القرار في سورية، بالتفاهم مع الولايات المتحدة التي فوّضت موسكو إدارة مصالحها في البلاد، وهو ما يمكن أن نراه مستقبلاً في الرقة، بعد نهاية المعارك ضد "داعش"، وأي دور سيكون لروسيا بالتعاون مع قوات سورية الديمقراطية.
بالمحصلة، قد لا تنتهي الحرب في سورية إلا وقد تحولت البلاد إلى محميةٍ روسية بالكامل، من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها. قد يبقى اسم الجمهورية العربية السورية موجوداً، في حال تم الإبقاء على وحدة أراضي البلاد، لكن لا بد من أن يكتب تحته "بإدارة روسية حرّة".