قنابل الدخان وصنافير وتيران

09 يونيو 2017
+ الخط -
قنبلة الدخان نوع من القذائف تستخدمه القوات الخاصة في اقتحام أوكار المجرمين أو تحرير رهائن في مكان ما، وينتج عنها دخان كثيف، يُمكّن أفراد هذه القوات من تنفيذ المهمة المطلوبة تحت ستار هذا الدخان. وفي المقابل، قد يستخدمها المجرمون أنفسهم للهروب.
يستخدم تعبير قنبلة الدخان سياسياً، عندما يحاول فرد أو نظام التمويه والتغطية على قرار ما أو فعل يريد القيام به، ولا يجد قبولاً أو تأييداً. وهذا ما بدأه النظام في مصر منذ حوالي الشهر، مع اقتراب الحكم في قضية جزيرتي تيران وصنافير والمناقشة المزعومة لهذه الاتفاقية في مجلس الشعب، فبدأ النظام في إطلاق قنابل دخان بدأت بكلمة عبد الفتاح السيسي في المؤتمر الإسلامي العربي الأميركي، وما تبعها من اتهام قطر بالإرهاب، ثم اختراق وكالة الأنباء القطرية، ونشر تصريحات مكذوبة للأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وتصعيد الخلاف الحدودي مع السودان، والضربات الجوية لمناهضي خليفة حفتر، في درنة ثم كانت أم القنابل بالأمس (بالاتفاق مع السعودية والإمارات) قطع العلاقات مع قطر وإغلاق الحدود.
كل هذه القنابل تهدف إلى تسليم الجزيرتين للملك سلمان، تنفيذاً للاتفاقية (الباطلة قانونا) بينهما، وكذلك وعده الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتسليمها. وداخلياً يستفيد النظام من هذه القنابل في التغطية على فشله في إدارة البلاد والتصدي للاعتداءات المتكرّرة على الكنائس (محدش يقول في تقصير أمني) وكذلك إخلاله المتجدّد بوعوده بشأن الإبقاء على الدعم ورفع المعاناة عن كاهل المواطن (بكره تشوفوا مصر). وبالطبع، سيستفيد الجانب السعودي منها في التعتيم على ضياع المليارات في صفقات سلاح لا لزوم لها أنعشت الاقتصاد الأميركي.
لا أعتقد أنّ كل هذه القنابل ستنجح في تحقيق غرضها، فالشعب لن تمنعه كثافة الدخان من رؤية الحقيقة، كما أنّ الحقائق التي أثبتتها السنوات السابقة من عمر النظام وفشله المتكرّر في كلّ ما وعد به أوضح من أن تخفيها عشرات القنابل الدخانية التي يطلقها هنا وهناك. فالمواطن ما زال يتساءل: ماذا فعل النظام بتفويض الإرهاب؟ أين عوائد تفريعة القناة التي تكلفت 64 مليار جنيه؟ لماذا تمّ تعويم الجنيه؟ إلى متى يتم الاعتداء على الكنائس؟ ما الهدف من انشغال الداخلية بالأمن السياسي، وترك الأمن الجنائي والمجتمعي للبلطجية والخارجين على القانون وإلى متى؟
كل هذه الأسئلة وغيرها كثير، تقلّل من فرص نجاح القنابل الدخانية، بل إن شئت الدقة تجعلها على العكس قنابل إضاءة تفضح النظام، وتكشف عوراته، فالنظام الذي يبيع أرضه ويفرّط فيها كالرجل الذي يهين عرضه ولا يدافع عنه.
وعلى الرغم من ذلك كله، يبقى العامل الأساسي في فشل النظام وقنابله الدخانية وعدم تمرير الاتفاقية، هو موقف الشعب وصموده ورفضه الاتفاقية، وفضحه محاولات النظام لتمريرها، سواء في مجلس الشعب أو بدونه، وسواء بالاستفتاء أو بدونه، ورفضه بيع أرضه أو التنازل عنها تحت أي مسمى ولأي سبب.
يؤكد القانون الطبيعي أنه لا يمكن أن يتحكم متغير في ثابت، فالوطن والأرض ثابتان، والنظام (بأشخاصه) متغيّر، ولا يجب ولا يمكن أن يتحكم متغير بثابت، أو هكذا هو المنطق والحق والعقل.
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
محمد لطفي (مصر)
محمد لطفي (مصر)