حرب المناورات والتصعيد

02 مايو 2017
+ الخط -
يتجه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى التكيًّف مع التصعيد الجديد الذي تفرضه إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في الملف السوري الذي بدأ عقب تنفيذ ضربة الشعيرات في السابع من إبريل/ نيسان الجاري. حيث بلغ أوجه في تجمّع دولٌ غربية وعربية بوجه الاستفزازت الإيرانية في المنطقة. وتصريحات كل من وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع، جيمس ماتيس، والرئيس التركي أردوغان، وعودة العلاقات بين مصر والسعودية على حساب إيران، إلى جانب النتائج الصادرة من القمة العربية في البحر الميت.. جميعها تصب في أولوية ترامب الثانية بفك الارتباط المصلحي بين إيران وروسيا.
ثمّةَ تحرّك بطيء لترامب يشير إلى عدم تجاهله مجزرة خان شيخون، فمع استمرارالحديث عن تشكيل لجنة تحقيق دولية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لإرسالها إلى خان شيخون، تتضافر الجهود البريطانية والفرنسية لتقديم دلائل تدين الأسد مع المطالبة بإحالته للمحاسبة.
أخيرا، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 271 موظفاً في مركز الدراسات والبحوث العملية السورية، رداً على الهجوم الكيماوي لمعاقبة الأسد، أعقب ذلك اتهامات أميركية لروسيا بتسليح حركة طالبان، بتصريحٍ لوزير الدفاع جيمس ماتيس، متهماً روسيا بزعزعة الاستقرار وتقويضه في أفغانستان، وهو ما يفسّر تضييق الخناق أكثرعلى روسيا المتمسكة بالأسد.
على الرغم من كلّ الحراك الدولي، لا يزال بوتين يستخدم فن المناورة سلاحاً مع أميركا، في محاولة لرفع السقف الربحي، أمام العروض التي قدّمها تيلرسون في زيارتة الأخيرة منتصف نيسان، انتهت آنذاك بترك الباب الأميركي مفتوح أمام بوتين، حتى يفكر بوضع جدول زمني للإطاحة بالأسد، مقابل ضمان مصالحه في سورية، والقبول بالرغبة الأميركية بتحجيم إيران، على أن تستغل روسيا عامل الوقت لإجراء تفاهمات بينها وبين إيران حتى تتفادى المواجهة المباشرة في سورية.
في أول موقف لموسكو جاء بعد أن كشفت وكالة آسيوشتيد برس عن خطة أميركية مؤلفة من أربعة بنود لوضع حدٍ للحرب في سورية، تنتهي بالإطاحة بالأسد، إلا أنّ موسكو وعبر وزيرها لافروف، صرّحت أنّ لديها خطة كاملة وواضحة للحل في سورية، عبر قرار مجلس الأمن 2254 المفضي إلى مرحلة انتقالية.
غير أنّ اللافت هذه المرة، في كلام لافروف، حديثه عن أنّ مصير أي دكتاتور هو السقوط، متابعاً أنّ السقوط لأي طاغية ليس سهلاً.
يتضح من كلام لافروف، أنّ موسكو غير متمسكة بشخص بشار، إلا أنّها تستخدمه كورقة رهان مؤجلة، لاستثمار صفقة تعود عليها بالربح، في بوابة المحافظة على المصالح في الشرق الأوسط.
الواضح في استراتيجية موسكو، أنّها ما زالت تستخدم سلاح المناورة، فهي ميدانياً، بدأت مع حلفائها بفتح معركة جديدة في جنوب إدلب، والهدف السيطرة على مدينة خان شيخون، لطمس معالم جريمة الكيماوي المتورطة بها مع إيران.
المعركة بدأت من ثلاث محاور، ريفي حماه الشمالي وحلب الغربي وجسر الشغور، لتطويق مدينة إدلب وعزلها، للانقضاض لاحقاً على خان شيخون.
مع احتدام المشهد العسكري، سياسياً: قدمت موسكو عرضاً للمجتمع الدولي يقضي بموافقة دمشق على وقف العمل العسكري، مقابل الموافقة على تشكيل لجنة تحقيق دولية تكون روسيا وإيران عمادها الأساسي، وهذا العرض جاء بعد رفض موسكو لجنة التحقيق الدولية التي استبعدتها كلياً من المشاركة.
ليس هذا فقط تنشغل موسكو أيضاً بتحضيرلمناورة أخرى (جولة جديدة في آستانة) في الثالث من أيارالقادم، حيث فتحت الباب لانضمام قطر والسعودية للمشاركة كدول فاعلة ومؤثرة في الملف السوري، ما يعطي الزخم لموسكو أنّها مستمرة في فرض نفسها كمسوّقة للحل السياسي، جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة، رافضةً الاستفراد الأميركي في فرض حل أحادي في مؤتمر جنيف المقبل.
تفيد جميع المؤشرات حتى اللحظة بأنّ لغة المناورة الروسية لم تنته، ولا تنتهي ما دام ترامب إلى الآن ملتزم في مرحلة التصعيد الإعلامي، من دون تنفيذ خطوة أخرى كالتي حدثت في الشعيرات، فيما يبقى الرهان على توقيت نفاد صبر ترامب للمناورات الروسية، لتحقيق خطوة عملياتية تثبت للجميع ترجمة وعوده، أهمها لنا الخلاص من عقدة الأسد، التي على ما يبدو بحسب أولويات ترامب ستكون تحصيل حاصل بعد تحجيم إيران، ووضع نهاية لتنظيم الدولة في سورية.
بمعنى آخر، العمل بالتوزاي بين محاربة تنظيم الدولة، وسحب مليشيات إيران وحزب الله من سورية، ستفضيان بالضرورة إلى إطاحة الأسد.
FB7E1B28-E9EF-474D-808F-467FC19B57EE
FB7E1B28-E9EF-474D-808F-467FC19B57EE
يمان دابقي (سورية)
يمان دابقي (سورية)