الوفاء لجيشنا التونسي

31 مارس 2017
+ الخط -
إذا كان من صرخ شامخ في تونس، فهو حتماً الجيش الوطني، أبطاله من أبناء الشعب الكادح، ولقياداته بوصلة معدّلة فقط وحصرياً على حماية الوطن والذود عن حرمته الترابية، وعن سيادته على أراضيه.
لم يتوّرط الجيش الوطني في أيّة أعمال ضد الشعب منذ الاستقلال، بل كان تدخله في أحداث متفرقة للتهدئة وبث الطمأنية في نفوس الناس، وليس للمداهمات والمطاردات في الساحات.
اليوم يتجنّد جيشنا البطل للقيام بأبرز مهمة في تاريخه، وهي صد عدوان همجي فوضوي ذي ملامح غامضة، وخيوط متشابكة، دولياً ومخابراتياً وعقائدياً في تحريكه، إنّه خطر "داعش"، بما ترمز إليه من عمليات عسكرية خاطفة ومروّعة، ومن خلايا نائمة يصعب الاهتداء إليها بسهولة.
ما من عملية بطولية خاضها جيشنا الوطني، إلا وتعالت أصوات الإشادة والتقدير والدعم من مختلف شرائح المجتمع وتنظيماته الحزبية والسياسية. ولكن، هل هذا فقط واجبنا تجاه جيشنا الوطني؟
هل واجبنا إبداء الإعجاب بجيشنا والتغنّي ببطولاته والترّحم على شهدائه، وهو في ساحة المواجهة يقارع العدوّ ويذبّ عن أمننا وراحتنا ويحمي مكاسبنا ومؤسساتنا؟
الشعوب الواعية لا تدعم جيوشها بالكلام المعسول والشعارات الرنانة فحسب، بل بالعمل، نعم بالعمل المخلص في سبيل الوطن.
لا أعلي صوتي تغنيّاً ببطولات الجيش، ثم أخرج لأعتصم وأتهجم على رموز الدولة، وأهدّد بحرق تلك المقرّات، إن لم تتم الاستجابة لمطالبي الاجتماعية؟ لا أعلي صوتي تغنيّاً ببطولات الجيش، ثمّ أخرج أملأ الشوارع في مسيرات غضب وأقطع الطرقات، وأغلق المؤسسات الصناعية، وأمنعها من الإنتاج، لأنها لم تنتدبني للعمل لديها، أو لم ترفع من أجوري ومنحي كما طالبتها؟

لا أعلي صوتي تغنيّاً ببطولات الجيش، ثمّ أسهم في إيجاد حاضنة شعبية للإرهابيين، من خلال التهكّم على ثقافة حقوق الإنسان، والتشجيع على الظلم وعلى الإدانة بالشبهة والظنّ، وعلى تأبيد أسباب الكراهية والضغائن بين مختلف شرائح المجتمع، فيبقى الجيش الوطني يحارب العدوّ ومن خلفه شعب تتآكله الأحقاد والفتن.
تحتاج الحرب على الإرهاب جيشاً قوياً وشجاعاً وذكياً، ولكن أيضاً تحتاج شعباً واعياً ينمّي قدراته الإبداعية، ويطوّر اقتصاده بالعمل، لا بالإضرابات، ويمتّن أواصر التكاتف الاجتماعي بين أفراده بنشر قيم المحبة والتسامح، لا ببثّ الإشاعات المغرضة والأكاذيب، لتحقيق السبق الإعلامي الموهوم.
63C022B8-AA10-4C0F-AD9D-01B7AB3AF104
63C022B8-AA10-4C0F-AD9D-01B7AB3AF104
حافظ النيفر (تونس)
حافظ النيفر (تونس)