08 نوفمبر 2024
مشهد سوري متقلّب
لم يعد من الممكن متابعة المشهد السوري، والتطورات السياسية والعسكرية هناك، من زاوية التفاهمات أو التحالفات التي كانت قائمة قبل شهر، والتي وضعت تركيا وروسيا وإيران في سلة واحدة أفرزت أستانة الأول والثاني، وأوصلت إلى جنيف الرابع المعقود حالياً. فمن الواضح أن هذه التحالفات أو التفاهمات في طريقها إلى التفكك، مع بروز دور أميركي جديد كان غائباً طوال السنوات الماضية. حتى ما يحدث في جنيف اليوم، وما حدث قبل أيام في أستانة، لا يعدو عن كونه تمريراً للوقت بانتظار اتضاح النوايا الأميركية في ما يخص الملف السوري، ومن خلفه أيضاً تعاطيها مع الملف الإيراني، وهما ملفان مرتبطان عضوياً بالنسبة إلى الإدارة الأميركية، ويمكن سحبهما أيضاً على الوضعين العراقي واليمني.
قبل أيام، كانت العاصمة الكازاخستانية حاضنة لاجتماع موسع لمتابعة اتفاق أستانة السابق، القاضي بتأمين وقف إطلاق النار في الأراضي السورية. ما بين الاجتماعين فاصل زمني ليس كبيراً نسبياً، لكنه كان كافياً لإعادة خلط الأوراق، وحتى القول نسف ما كان متفقاً عليه سابقاً. مراقبة اللقاء الأخير وتطوراته توحي بهذه الأجواء، ولا سيما لجهة رفض وجود إيراني ضمن هيئة مراقبة وقف إطلاق النار، وهو رفض ضمني تركي مستجد، خصوصاً أن طهران كانت ضمن هذه الهيئة التي انبثقت بعد الاجتماع الأول، غير أن ما كان صالحاً في الفترة الماضية لا يبدو أنه ينفع اليوم، وخصوصاً مع الدخول الأميركي المفاجئ وفتحه ملفاتٍ كان الجميع قد ظن أنها أغلقت، ولا سيما في ما يخص المناطق الآمنة في سورية، وإعادة الحديث عن الاتفاق النووي مع إيران.
ليس سراً القول إن المناطق الآمنة في الأساس كانت حلماً تركياً، مدعوماً من كل الدول العربية التي كانت واقفةً في صف الثورة السورية، غير أنه لم يلق آذاناً صاغية من الإدارة الأميركية السابقة في عهد باراك أوباما، ما جعل تركيا تصرف النظر عنها، وتتجه إلى التحالف مع روسيا وإيران مرغمة. إلا أن الوضع يبدو متغيراً الآن، والحديث عن هذه المنطقة عاد ليطرح بقوة على الساحة الدولية، مع بدء واشنطن خطوات عملياً لتأمين تمويل إقامة هذه المنطقة والبحث عن جنسيات القوات التي ستوجد فيها. لم يعد الأمر مجرّد تكهنات أو تحليلات، بل دخل في الطور الجدّي، وهو ما دفع أنقرة، ومعها دول عربية عديدة، إلى التراجع خطوة عن موسكو وطهران، بعدما كان التقرّب إليهما الوحيد المتاح قبل شهر، في ظل إغلاق باقي الأبواب في ما يخص الملف السوري.
يمكن لمس هذا التراجع بوضوح من التصريحات التركية، والتي عادت لتنتقد بشدة موسكو وطهران، وهما اللتان كانتا الحليفين المفترضين لأنقرة قبل أسابيع قليلة، خصوصاً بعد التفاهم الغامض الذي عقدته الإدارة التركية مع روسيا. ومن الواضح أن أنقرة اليوم لا تبدو متمسكة بهذا التفاهم، غير أنها لم تنسحب منه نهائياً بعد، فالحذر سيد الموقف في المشهد الدولي عموماً، وفي الوضع السوري خصوصاً، بانتظار تبيان حقيقة التوجهات الأميركية. لم تعطل تركيا اجتماعات أستانة وجنيف، لكن من الجلي إن هذين الاجتماعين كانا وسيكونان فارغين من المضمون، خصوصاً في ظل عدم وجود أي دور أميركي فيهما، وهو دور لم يعد بالإمكان تجاهله في ظل الإدارة الجديدة التي تسير بخطط مخالفة تماماً كل ما يتم الحديث عنه في كازاخستان وسويسرا.
سيدخل المشهد السوري اليوم، سياسياً وعسكرياً، مرحلة من المراوحة. لا اختراقات مرتقبة، سواء في الميدان أو خلف طاولات المفاوضات، مجرد حراك فارغ من المضمون لتقطيع الوقت إلى حين ظهور الخطط الأميركية بشكلها النهائي، وعندها لكل حادث حديث.
قبل أيام، كانت العاصمة الكازاخستانية حاضنة لاجتماع موسع لمتابعة اتفاق أستانة السابق، القاضي بتأمين وقف إطلاق النار في الأراضي السورية. ما بين الاجتماعين فاصل زمني ليس كبيراً نسبياً، لكنه كان كافياً لإعادة خلط الأوراق، وحتى القول نسف ما كان متفقاً عليه سابقاً. مراقبة اللقاء الأخير وتطوراته توحي بهذه الأجواء، ولا سيما لجهة رفض وجود إيراني ضمن هيئة مراقبة وقف إطلاق النار، وهو رفض ضمني تركي مستجد، خصوصاً أن طهران كانت ضمن هذه الهيئة التي انبثقت بعد الاجتماع الأول، غير أن ما كان صالحاً في الفترة الماضية لا يبدو أنه ينفع اليوم، وخصوصاً مع الدخول الأميركي المفاجئ وفتحه ملفاتٍ كان الجميع قد ظن أنها أغلقت، ولا سيما في ما يخص المناطق الآمنة في سورية، وإعادة الحديث عن الاتفاق النووي مع إيران.
ليس سراً القول إن المناطق الآمنة في الأساس كانت حلماً تركياً، مدعوماً من كل الدول العربية التي كانت واقفةً في صف الثورة السورية، غير أنه لم يلق آذاناً صاغية من الإدارة الأميركية السابقة في عهد باراك أوباما، ما جعل تركيا تصرف النظر عنها، وتتجه إلى التحالف مع روسيا وإيران مرغمة. إلا أن الوضع يبدو متغيراً الآن، والحديث عن هذه المنطقة عاد ليطرح بقوة على الساحة الدولية، مع بدء واشنطن خطوات عملياً لتأمين تمويل إقامة هذه المنطقة والبحث عن جنسيات القوات التي ستوجد فيها. لم يعد الأمر مجرّد تكهنات أو تحليلات، بل دخل في الطور الجدّي، وهو ما دفع أنقرة، ومعها دول عربية عديدة، إلى التراجع خطوة عن موسكو وطهران، بعدما كان التقرّب إليهما الوحيد المتاح قبل شهر، في ظل إغلاق باقي الأبواب في ما يخص الملف السوري.
يمكن لمس هذا التراجع بوضوح من التصريحات التركية، والتي عادت لتنتقد بشدة موسكو وطهران، وهما اللتان كانتا الحليفين المفترضين لأنقرة قبل أسابيع قليلة، خصوصاً بعد التفاهم الغامض الذي عقدته الإدارة التركية مع روسيا. ومن الواضح أن أنقرة اليوم لا تبدو متمسكة بهذا التفاهم، غير أنها لم تنسحب منه نهائياً بعد، فالحذر سيد الموقف في المشهد الدولي عموماً، وفي الوضع السوري خصوصاً، بانتظار تبيان حقيقة التوجهات الأميركية. لم تعطل تركيا اجتماعات أستانة وجنيف، لكن من الجلي إن هذين الاجتماعين كانا وسيكونان فارغين من المضمون، خصوصاً في ظل عدم وجود أي دور أميركي فيهما، وهو دور لم يعد بالإمكان تجاهله في ظل الإدارة الجديدة التي تسير بخطط مخالفة تماماً كل ما يتم الحديث عنه في كازاخستان وسويسرا.
سيدخل المشهد السوري اليوم، سياسياً وعسكرياً، مرحلة من المراوحة. لا اختراقات مرتقبة، سواء في الميدان أو خلف طاولات المفاوضات، مجرد حراك فارغ من المضمون لتقطيع الوقت إلى حين ظهور الخطط الأميركية بشكلها النهائي، وعندها لكل حادث حديث.