15 نوفمبر 2024
المعادلات التركية
مع الدخول التركي المباشر في المعارك السورية في جرابلس، بات من الواضح أن تركيا تتجه إلى فرض معادلاتٍ جديدةٍ لها امتداداتٌ داخليةٌ وخارجية، سياسيةٌ وعسكرية. معادلاتٌ مرتبطة بمرحلة ما بعد الانقلاب الفاشل الذي شهدته البلاد في يوليو/ تموز الماضي، وما ألحق ذلك من تحولاتٍ سياسيةٍ لم تعد أنقرة تخفيها، وإن عمدت إلى رسم حدودٍ معينة لها، ولا سيما في ما يخص بقاء رأس النظام السوري، بشار الأسد.
يمكن القول، اليوم، إن ما بعد عملية "درع الفرات" لن يكون كما قبلها في الساحة السورية، ولا سيما بعد ما يشبه الضوء الأخضر الأميركي الذي قدمه نائب الرئيس، جو بايدن، لأنقرة لبقاءٍ طويل الأمد عملياً في الأراضي السورية، بذريعة "محاربة داعش"، غير أن هذا العنوان ليس إلا جزءاً من المعادلات التركية، الهادفة إلى ضرب أكثر من عصفور في حجر واحد، إضافة إلى تحقيق تهديداتٍ قديمة، عمرها من عمر الثورة السورية، كانت أنقرة عاجزةً عن تنفيذها لاعتباراتٍ إقليمية ودولية، لا يبدو أنها اليوم تشكل عائقاً.
قد تكون النقطة الأولى في المعادلات التركية الجديدة داخليةً، ومرتبطةً مباشرة بمحاولة الانقلاب وما تلاها من عمليات اعتقال وإعادة هيكلة للمؤسسة العسكرية. عمليات أضعفت، من دون شك، صورة هذه المؤسسة في الداخل وفي المحيط، وكان لا بد من حدثٍ يعيد لها الاعتبار. حدث يسترجع الجيش، من خلاله، هيبته الداخلية والخارجية. لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد، إذ إنه على الرغم من كل الإجراءات التي قام بها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في الجيش، إلا أن المخاوف من محاولات انقلابٍ أخرى لم تنته. وعلى هذا الأساس، تأتي العملية العسكرية لشغل الجيش، في مهام خارجية، للمرة الأولى منذ زمن بعيد.
النقطة الثانية في المعادلات مرتبطة في ما تراه تركيا خطراً وجودياً على حدودها، والقائم على التمدّد الكردي على طول الحدود التركية في إطار المساعي إلى إقامة الإقليم الكردي. إقليم قد يكون أكثر ما استفز المؤسسة السياسية والعسكرية التركية للدخول إلى الأرض السورية، لقطع الطريق على إتمام هذا الإقليم، والسيطرة الكاملة على الحدود السورية - التركية. وإذا كان الكلام هو عن توغل في العمق السوري من جرابلس باتجاه ربما الرقة، إلا أن ذلك قد لا يحقق الهدف التركي الأساسي بتدمير مقومات الإقليم، ما يعني أن العمل العسكري قد يتمدّد أفقياً إلى استعادة المناطق التي سيطر عليها الأكراد.
لا تخلو المعادلة التركية الجديدة من العنصر السياسي، وهو يشكل جزءاً أساسياً منها، خصوصاً في ما يبدو أنه تشكل محاور جديدة في المسألة السورية. محاور متشابكة لم تتضح معالمها بشكل كامل بعد، غير أنها تجمع، بشكل أولي، كُلاًّ من الولايات المتحدة وروسيا وتركيا في سلة واحدةٍ، خالية من الطرف الإيراني الذي يبدو الآن متفرّجاً، بامتعاض، على التطورات الميدانية والسياسية في سورية، وهي التي كان، ولا يزال، له وجود فعلي فيها على الأرض.
غير أن الوجود التركي الجديد يحمل أبعاداً أكبر، ولا سيما إذا ما تم تحقيق المنطقة الآمنة التي كثر الحديث عنها منذ بداية الثورة. منطقة تعطي تركيا والجيش السوري الحر موطئ قدمٍ لتعزيز السيطرة العسكرية في المناطق السورية، ويمكن أن تترجم لاحقاً في أية تسوية محتملة، وهو ما يطمح له الأتراك، بعدما كانت الأمور تسير خلال الأشهر الماضية باتجاه بلورة تفاهم أميركي روسي، إيراني ضمناً، لا يأخذ المعطيات التركية في الحساب. اليوم، يبدو أن الأدوار قد تبدّلت، والمعطيات أصبحت تميل أكثر باتجاه دور تركي أكبر على حساب النفوذ الإيراني، خصوصاً بعد التقارب بين أنقرة وموسكو.
أما "داعش"، والذي تأخذ العمليات منه ذريعةً، فيبدو أنه سيكون تحصيل حاصل، ولا يمثل عنصراً أساسياً في المعادلات التركية المتشعبة.
قد تكون النقطة الأولى في المعادلات التركية الجديدة داخليةً، ومرتبطةً مباشرة بمحاولة الانقلاب وما تلاها من عمليات اعتقال وإعادة هيكلة للمؤسسة العسكرية. عمليات أضعفت، من دون شك، صورة هذه المؤسسة في الداخل وفي المحيط، وكان لا بد من حدثٍ يعيد لها الاعتبار. حدث يسترجع الجيش، من خلاله، هيبته الداخلية والخارجية. لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد، إذ إنه على الرغم من كل الإجراءات التي قام بها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في الجيش، إلا أن المخاوف من محاولات انقلابٍ أخرى لم تنته. وعلى هذا الأساس، تأتي العملية العسكرية لشغل الجيش، في مهام خارجية، للمرة الأولى منذ زمن بعيد.
النقطة الثانية في المعادلات مرتبطة في ما تراه تركيا خطراً وجودياً على حدودها، والقائم على التمدّد الكردي على طول الحدود التركية في إطار المساعي إلى إقامة الإقليم الكردي. إقليم قد يكون أكثر ما استفز المؤسسة السياسية والعسكرية التركية للدخول إلى الأرض السورية، لقطع الطريق على إتمام هذا الإقليم، والسيطرة الكاملة على الحدود السورية - التركية. وإذا كان الكلام هو عن توغل في العمق السوري من جرابلس باتجاه ربما الرقة، إلا أن ذلك قد لا يحقق الهدف التركي الأساسي بتدمير مقومات الإقليم، ما يعني أن العمل العسكري قد يتمدّد أفقياً إلى استعادة المناطق التي سيطر عليها الأكراد.
لا تخلو المعادلة التركية الجديدة من العنصر السياسي، وهو يشكل جزءاً أساسياً منها، خصوصاً في ما يبدو أنه تشكل محاور جديدة في المسألة السورية. محاور متشابكة لم تتضح معالمها بشكل كامل بعد، غير أنها تجمع، بشكل أولي، كُلاًّ من الولايات المتحدة وروسيا وتركيا في سلة واحدةٍ، خالية من الطرف الإيراني الذي يبدو الآن متفرّجاً، بامتعاض، على التطورات الميدانية والسياسية في سورية، وهي التي كان، ولا يزال، له وجود فعلي فيها على الأرض.
غير أن الوجود التركي الجديد يحمل أبعاداً أكبر، ولا سيما إذا ما تم تحقيق المنطقة الآمنة التي كثر الحديث عنها منذ بداية الثورة. منطقة تعطي تركيا والجيش السوري الحر موطئ قدمٍ لتعزيز السيطرة العسكرية في المناطق السورية، ويمكن أن تترجم لاحقاً في أية تسوية محتملة، وهو ما يطمح له الأتراك، بعدما كانت الأمور تسير خلال الأشهر الماضية باتجاه بلورة تفاهم أميركي روسي، إيراني ضمناً، لا يأخذ المعطيات التركية في الحساب. اليوم، يبدو أن الأدوار قد تبدّلت، والمعطيات أصبحت تميل أكثر باتجاه دور تركي أكبر على حساب النفوذ الإيراني، خصوصاً بعد التقارب بين أنقرة وموسكو.
أما "داعش"، والذي تأخذ العمليات منه ذريعةً، فيبدو أنه سيكون تحصيل حاصل، ولا يمثل عنصراً أساسياً في المعادلات التركية المتشعبة.