نجومية الوزيرة بن غبريط

13 ابريل 2016
+ الخط -
عامان على رأس وزارة التربية والتعليم كانا كفيلين بجعل السيدة نورية بن غبريط نجمة رئيسية من نجوم الجدل السياسي والإعلامي في الجزائر، فلا يكاد يمر شهر، وأحيانا أسبوع، إلا وتتصدر الوزيرة العناوين، إما في قضية مطروحة أو مسألة شائكة، أو صراع معين يكون محوره تصريحاً أو تلميحاً منها في أيٍّ من الشؤون المتعلقة بقطاع حيوي وسيادي، يشكل مخبرا لتنشئة الأجيال، وإعداد الكفاءات لمستقبل البلد.
ولكن، بدلاً من أن تسهم هذه النجومية الصاعدة في تطوير أداء الوزارة، والارتقاء بالسياسة التعليمية، فإنها لم تنتج عمليا سوى حالة من الاستقطاب الممنوع في محل يفترض بمنطق الأشياء الحساسة أن يبتعد، قدر الإمكان، عن التسييس والتسييس المضاد، وقد يزعم بعضهم أن إنجازات الوزيرة مصدر إزعاج لأعداء النجاح، ما يثير البلبلة ضدها، إلا أن هذا كلام مردود عليه، ليس لغياب هذه الإنجازات على الأرض فحسب، بل مجرد التسبب في هذا العبث وتغذيته، هو الفشل في حد ذاته، فالوزير الناجح سيواجه صعوباتٍ بكل تأكيد، وسيصطدم مشروعه ببنى الأمر الواقع السائد، لكنه يعمل على مواجهة هذه التحديات بهدوء، ويشرك جميع الفاعلين داخل المجتمع، حتى لا يعطي الانطباع بأن أطروحاته تحولت إلى مسألة جدلية عقيمة، يشكل أحد أطرافها، فإن حدث ذلك، وجب عليه التنحي جانباً، احتراما للمسؤولية الملقاة على عاتقه.
هنيئا للسيدة الوزيرة، فقد صار في حوزتها صك على بياض، من منظومة سياسية وثقافية وإعلامية، ما فتئت تمتلك الحق الأحادي في احتكار التقدم والتنور والرقي الحضاري، وتتطوع مجاناً للدفاع المقدس عن هذا الصرح، في مواجهة الرجعية والتخلف والظلامية على حساب الأجيال. وإذا مالت الكفة، مجتمعياً وسيادياً، في غير صالح هؤلاء، انتقلوا من الاستئصالية الهجومية إلى اللطم والمظلومية والتفتيش عن المؤامرة الكونية التي لم تتأخر عن الموعد، على الرغم من أنها منشغلة بعمل في دمشق، مثلما يقول هؤلاء أنفسهم عند التسلل خارجياً، والتعبير عن اصطفافهم مع نظام الممانعة، بالاستناد إلى الدوغما، والمبررات نفسها المستعملة في تمجيد وزيرةٍ لا تنتمي رسميا لأي حزب، لكنها أصبحت زعيمة ممثلة لإيديولوجية تقليدية تصارع للتجديف عكس التيار، والقارب ينتقل من ضفة إلى ضفة أخرى.
سنتجنب الغوص في الديماغوجيا، لتفسير سبب هذا الاصطفاف، وعلاقته بالهوية، فهناك قامات جزائرية متخصصة قد تصدت للجوهر والمضمون، كما أن الوعي المجتمعي على درجة كافية من النضوج، حتى يميز البضاعة الفاسدة عن غيرها. وبالتالي، فإن دورنا، كمتابعين، يقتصر على الدعوة إلى بيئة صحية ومعتدلة، تنأى بقطاع التعليم عن التحزب والصراعات، ومحاولات احتكار المشروعية، أو في الحد الأدنى تجعل من الصدام شيئا إيجابياً وخلاقا.
المثنّى - القسم الثقافي
المثنّى - القسم الثقافي
سرحان أبو وائل
مدون مغربي.
سرحان أبو وائل