لعبة المؤامرة الموسيقية

عثرت على أقاربي في تركيا، بعد خمسين سنة من الشتات، تعارفنا إلى بعضنا بواسطة الشامات، مثل الأفلام الهندية، شامات الذكريات، وليس شامات الأجساد. لكن خلافات كثيرة سياسية تحجز بيننا، والسياسة في بلادنا عقيدة ودين، فهم يحبون الرجل الذي يحكم سورية، لأمرين رئيسين: الأول، أن البضائع فيها رخيصة، عندما زاروها، أخيراً، سائحين. والثاني، بغضهم أردوغان الذي لا يعرف كيف يصلي، حسب وصفهم. ينبري ابن العم الأكبر ساخراً: ثورة!.. هذه ثورة قطاع طرق "جتا". وبما أن الضيف أسير، وليس للأسير في بلادنا حقوق، الأسير منافق إجباري، كنت أجد نفسي أهتف معهم، أتآمر على نفسي، وأشكمها، وأهزّ رأسي مثل أعضاء مجلس الشعب السوري.
- من هو حمزة ال.. .. ابن العم؟
- حمزة الخطيب.. هذا قاطع طريق فحل، كان ينوي غزو مساكن الموظفين الآمنين المسالمين، وسبي نسائهم واغتصابها.
فيهتفون مثل حلقة ذكر: خوووووود.. تفو عليه، أخص.
يقول لي: يا لكم من ناكري جميل. الخبز رخيص، اللحم رخيص. انظر ابن العم، تزوجت من بلادكم الرائعة بأجرة شهر واحد. يتابع: ورئيسكم طيب وتقي وورع، وليس مثل أردوغان الذي لا يعرف قراءة الفاتحة، ويخلط في جهة القبلة. هاتوا بوصلة شباب.
- رئيسنا الورع لا يغادر الجامع، ويؤم المؤمنين في كل صلاة جمعة. ولا يحتاج بوصلة، ولا بصلة، وزوجته منقبة ومبرقعة، وليست محجبة مثل زوجة أردوغان.
- خوددددددد..
يعاتبني: لمَ كل هذا الغرور والجحود يا بن العم.. لمَ هربت؟
- هربت من قطاع الطرق.. يا بن العم.. مؤامرة.. لم يتركوا الرجل يحكم، ويلتقط نفساً، كان قد فاز بانتخابات ديمقراطية نزيهة 98% بين عشرة منافسين، وينوي تحرير الجولان والقدس، فتآمروا عليه.
- فيهتفون: خودددد.. أردوغان غير ديمقراطي، فلم يكن له سوى منافس واحد أو اثنين. وفاز بنسبة 52 بالمائة! أخس.
- مؤامرة ابن العم.. أردوغان يريد خط الغاز القطري أن يمر بسورية و"الأسعد" (هكذا يسمون الأسد) يرفض.
قال ابن العم الأوسط: أتعرف أن أردوغان عرض علينا بيتاً وآلات زراعية وكهرباء، لنعود إلى ديارنا في الريف الحدودي التي طردنا منها أسلافه، لكنّنا رفضنا.
- لمَ ابن العم.. الأرض والذكريات والوطن؟
- يريد أن يضحك علينا. نترك له إسطنبول الجميلة، ونعود إلى الريف الحقير. متآمر.
- مؤامرة ابن العم .. إنه يتآمر عليكم.
عدنا إلى الحديث عن فضائل "الأسعد"، فيقول ابن العم الأصغر: سمعنا أنه صامد وابن الشعب البار، ولن يتنازل.
- نعم بار جداً... أي مواطن يستطيع أن يتصل به ويواعده "رانديفو"، حتى يشكي له بلواه.
- خودددد وليس مثل أردوغان الذي لا يخرج إلا لصلاة الجمعة رياء ونفاقاً. ويريد أن يستعيد السلطنة.
- هل التقيت به ابن العم.
- الحقيقة ليس عندي وقت، لكن اللقاء معه "أسهل من الماء".
التقيت بصديقة لقاءً خالياً من المؤامرة، الشعب هو ثالثنا، فسألتني: ماذا تعمل هذه الأيام؟
قلت: الوكيل غير الحصري لنظرية المؤامرة الخالدة.