"جنيف" اليمني سَيفشَل وهذه الأسباب

14 يونيو 2015
+ الخط -
تتضح النتائج من المقدمات، وقد بدت مقدمات مؤتمر جنيف اليمني مرتبكة من اللحظة الأولى لولادته، عندما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عمّا أسماها "مشاورات جنيف" بشأن الأزمة اليمنية، وحدد 28 من مايو/ أيار المنصرم موعداً لها، ثم ما لبثت أن تأجلت بطلب من الحكومة اليمنية، ليتجدد الحديث عنها بعد مباحثات سرية جرت في مسقط، بين الأميركيين وجماعة الحوثي، الأمر الذي وضع علامات استفهام كبيرة، حول نيات الإدارة الأميركية فيما يتعلق بالملف اليمني.

انعكست مظاهر الإرباك الأممي على أطراف الصراع داخل اليمن، أيضاً، فتجلى في تصريحات الجانبين المتضاربة والمتناقضة معاً، فالحكومة الشرعية تقول إنها ذاهبة إلى جنيف، لمناقشة آليات تنفيذ القرار 2216، وليس للتحاور مع المتمردين، ويقول الحوثيون إنهم ذاهبون من أجل إنهاء العدوان، والحوار من دون شروط مسبقة.

توحي كل تلك المقدمات المرتبكة بأن مؤتمر جنيف مهدد بالفشل، قبل أن يبدأ، غير أن ثمة أسباباً أخرى كثيرة، تُزيد من احتمالات ذلك الفشل، منها مثلاً: 

أولاً، إنه جاء نتاجاً لضغوط أميركية على الأمم المتحدة وأمينها العام، كما وعلى السعودية ودول الخليج أيضاً، وليس لحاجة اليمنيين إليه، خصوصاً بعد القرار 2216 الذي كان يتوجب على الأمم المتحدة تطبيقه، بدلاً من الدعوة إلى مثل هذا المؤتمر، فالولايات المتحدة أرادت بهذا المؤتمر مجاملة إيران في اللحظة الراهنة، لانشغالها معها بالاتفاق النووي الذي تريد السير فيه حتى النهاية، من دون أية أجواء أو عراقيل تفسد عليها ذلك.

ثانياً، إنه يتعامل مع المشكلة اليمنية على أنها صراع بين طرفين، أو بين أطراف مختلفة، وهذه مغالطة كبيرة، هدفها شرعنة الانقلاب الحوثي، لخدمة أجندات لا علاقة لها باليمنيين. ولذلك، هو لن يقدم أية حلول عملية، بقدر ما سيزيد من تعقيدات المشكلة، لأنه لن يبحث عن جذورها وأسبابها الحقيقية.

الثالث، أن الوفد المشارك فيه، والذي يمثل الحكومة والشرعية، خلا تماماً من المكونات الرئيسية، ذات التأثير المباشر على الأرض، والتي تملك اتخاذ القرار، ما يعني أن المقاومة الشعبية ستكون في حِلٍ من أي اتفاقات ستنتج عن هذا المؤتمر، ولن تكون معنية بالمسارات السياسية التي تقوم بها الحكومة، كما أنها لن تكون مُلزِمة لها بالضرورة.

الرابع: مؤتمر جنيف بلا أفق واضح، ومعالمه ضبابية، وليس له جدول أعمال مبني على أرضية مشتركة، يقف عليها الطرفان المتحاوران، فالهوة بينهما شاسعة، وكلاهما لم يستطع تحقيق انتصار نوعي على الأرض، يقلب موازين القوى لصالحه، بحيث يستطيع إملاء شروطه على الآخر، ويجبره على القبول بها من واقع القوة والسيطرة، ما يعني أن مخرجات هذا الحوار ستكون هزيلة، ولن تلد سوى جنين مشوه في أحسن أحوالها.

الخامس والأهم: لن تلتزم جماعة الحوثي بأي اتفاقات ستصدر عن المؤتمر، أو غيره من المؤتمرات، مثلما لم تلتزم قبل ذلك بالاتفاقات التي وقعت عليها، وبمقدمتها وثيقة مخرجات الحوار الوطني، فتاريخها معروف بنقض العهود، والتنصل من كل الاتفاقات، لأن عقيدتها قائمة على ثقافة الفود والنهب والسلب التي تعتمد العنف والسلاح بشكل همجي وبربري، مع توظيف طائفي وجهوي للوصول إلى غاياتها، وهي ثقافة المليشيا دوماً، والتي لا يمكن أن تتناغم بحال مع الأطر الديمقراطية المتعارف عليها للوصول إلى السلطة.
8A4CCA6F-5F3E-4C7B-BF41-CB7A3D872F05
8A4CCA6F-5F3E-4C7B-BF41-CB7A3D872F05
حبيب العزي (اليمن)
حبيب العزي (اليمن)