25 اغسطس 2024
"يضرب الحب شو يذل يا فطّوم"
غلب اسم "فطوم حيص بيص" الذي ابتكره الفنانُ الراحل نهاد قلعي على الفنانة السورية، نجاح حفيظ، حتى إن موقعاً إلكترونياً أورد خبر وفاتها، يوم 6 مايو/أيار الجاري، بمانشيت: فطوم حيص بيص في ذمة الله. يحصل هذا الأمر في سورية كثيراً، ففي السابق، حينما يكون هناك توزيع للأدوار في مسلسل تلفزيوني جديد، إذا سألتَ عن توزيع الأدوار الرئيسية، يقال لك إن الدور الفلاني سيلعبه "أبو عنتر"، والدور العلاني سيلعبه "أبو رياح"، وأما دور المرأة الشامية "أم حمدي" فستقوم بتأديته فطوم حيص بيص، مثلاً.
ذكرتُ، في حديث سابق، أن أول مَنْ اخترع الكاراكترات الكوميدية في سورية هو الفنان الشعبي حكمت محسن، الذي كان يكتب تمثيلياتٍ كوميديةً لإذاعة دمشق، ابتداء من الخمسينيات، وكرّس نفسه بدور "أبو رشدي"، وأوكل لفهد كعيكاتي دور "أبو فهمي"، وكان أنور البابا يؤدي ضمن فريقه دورَ المرأة العجوز "أم كامل"، وهكذا حتى رحيل أولئك النجوم الواحد تلو الآخر... ومع بدايات التلفزيون، في أوائل الستينيات، ظهر الثنائي دريد ونهاد بشخصيتين بالغتي الروعة والطرافة، هما غوار الطوشة وحسني البوراظان. ولاقت هاتان الشخصيتان نجاحاً استثنائياً استمر حتى رحيل نهاد في 1993، مع ضرورة الإشارة إلى أن الركن الأساسي الثالث ضمن هذا الفريق كان رفيق السبيعي (أبو صياح)، والمدير الفني المخرج خلدون المالح.
كان نهاد قلعي يمتلك موهبة التأليف الكوميدي. لذلك، يعود الفضل له في ابتكار الكاراكترات الكوميدية الأخرى اللازمة لاستكمال الجو الاجتماعي المحيط بغوار وحسني، فجاءت، بناء على ذلك، شخصيةُ بدري بيك أبو كلبشة التي قدمها عبد اللطيف فتحي الذي كان ذائع الصيت في المسرح، وأبو عنتر (ناجي جبر) الذي ظهر بدايةً ضمن الفريق المسرحي لأخيه محمود جبر، وياسينو (ياسين بقوش)، وأبو رياح (محمد الشماط)، وأبو قاسم (محمد العقاد) وعبدو (زياد مولوي). وفي حدود علمي، كانت السيدة نجاح حفيظ الوحيدة التي استطاعت تكريس كاراكتر كوميدي نسائي ظريف، هو "فطوم حيص بيص"، أما الكاراكترات النسائية الأخرى، ومنها "أم صخر"، فكان يؤتى بها غالباً من لبنان، وتؤدي دوراً في مسلسل واحد وتختفي، بمعنى أنها لم تستمر، ولم تتكرّس.
يشبه كاراكتر فطوم في مسلسل "صح النوم"، إلى حد كبير، نموذجَ السيدة الشامية نصف المُحَافِظَة ونصف المتحرّرة. لذلك هي تغطي نصفَ شعرها بإيشارب أنيق، مع محاولة إبراز بعض مفاتن الصدر، وأما على صعيد الطباع فهي جدّية، ومنهمكة في إدارة عملها، وتستطيع أن تنتقل بين شخصية المعلمة الصارمة التي توبخ الجرسونين، ياسينو وغوار، مستخدمة عبارات قاسية من قبيل "بدي إمصع رقبتك إنت وإياه" و"تضرب منك إلو" و"يحلى وبرك"، إلى شخصية المرأة الأنثى التي ترقّق صوتها وتنتقي ألطف الكلمات والعبارات في محاولاتها المستميتة لجذب زبون الأوتيل، الصحافي حسني البورظان، إلى ساحتها العاطفية.
الأغنية التي زادت في تكريس اسم "فطوم" هي التي يؤديها غوار الطوشة في السجن، بعد أن عرف أنها طارت من يده، وتقرّر زفافها على حسني، علماً أن اللحن مأخوذ، بحذافيره، عن أغنية أرمينية قديمة (كارون كارون كاروني، سيرون سيرون سيروني)، والتوزيع الجديد لعبد الفتاح سكّر.
الحقيقة أن عملية الاقتباس هذه قدّمت خدمة جليلة للأغنية الأصلية، إذ أصبح الناس، العرب قبل الأرمن، يغنونها في سهراتهم وأعراسهم، والمطربة نانسي عجرم تغنيها في إحدى المقابلات، مع إشارة إلى أنها تحفظ كلماتها الأرمنية منذ الصغر، في حين أعجبَ الفنان العراقي كاظم الساهر بعبارة "يضرب الحب شوب يذل"، فأبدع أغنية تحمل العنوان نفسه.. وأخيراً، ألفت أنظاركم إلى الرقصة الكوميديو التي يؤديها ناجي جبر (أبو عنتر) في مشهد السجن ذاته، ترينا إلى أي مدى ساهمت الكاراكترات المضافة في تجميل أعمال دريد ونهاد وخلدون.
ذكرتُ، في حديث سابق، أن أول مَنْ اخترع الكاراكترات الكوميدية في سورية هو الفنان الشعبي حكمت محسن، الذي كان يكتب تمثيلياتٍ كوميديةً لإذاعة دمشق، ابتداء من الخمسينيات، وكرّس نفسه بدور "أبو رشدي"، وأوكل لفهد كعيكاتي دور "أبو فهمي"، وكان أنور البابا يؤدي ضمن فريقه دورَ المرأة العجوز "أم كامل"، وهكذا حتى رحيل أولئك النجوم الواحد تلو الآخر... ومع بدايات التلفزيون، في أوائل الستينيات، ظهر الثنائي دريد ونهاد بشخصيتين بالغتي الروعة والطرافة، هما غوار الطوشة وحسني البوراظان. ولاقت هاتان الشخصيتان نجاحاً استثنائياً استمر حتى رحيل نهاد في 1993، مع ضرورة الإشارة إلى أن الركن الأساسي الثالث ضمن هذا الفريق كان رفيق السبيعي (أبو صياح)، والمدير الفني المخرج خلدون المالح.
كان نهاد قلعي يمتلك موهبة التأليف الكوميدي. لذلك، يعود الفضل له في ابتكار الكاراكترات الكوميدية الأخرى اللازمة لاستكمال الجو الاجتماعي المحيط بغوار وحسني، فجاءت، بناء على ذلك، شخصيةُ بدري بيك أبو كلبشة التي قدمها عبد اللطيف فتحي الذي كان ذائع الصيت في المسرح، وأبو عنتر (ناجي جبر) الذي ظهر بدايةً ضمن الفريق المسرحي لأخيه محمود جبر، وياسينو (ياسين بقوش)، وأبو رياح (محمد الشماط)، وأبو قاسم (محمد العقاد) وعبدو (زياد مولوي). وفي حدود علمي، كانت السيدة نجاح حفيظ الوحيدة التي استطاعت تكريس كاراكتر كوميدي نسائي ظريف، هو "فطوم حيص بيص"، أما الكاراكترات النسائية الأخرى، ومنها "أم صخر"، فكان يؤتى بها غالباً من لبنان، وتؤدي دوراً في مسلسل واحد وتختفي، بمعنى أنها لم تستمر، ولم تتكرّس.
يشبه كاراكتر فطوم في مسلسل "صح النوم"، إلى حد كبير، نموذجَ السيدة الشامية نصف المُحَافِظَة ونصف المتحرّرة. لذلك هي تغطي نصفَ شعرها بإيشارب أنيق، مع محاولة إبراز بعض مفاتن الصدر، وأما على صعيد الطباع فهي جدّية، ومنهمكة في إدارة عملها، وتستطيع أن تنتقل بين شخصية المعلمة الصارمة التي توبخ الجرسونين، ياسينو وغوار، مستخدمة عبارات قاسية من قبيل "بدي إمصع رقبتك إنت وإياه" و"تضرب منك إلو" و"يحلى وبرك"، إلى شخصية المرأة الأنثى التي ترقّق صوتها وتنتقي ألطف الكلمات والعبارات في محاولاتها المستميتة لجذب زبون الأوتيل، الصحافي حسني البورظان، إلى ساحتها العاطفية.
الأغنية التي زادت في تكريس اسم "فطوم" هي التي يؤديها غوار الطوشة في السجن، بعد أن عرف أنها طارت من يده، وتقرّر زفافها على حسني، علماً أن اللحن مأخوذ، بحذافيره، عن أغنية أرمينية قديمة (كارون كارون كاروني، سيرون سيرون سيروني)، والتوزيع الجديد لعبد الفتاح سكّر.
الحقيقة أن عملية الاقتباس هذه قدّمت خدمة جليلة للأغنية الأصلية، إذ أصبح الناس، العرب قبل الأرمن، يغنونها في سهراتهم وأعراسهم، والمطربة نانسي عجرم تغنيها في إحدى المقابلات، مع إشارة إلى أنها تحفظ كلماتها الأرمنية منذ الصغر، في حين أعجبَ الفنان العراقي كاظم الساهر بعبارة "يضرب الحب شوب يذل"، فأبدع أغنية تحمل العنوان نفسه.. وأخيراً، ألفت أنظاركم إلى الرقصة الكوميديو التي يؤديها ناجي جبر (أبو عنتر) في مشهد السجن ذاته، ترينا إلى أي مدى ساهمت الكاراكترات المضافة في تجميل أعمال دريد ونهاد وخلدون.