16 نوفمبر 2024
يشار كمال والمستجد الكردي
جمعت المصادفة، السبت الماضي، بين وفاة الروائي التركي الكردي (أو العكس؟)، يشار كمال، عن 92 عاماً، وإعلان زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، إلقاء السلاح، والمضي في عملية سياسيةٍ ديمقراطيةٍ لحل المسألة الكردية في تركيا. كان الأديب الكبير، العالمي حقاً، أحد دعاة هذا الحل، وصوتاً جسوراً في المطالبة بالحقوق السياسية والثقافية لناسه الأكراد، واسماً مسموعاً في مواقفه التي تشدد على مواطنيّة كردية حقيقية. وقبل ذلك وبعده، كان يكتب كلاسيكياته العديدة، والملحمية غالباً، باللغة التركية، وهي أعمالٌ "تتحدى الخيال"، بتعبير كاتب تركي، وكان يبث فيها روح الهضاب والسهول والجبال والوديان والبراري في بلاده، حيث الرعاة والفلاحون والأغوات، وحيث الحياة بواقعيتها وشفويتها، وحيث "ليس للكردي إلا الريح"، بتعبير محمود درويش. دعا يشار كمال، في أكتوبر/تشرين أول الماضي، إلى "معاداة الحرب"، وهذا أوجلان، يطلب من قيادات حزبه مغادرة السلاح إلى "النضال الديمقراطي"، في إعلان تاريخي، حقاً، يستكمل فيه الزعيم السجين، صيحته، قبل أقل من عامين، "فلتسكت المدافع، ولتنطق الأفكار".
جاء الترحيب كبيراً بجديد "العمال الكردستاني" من الكل التركي، في الحكم والمعارضة، ومن الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء داود أوغلو، اللذيْن نعيا، في اليوم نفسه، يشار كمال، المعارض اليساري لحزبهما، وللحكومات السابقة. كما رحبت بالذي نقله الحزب الكردي عن زعيمه، أوجلان، "هيئة الحكماء" التي شكلتها الدولة التركية، قبل سنوات، لتبحث حلاً سياسياً للمسألة الكردية، وكان الروائي الراحل عضواً فيها، وقالت ما قاله غيرها إن دعوة أوجلان تؤسس لصفحة جديدة في تاريخ تركيا. وهنا، يجوز الاحتفاء بانتصار رؤية المثقف الشجاع، الأديب المنصت لأرضه، ولناسها، ولوجدانهم وأشواقهم، إذا ما انعطفت تركيا إلى غلق نهائي لهذا الملف الدامي، وقد قضى نحو 40 ألفاً في 30 عاماً من الصراع العويص. كان يشار كمال، في أثنائه، في موقع اليسار، منذ انتسب، في الستينيات، إلى حزب العمال التركي، مروراً بمنعه مرات من السفر، ومحاكمته قبل عشرين عاماً بسبب مقال نشره، وهو الذي تعاطف كثيراً مع الأرمن، للمجازر التي تعرضوا لها.
هل ثمّة مجازفةٌ إذا ما كُتب، هنا، إن رؤية يشار كمال هي التي تنتصر، في بيان "إعلان النيات" الذي تم إشهاره باسم أوجلان، السبت الماضي، ويتضمن عشرة بنود من أجل "ترسيخ الديمقراطية الحقيقية والسلام الشامل"؟ لعله سؤال يصدر عن انحيازٍ خاص إلى المثقف، عندما يكون في ضفة الحرية والعدالة والعلمانية والديمقراطية، وهذه قيمٌ زاولها الروائي الراحل، ودافع عنها، وناضل لها سياسياً وفكرياً، حتى في خريف عمره، قبل شهور، لمّا ألح على "مواجهة السلطات التي تسحق الإنسان". وقد كان صانع حكايات، ومعلماً في روايته لها، وقد خلع عليه محبون له لقب "هوميروس التركي". لم يكن منظّراً وصانع أفكار، كان أديباً خسرت "نوبل" كثيراً من اعتباريتها إذ لم تُعط له، ونظنُّهم لم يفتروا على الحقيقة، من قالوا إن يشار كمال أحقُّ بالجائزة العالمية من مواطنه، أورهان باموق، الذي نالها، وكان الأخير راقياً في قوله، مرّة، إن كمال أحد معلميه.
تروح تركيا إلى نجاحٍ جديد في عهد حزب العدالة والتنمية، إذا ما قيّض للأفعال أن تترجم الأقوال والنيات، من الجميع، من الدولة ومن حزب أوجلان، ومن كل الأكراد الملتاعين والقلقين، من فرط ما كابدوا، ومن كثرة ما حاربوا وحوربوا. تروح تركيا إلى مستقبلٍ آمن وواعد بنهوض أكثر وأجمل، وهي التي يشغل قيادتها ضريحٌ قديم في سورية، ويرى رئيسها المسلمين من اكتشفوا أميركا. كأن مواريث الماضي، والخراريف التي تأتي كيفما اتفق، من هوايات أهل الحكم أيضاً، وكان الظن أنها من مشاغل الحكائين وكتاب الرواية.. ومن هؤلاء، اسم ثقيل، هو يشار كمال، تركي كردي، وكردي تركي أيضاً.
جاء الترحيب كبيراً بجديد "العمال الكردستاني" من الكل التركي، في الحكم والمعارضة، ومن الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء داود أوغلو، اللذيْن نعيا، في اليوم نفسه، يشار كمال، المعارض اليساري لحزبهما، وللحكومات السابقة. كما رحبت بالذي نقله الحزب الكردي عن زعيمه، أوجلان، "هيئة الحكماء" التي شكلتها الدولة التركية، قبل سنوات، لتبحث حلاً سياسياً للمسألة الكردية، وكان الروائي الراحل عضواً فيها، وقالت ما قاله غيرها إن دعوة أوجلان تؤسس لصفحة جديدة في تاريخ تركيا. وهنا، يجوز الاحتفاء بانتصار رؤية المثقف الشجاع، الأديب المنصت لأرضه، ولناسها، ولوجدانهم وأشواقهم، إذا ما انعطفت تركيا إلى غلق نهائي لهذا الملف الدامي، وقد قضى نحو 40 ألفاً في 30 عاماً من الصراع العويص. كان يشار كمال، في أثنائه، في موقع اليسار، منذ انتسب، في الستينيات، إلى حزب العمال التركي، مروراً بمنعه مرات من السفر، ومحاكمته قبل عشرين عاماً بسبب مقال نشره، وهو الذي تعاطف كثيراً مع الأرمن، للمجازر التي تعرضوا لها.
هل ثمّة مجازفةٌ إذا ما كُتب، هنا، إن رؤية يشار كمال هي التي تنتصر، في بيان "إعلان النيات" الذي تم إشهاره باسم أوجلان، السبت الماضي، ويتضمن عشرة بنود من أجل "ترسيخ الديمقراطية الحقيقية والسلام الشامل"؟ لعله سؤال يصدر عن انحيازٍ خاص إلى المثقف، عندما يكون في ضفة الحرية والعدالة والعلمانية والديمقراطية، وهذه قيمٌ زاولها الروائي الراحل، ودافع عنها، وناضل لها سياسياً وفكرياً، حتى في خريف عمره، قبل شهور، لمّا ألح على "مواجهة السلطات التي تسحق الإنسان". وقد كان صانع حكايات، ومعلماً في روايته لها، وقد خلع عليه محبون له لقب "هوميروس التركي". لم يكن منظّراً وصانع أفكار، كان أديباً خسرت "نوبل" كثيراً من اعتباريتها إذ لم تُعط له، ونظنُّهم لم يفتروا على الحقيقة، من قالوا إن يشار كمال أحقُّ بالجائزة العالمية من مواطنه، أورهان باموق، الذي نالها، وكان الأخير راقياً في قوله، مرّة، إن كمال أحد معلميه.
تروح تركيا إلى نجاحٍ جديد في عهد حزب العدالة والتنمية، إذا ما قيّض للأفعال أن تترجم الأقوال والنيات، من الجميع، من الدولة ومن حزب أوجلان، ومن كل الأكراد الملتاعين والقلقين، من فرط ما كابدوا، ومن كثرة ما حاربوا وحوربوا. تروح تركيا إلى مستقبلٍ آمن وواعد بنهوض أكثر وأجمل، وهي التي يشغل قيادتها ضريحٌ قديم في سورية، ويرى رئيسها المسلمين من اكتشفوا أميركا. كأن مواريث الماضي، والخراريف التي تأتي كيفما اتفق، من هوايات أهل الحكم أيضاً، وكان الظن أنها من مشاغل الحكائين وكتاب الرواية.. ومن هؤلاء، اسم ثقيل، هو يشار كمال، تركي كردي، وكردي تركي أيضاً.