24 أكتوبر 2024
هل بات التدخل الأميركي – الأوروبي وشيكاً في ليبيا؟
تُجري الولايات المتحدة الأميركية وليبيا "حواراً مكثفاً" قد يقود إلى اتفاقٍ مع حكومة الوفاق الوطني، برئاسة فائز السراج؛ يسمح بنشر "مستشارين عسكريين" أميركيين، للمساعدة في التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في ليبيا، وذلك حسب الجنرال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، الجنرال جوزيف دانفورد. وقد جاء هذا التصريح عقب اجتماعٍ لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، إذ أكد دانفورد أنّ أعضاءً في الحلف أعربوا، أيضاً، عن اهتمامهم بالمشاركة في أي مهمة في ليبيا، والتي قد "تكون طويلة الأمد".
تعكس هذه التصريحات توجهاً أميركياً – أوروبياً، للتدخل بصورة أكبر في ليبيا التي لم تشهد استقراراً منذ الثورة عام 2011. كما أنها جاءت في سياق الكشف عن وجود قواتٍ خاصةٍ، أميركية وأوروبية، تقوم بمهمات استطلاعية وأدوارٍ تدريبية وتسليحية، وتقدِّم خدماتٍ لوجستية إلى قوات محلية محسوبة على حكومة الوفاق الليبية. وعلى الرغم من أنّ الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لا يزال يعتبر أنّ تدخله في ليبيا ضد نظام القذافي كان صائباً، فإنه يرى أنّ أحد أكبر أخطاء إدارته تمثّل في "الفشل في التخطيط لليوم التالي للتدخل".
مبرّرات التدخل
تخشى الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون من تحويل تنظيم داعش ليبيا إلى قاعدةٍ كبرى لنشاطاته، تحسباً لهزيمة محتملة في كلٍ من سورية والعراق. وحسب التقديرات الأميركية - الأوروبية، فإنّ التنظيم يوظّف الصراع القبلي والجهوي والسياسي في ليبيا بين ثلاث حكومات متنافسة لمصلحته. وترى تلك الدول أنّ أجواء الفوضى وضعف السلطة المركزية تمثّل البيئة الملائمة لتمدّد "داعش"، كما الحال في سورية والعراق واليمن. واستنادًا إلى تقريرٍ قُدِّم إلى مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة في السنة الماضية، فإنّ زعيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، يحظى بنفوذٍ كبيرٍ لدى تنظيمه في ليبيا، ويسعى إلى توسيع حدود "خلافته" إلى شمال إفريقيا. وقد تضاعفت الهواجس الغربية مع محاولات "داعش" السيطرة على حقول النفط في ليبيا، كما في مدينة إجدابيا شرقي البلاد؛ ما يعزّز موارده المالية. وحسب تقديراتٍ غربية أيضاً، فإنّ لدى "داعش" في ليبيا اليوم نحو 8000 آلاف مقاتل، يتمركز أغلبهم في مدينة سرت، مسقط رأس معمر القذافي، مستفيدًا من حالة قبليةٍ، استثنيت من الترتيبات السياسية بعد الثورة. وثمة قلقٌ من أنّ نجاح "داعش" في ترسيخ وجوده في ليبيا سوف يؤدي إلى تفاقم مشكلة الإرهاب في شمال إفريقيا عموماً، فضلاً عن تداعيات ذلك على أوروبا نفسها التي لا تبعد شواطئها على البحر الأبيض المتوسط عن ليبيا أكثر من 300 كم. وتخشى أوروبا من تصاعد موجات الهجرة عبر ليبيا في حال استمرار الفوضى والفراغ السياسي في البلاد، كما أنها تخشى من التخطيط لعمليات إرهابية على أراضيها انطلاقاً من ليبيا.
حدود التدخل
يبدو أنّ الحديث حالياً يقتصر على إيفاد مستشارين (مجموعات من القوات الخاصة في الحقيقة)
أميركيين وبريطانيين وإيطاليين، وربما فرنسيين (مع أنه ثمة مستشارون فرنسيون يدعمون خليفة حفتر) إلى ليبيا. وسيكون التدخل أقل من مستواه في العراق وسورية؛ إذ يوجد في العراق اليوم خمسة آلاف جندي أميركي على الأرض، تسميهم واشنطن "مستشارين عسكريين"، بالإضافة إلى الدعم الجوي الذي تقدمه إلى الحكومة العراقية والأكراد. في حين تشنّ الولايات المتحدة غاراتٍ جوية يومية، ضمن تحالف واسعٍ في سورية، وقامت مؤخراً بتوسيع دائرة العمليات الخاصة هناك، بعد زيادة عديد قواتها من 50 إلى 300 فرد. أما في ليبيا، فيوجد فريقان من القوات الأميركية الخاصة، بمعدل 25 جنديًا لكل فريق، يتمركزان منذ أواخر عام 2015 حول مدينتي مصراتة وبنغازي، في محاولةٍ لتحديد الحلفاء المحتملين ضمن الفصائل الليبية المسلحة في أيّ حربٍ قادمة على "داعش"، فضلاً عن جمع معلومات استخباراتية. وعلى الرغم من أنّ وجود هذين الفريقين يشير إلى التوجّه نحو توسيع التدخل العسكري الأميركي في ليبيا، فإنه، في المقابل، يدلّ على استمرار تفضيل الرئيس أوباما الاعتماد على قواتٍ خاصة وهجمات بالطائرات، وتسليح حلفاء محليين وتدريبهم، بعيدًا من التدخل العسكري المباشر والواسع على الأرض. وفعلاً، فقد شنت الولايات المتحدة هجومين جويين على معاقل لـ "داعش" في ليبيا، كان آخرهما في فبراير/ شباط الماضي.
ويعكف القادة العسكريون في القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا حالياً على تحديد عشرات الأهداف في أنحاء ليبيا، في حال قرّر حلف الناتو بدء ضرباتٍ جوية فيها. كما تسعى وزارة الدفاع الأميركية إلى تحسين التنسيق بين قوات العمليات الخاصة الأميركية ونظيرتيها الفرنسية والبريطانية اللتين لديهما قوات خاصة على الأرض. وتعمل هذه القوات مجتمعةً على تعريف الحلفاء والأعداء المحتملين في ليبيا، ومحاولة توحيد صفوفها خلف حكومة الوفاق. وتراهن الولايات المتحدة على إيطاليا، القوة الاستعمارية السابقة في ليبيا، لقيادة جهد تنسيق الحرب على "داعش"، وتدريب القوات الليبية التي سيجري اختيارها لهذه المهمة وتوجيهها. وكانت إيطاليا قد وعدت بالقيام بهذا الدور، وبتخصيص نصف الإمكانات المطلوبة، على الأقل، لهذه المهمة. وحسب قائد العمليات العسكرية الأميركية في إفريقيا، الجنرال ديفيد رودريغيز، فإنّ أغلب ما تحتاجه القوات الليبية هو الذخائر والأسلحة الصغيرة، لا الأسلحة الثقيلة، لكنّ الأمر يتطلب، أولاً تحديد الجماعات التي تقبل العمل مع حكومة الوفاق الوطني بقيادة السراج.
وعلى صعيد موازٍ، عبّرت 25 دولةً وهيئةً دوليةً، في مؤتمر عُقد في فيينا في 16 مايو/ أيار الماضي، عن استعدادها للنظر في مطالب حكومة الوفاق الليبية، منحها استثناءاتٍ من حظر التسلح الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا منذ عام 2011. ومن الدول التي وقعت على البيان الختامي للمؤتمر، الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي. وقال وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إنه "يتحتّم على المجتمع الدولي أن يدعم حكومة السراج التي هي الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا". وأضاف "جميعنا هنا ندعم حقيقة أنه إذا كانت هناك حكومة شرعية، وكانت تلك الحكومة تواجه صعوبة في مكافحة الإرهاب ... فينبغي عدم جعل هذه الحكومة رهينة لتحركات الأمم المتحدة". ويصب مؤتمر فيينا وتصريحات كيري في اتجاه بناء قوة سياسية تحظى بالشرعية المطلوبة في ليبيا، لقيادة المعركة على الأرض ضد "داعش" بدعم دولي.
عقبات في وجه التدخل
1. تتمثل العقبة الأبرز أمام نجاح أي جهد أميركي - دولي لمحاربة "داعش" في ليبيا في
تحقيق إجماع وطني ليبي، حول حكومة تحظى بالشرعية. وعلى الرغم من الاعتراف والدعم الدوليين الواسعين اللذيْن تحظى بهما حكومة السراج، فإنها لا تزال تواجه صعوباتٍ كبيرة في الحصول على اعتراف مختلف القوى الليبية بها، بوصفها الحكومة الشرعية، فيما يمثل تنظيم داعش وقوات اللواء خليفة حفتر العقبتين الرئيستين اللتين ينبغي على حكومة السراج تجاوزهما، قبل أن تتجه نحو محاولة بسط سيطرتها على كامل التراب الليبي.
2. استمرار الصراع السياسي والمسلح بين الفصائل الليبية المختلفة؛ ما قد يؤدي إلى الفشل في تشكيل قوةٍ محليةٍ متماسكة لمحاربة "داعش"؛ فاستمرار الصراع بين القوى الليبية المختلفة يعقّد مسألة رفع حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، ذلك أنّ حكومة الوفاق الليبية لا تملك قواتٍ فاعلةً وقويةً على الأرض، ومن ثمّ، فإنه لا يوجد طرف "شرعي" مؤهل، إلى الآن، لتلقّي السلاح حسب مقرّرات مؤتمر فيينا.
3. وفي سياق الانقسامات الليبية التي تمنع وجود حكومةٍ شرعيةٍ توحّد الجميع، يشكو مسؤولون أميركيون من عدم تعاون بعض الحلفاء الإقليميين الذين يدعمون سلطات طبرق وقوات حفتر ضد حكومة طرابلس والفصائل المرتبطة بها. وترى الولايات المتحدة أنّ هذه التصرفات تُضعف موقف حكومة الوفاق، وتساهم في توسيع الشرخ في ليبيا، وتعطّل الحرب على "داعش".
4. ثمّة تحدٍ آخر يواجه الجهد الأميركي، ويتمثل في تردّد إيطاليا في أخذ زمام المبادرة؛ إذ تضع جملةً من الشروط للقيام بهذه المهمة، أهمها إنجاز توافقٍ ليبي على حكومة الوفاق الوطني التي تعدّها وحدها فقط المخوّلة في تحديد القوات التي ينبغي تدريبها وتسليحها، فضلاً عن مطالبتها بدعمٍ دولي واضحٍ لمثل هذه المهمة، عبر قرار من مجلس الأمن.
5. افتقار الولايات المتحدة إلى البنية التحتية العسكرية التي تحتاجها طائراتها المقاتلة في المنطقة؛ فتونس والجزائر رفضتا السماح لطائرات الاستطلاع والقتال الأميركية الانطلاق من أراضيهما؛ ما يعني أنّ الطائرات من دون طيار الأميركية والطائرات الأخرى قد تضطر إلى الانطلاق من قواعد عسكرية بعيدة في إيطاليا وإسبانيا أو اليونان.
خلاصة
يبدو أنّ الولايات المتحدة، ومعها بعض حلفائها الأوروبيين، قد حسموا الأمر باتجاه استهداف "داعش" في ليبيا؛ فإدارة أوباما لا تريد أن تترك ليبيا ساحةً يلجأ إليها التنظيم في حالة هزيمته في العراق وسورية. ولكنّ النتائج تبقى غير مضمونة؛ فهزيمة هذا التنظيم نهائيًا لا يمكن أن تتم من دون معالجة السياقات التي أفرزته، وتُعزّز انتشاره، كما أثبتت التجربة.
تعكس هذه التصريحات توجهاً أميركياً – أوروبياً، للتدخل بصورة أكبر في ليبيا التي لم تشهد استقراراً منذ الثورة عام 2011. كما أنها جاءت في سياق الكشف عن وجود قواتٍ خاصةٍ، أميركية وأوروبية، تقوم بمهمات استطلاعية وأدوارٍ تدريبية وتسليحية، وتقدِّم خدماتٍ لوجستية إلى قوات محلية محسوبة على حكومة الوفاق الليبية. وعلى الرغم من أنّ الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لا يزال يعتبر أنّ تدخله في ليبيا ضد نظام القذافي كان صائباً، فإنه يرى أنّ أحد أكبر أخطاء إدارته تمثّل في "الفشل في التخطيط لليوم التالي للتدخل".
مبرّرات التدخل
تخشى الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون من تحويل تنظيم داعش ليبيا إلى قاعدةٍ كبرى لنشاطاته، تحسباً لهزيمة محتملة في كلٍ من سورية والعراق. وحسب التقديرات الأميركية - الأوروبية، فإنّ التنظيم يوظّف الصراع القبلي والجهوي والسياسي في ليبيا بين ثلاث حكومات متنافسة لمصلحته. وترى تلك الدول أنّ أجواء الفوضى وضعف السلطة المركزية تمثّل البيئة الملائمة لتمدّد "داعش"، كما الحال في سورية والعراق واليمن. واستنادًا إلى تقريرٍ قُدِّم إلى مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة في السنة الماضية، فإنّ زعيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، يحظى بنفوذٍ كبيرٍ لدى تنظيمه في ليبيا، ويسعى إلى توسيع حدود "خلافته" إلى شمال إفريقيا. وقد تضاعفت الهواجس الغربية مع محاولات "داعش" السيطرة على حقول النفط في ليبيا، كما في مدينة إجدابيا شرقي البلاد؛ ما يعزّز موارده المالية. وحسب تقديراتٍ غربية أيضاً، فإنّ لدى "داعش" في ليبيا اليوم نحو 8000 آلاف مقاتل، يتمركز أغلبهم في مدينة سرت، مسقط رأس معمر القذافي، مستفيدًا من حالة قبليةٍ، استثنيت من الترتيبات السياسية بعد الثورة. وثمة قلقٌ من أنّ نجاح "داعش" في ترسيخ وجوده في ليبيا سوف يؤدي إلى تفاقم مشكلة الإرهاب في شمال إفريقيا عموماً، فضلاً عن تداعيات ذلك على أوروبا نفسها التي لا تبعد شواطئها على البحر الأبيض المتوسط عن ليبيا أكثر من 300 كم. وتخشى أوروبا من تصاعد موجات الهجرة عبر ليبيا في حال استمرار الفوضى والفراغ السياسي في البلاد، كما أنها تخشى من التخطيط لعمليات إرهابية على أراضيها انطلاقاً من ليبيا.
حدود التدخل
يبدو أنّ الحديث حالياً يقتصر على إيفاد مستشارين (مجموعات من القوات الخاصة في الحقيقة)
ويعكف القادة العسكريون في القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا حالياً على تحديد عشرات الأهداف في أنحاء ليبيا، في حال قرّر حلف الناتو بدء ضرباتٍ جوية فيها. كما تسعى وزارة الدفاع الأميركية إلى تحسين التنسيق بين قوات العمليات الخاصة الأميركية ونظيرتيها الفرنسية والبريطانية اللتين لديهما قوات خاصة على الأرض. وتعمل هذه القوات مجتمعةً على تعريف الحلفاء والأعداء المحتملين في ليبيا، ومحاولة توحيد صفوفها خلف حكومة الوفاق. وتراهن الولايات المتحدة على إيطاليا، القوة الاستعمارية السابقة في ليبيا، لقيادة جهد تنسيق الحرب على "داعش"، وتدريب القوات الليبية التي سيجري اختيارها لهذه المهمة وتوجيهها. وكانت إيطاليا قد وعدت بالقيام بهذا الدور، وبتخصيص نصف الإمكانات المطلوبة، على الأقل، لهذه المهمة. وحسب قائد العمليات العسكرية الأميركية في إفريقيا، الجنرال ديفيد رودريغيز، فإنّ أغلب ما تحتاجه القوات الليبية هو الذخائر والأسلحة الصغيرة، لا الأسلحة الثقيلة، لكنّ الأمر يتطلب، أولاً تحديد الجماعات التي تقبل العمل مع حكومة الوفاق الوطني بقيادة السراج.
وعلى صعيد موازٍ، عبّرت 25 دولةً وهيئةً دوليةً، في مؤتمر عُقد في فيينا في 16 مايو/ أيار الماضي، عن استعدادها للنظر في مطالب حكومة الوفاق الليبية، منحها استثناءاتٍ من حظر التسلح الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا منذ عام 2011. ومن الدول التي وقعت على البيان الختامي للمؤتمر، الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي. وقال وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إنه "يتحتّم على المجتمع الدولي أن يدعم حكومة السراج التي هي الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا". وأضاف "جميعنا هنا ندعم حقيقة أنه إذا كانت هناك حكومة شرعية، وكانت تلك الحكومة تواجه صعوبة في مكافحة الإرهاب ... فينبغي عدم جعل هذه الحكومة رهينة لتحركات الأمم المتحدة". ويصب مؤتمر فيينا وتصريحات كيري في اتجاه بناء قوة سياسية تحظى بالشرعية المطلوبة في ليبيا، لقيادة المعركة على الأرض ضد "داعش" بدعم دولي.
عقبات في وجه التدخل
1. تتمثل العقبة الأبرز أمام نجاح أي جهد أميركي - دولي لمحاربة "داعش" في ليبيا في
2. استمرار الصراع السياسي والمسلح بين الفصائل الليبية المختلفة؛ ما قد يؤدي إلى الفشل في تشكيل قوةٍ محليةٍ متماسكة لمحاربة "داعش"؛ فاستمرار الصراع بين القوى الليبية المختلفة يعقّد مسألة رفع حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، ذلك أنّ حكومة الوفاق الليبية لا تملك قواتٍ فاعلةً وقويةً على الأرض، ومن ثمّ، فإنه لا يوجد طرف "شرعي" مؤهل، إلى الآن، لتلقّي السلاح حسب مقرّرات مؤتمر فيينا.
3. وفي سياق الانقسامات الليبية التي تمنع وجود حكومةٍ شرعيةٍ توحّد الجميع، يشكو مسؤولون أميركيون من عدم تعاون بعض الحلفاء الإقليميين الذين يدعمون سلطات طبرق وقوات حفتر ضد حكومة طرابلس والفصائل المرتبطة بها. وترى الولايات المتحدة أنّ هذه التصرفات تُضعف موقف حكومة الوفاق، وتساهم في توسيع الشرخ في ليبيا، وتعطّل الحرب على "داعش".
4. ثمّة تحدٍ آخر يواجه الجهد الأميركي، ويتمثل في تردّد إيطاليا في أخذ زمام المبادرة؛ إذ تضع جملةً من الشروط للقيام بهذه المهمة، أهمها إنجاز توافقٍ ليبي على حكومة الوفاق الوطني التي تعدّها وحدها فقط المخوّلة في تحديد القوات التي ينبغي تدريبها وتسليحها، فضلاً عن مطالبتها بدعمٍ دولي واضحٍ لمثل هذه المهمة، عبر قرار من مجلس الأمن.
5. افتقار الولايات المتحدة إلى البنية التحتية العسكرية التي تحتاجها طائراتها المقاتلة في المنطقة؛ فتونس والجزائر رفضتا السماح لطائرات الاستطلاع والقتال الأميركية الانطلاق من أراضيهما؛ ما يعني أنّ الطائرات من دون طيار الأميركية والطائرات الأخرى قد تضطر إلى الانطلاق من قواعد عسكرية بعيدة في إيطاليا وإسبانيا أو اليونان.
خلاصة
يبدو أنّ الولايات المتحدة، ومعها بعض حلفائها الأوروبيين، قد حسموا الأمر باتجاه استهداف "داعش" في ليبيا؛ فإدارة أوباما لا تريد أن تترك ليبيا ساحةً يلجأ إليها التنظيم في حالة هزيمته في العراق وسورية. ولكنّ النتائج تبقى غير مضمونة؛ فهزيمة هذا التنظيم نهائيًا لا يمكن أن تتم من دون معالجة السياقات التي أفرزته، وتُعزّز انتشاره، كما أثبتت التجربة.