11 نوفمبر 2024
هذه الزوبعة في الخليج
بعد أسابيع من غزو الجيش العراقي الكويت صيف 1990، أعلن وزير الخارجية العراقي في حينه، طارق عزيز، أن بلاده مستعدّة للانسحاب من الكويت، إذا ما تمت تلبية مطالبها، فعقّبت رئيسة الوزراء البريطانية، مارغريت تاتشر، إن هذا الانسحاب أو عدمه ليس الموضوع، وإنما العراق نفسه. تطرأ تلك الواقعة إلى البال، في غضون التفرّج على العرس المستمر في فضائيات وصحف سعودية وإماراتية، ضد دولة قطر وقيادتها، وبأساليب مسفّة، بعد جريمة تقويل أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، خطاباً لم يدلِ به، في اختراق الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء القطرية الرسمية، في الواحدة وعشرين دقيقة (بتوقيت أبوظبي)، حيث تم دسّ نص الخطاب الكاذب، وبحرفٍ مختلفٍ عن الذي تستخدمه الوكالة (!). ليس الموضوع هنا، ولا في عدم تصديق أصحاب العرس الذي لم تتوقف زفّاته بعد نفي الدوحة تلك التصريحات المنسوبة للأمير، وبعد تأكيدها أن تحقيقاً يجري بخصوص هذه الجريمة. ليست القضية في ذلك الاختراق، ولا في نفيه، ولا في السماجة الظاهرة في سخرية أهل العرس المذكور من هذا النفي، إنها في مطرحٍ آخر، في أصل الموضوع كله، وليست في الوقائع التي تدحرجت، بعد فجر الأربعاء الماضي.
من قلة العقل تضييع الوقت في مشاهدة "العربية" و"سكاي نيوز" و"الإخبارية" السعودية، وفي متابعة صحيفة عكاظ، وشقيقاتٍ لها في المملكة والإمارات، وإن تحسُن، في الوقت نفسه، تهنئة وكالتي الأنباء السعودية والإماراتية، لانفرادهما، من بين وكالات الأنباء العربية، بنشر ذلك الخطاب الذي لم يدل به أمير قطر، في مناسبةٍ محليةٍ في الثامنة والنصف صباحا بتوقيت الدوحة، ثم آثر جهبذٌ إعلامَ الناس بمضمون هذا الخطاب المنتحل، قبيْل صياح الديكة، بعد الواحدة ليلا بتوقيت أبوظبي. .. هذا الفعل الشائن، وذلك الأداء الإعلامي الساقط، هما من مظاهر أزمةٍ قائمةٍ في البيت الخليجي، لم تعد خافيةً، وليس من المعقول التعمية عليها، ولا معالجتها بتهدئاتٍ موضعية عابرة. هناك حاجةٌ إلى أقصى درجات الصراحة والمكاشفة، يتم فيها بقّ البحصة كلها، فيقال الكلام كله في غضونها، من دون المجاملات الخليجية التقليدية المعهودة، فالذي ينكتبُ في تلك الجرائد وتُشيعه تلك الشاشات ويخرُج في ذلك الأثير الإلكتروني، في الإمارات والمملكة (لا تؤخذ شاشات عبد الفتاح السيسي وجرائده على محمل الجد) ليس مسبوقاً في مدى التطاول فيه على دولة قطر وقيادتها.
القصة وما فيها أن هناك من يرى، في أبوظبي والرياض، أنه إذا قالت حذامِ فصدّقوها، فإنّ القول ما قالت حذامِ، وعندما لا تريد دولة قطر أن تغرّد ما تقوله حذامِ، فإنه لا بد من التشهير بتغريدها "خارج السرب"، والتجرؤ عليها، وبأي وسائل، إذ لا يجوز أن تكون لها سياسةٌ خارجيةُ تجتهد فيها في سبيل ما تراه مصلحةً لها ولجوارها الخليجي وللأمة. والعجيب أن الدوحة لم تنزعج من مؤاخذاتٍ أو انتقاداتٍ تُطرح بشأن خياراتها، ولم تطلب من الآخرين أن يتّبعوا نهجها، إلا أن الزعرنة الإعلامية الحادثة ضدها تتم صدوراً عن توجيهاتٍ معلومةٍ، فيما هي (دولة قطر) لم تستقبل رئيس إيران، حسن روحاني، كما بادرت إلى ذلك شقيقتاها، سلطنة عُمان ودولة الكويت، في فبراير/ شباط الماضي. وليست وحدها التي لا تعتبر "الإخوان المسلمين" جماعة إرهابية، فمملكة البحرين والسلطنة والكويت لم تفعل أيضا. ولم تعلن الدوحة أي خروجٍ عن إجماع خليجي في غير شأن. ولمن يتأذّى من "الجزيرة" والصداع الذي تسبّبه له، فلديه شاشاته، فليناطح بها هذه القناة وغيرها إن شاء.
القُطبة غير المخفية في الأزمة الخليجية الراهنة هي القُطبة نفسها في أزمة عام 2014 (وغيرها)، إنها في احترام دولة قطر نفسها عندما لا تريد أن تكون في جيب أحد، مع احترامها، في الوقت نفسه، جيرانها وأشقّاءها. ولمّا كان المسؤولون القطريون هم الموكول إليهم التعبير عن سياسات بلدهم وخياراتها، فإننا، معلقي الصحافة، لا نملك غير التمنّي على أهل الحكمة والعقل، في البيت الخليجي الدائم إن شاء الله، أن يُسارعوا إلى تطويق القصة كلها، وسدّ كل منافذ التوتير، بالذهاب مباشرةً إلى منبت الأزمة وأصلها، وليس بالانشغال بعوارض المنبت والأصل، ومنها استخدام قرصانٍ للإنترنت، واستقدام من يتوالى استقدامُهم إلى شاشات "العربية" و"سكاي نيوز" وشقيقاتهما، والزعبرة في أعمدة هذه الجريدة أو تلك.
من قلة العقل تضييع الوقت في مشاهدة "العربية" و"سكاي نيوز" و"الإخبارية" السعودية، وفي متابعة صحيفة عكاظ، وشقيقاتٍ لها في المملكة والإمارات، وإن تحسُن، في الوقت نفسه، تهنئة وكالتي الأنباء السعودية والإماراتية، لانفرادهما، من بين وكالات الأنباء العربية، بنشر ذلك الخطاب الذي لم يدل به أمير قطر، في مناسبةٍ محليةٍ في الثامنة والنصف صباحا بتوقيت الدوحة، ثم آثر جهبذٌ إعلامَ الناس بمضمون هذا الخطاب المنتحل، قبيْل صياح الديكة، بعد الواحدة ليلا بتوقيت أبوظبي. .. هذا الفعل الشائن، وذلك الأداء الإعلامي الساقط، هما من مظاهر أزمةٍ قائمةٍ في البيت الخليجي، لم تعد خافيةً، وليس من المعقول التعمية عليها، ولا معالجتها بتهدئاتٍ موضعية عابرة. هناك حاجةٌ إلى أقصى درجات الصراحة والمكاشفة، يتم فيها بقّ البحصة كلها، فيقال الكلام كله في غضونها، من دون المجاملات الخليجية التقليدية المعهودة، فالذي ينكتبُ في تلك الجرائد وتُشيعه تلك الشاشات ويخرُج في ذلك الأثير الإلكتروني، في الإمارات والمملكة (لا تؤخذ شاشات عبد الفتاح السيسي وجرائده على محمل الجد) ليس مسبوقاً في مدى التطاول فيه على دولة قطر وقيادتها.
القصة وما فيها أن هناك من يرى، في أبوظبي والرياض، أنه إذا قالت حذامِ فصدّقوها، فإنّ القول ما قالت حذامِ، وعندما لا تريد دولة قطر أن تغرّد ما تقوله حذامِ، فإنه لا بد من التشهير بتغريدها "خارج السرب"، والتجرؤ عليها، وبأي وسائل، إذ لا يجوز أن تكون لها سياسةٌ خارجيةُ تجتهد فيها في سبيل ما تراه مصلحةً لها ولجوارها الخليجي وللأمة. والعجيب أن الدوحة لم تنزعج من مؤاخذاتٍ أو انتقاداتٍ تُطرح بشأن خياراتها، ولم تطلب من الآخرين أن يتّبعوا نهجها، إلا أن الزعرنة الإعلامية الحادثة ضدها تتم صدوراً عن توجيهاتٍ معلومةٍ، فيما هي (دولة قطر) لم تستقبل رئيس إيران، حسن روحاني، كما بادرت إلى ذلك شقيقتاها، سلطنة عُمان ودولة الكويت، في فبراير/ شباط الماضي. وليست وحدها التي لا تعتبر "الإخوان المسلمين" جماعة إرهابية، فمملكة البحرين والسلطنة والكويت لم تفعل أيضا. ولم تعلن الدوحة أي خروجٍ عن إجماع خليجي في غير شأن. ولمن يتأذّى من "الجزيرة" والصداع الذي تسبّبه له، فلديه شاشاته، فليناطح بها هذه القناة وغيرها إن شاء.
القُطبة غير المخفية في الأزمة الخليجية الراهنة هي القُطبة نفسها في أزمة عام 2014 (وغيرها)، إنها في احترام دولة قطر نفسها عندما لا تريد أن تكون في جيب أحد، مع احترامها، في الوقت نفسه، جيرانها وأشقّاءها. ولمّا كان المسؤولون القطريون هم الموكول إليهم التعبير عن سياسات بلدهم وخياراتها، فإننا، معلقي الصحافة، لا نملك غير التمنّي على أهل الحكمة والعقل، في البيت الخليجي الدائم إن شاء الله، أن يُسارعوا إلى تطويق القصة كلها، وسدّ كل منافذ التوتير، بالذهاب مباشرةً إلى منبت الأزمة وأصلها، وليس بالانشغال بعوارض المنبت والأصل، ومنها استخدام قرصانٍ للإنترنت، واستقدام من يتوالى استقدامُهم إلى شاشات "العربية" و"سكاي نيوز" وشقيقاتهما، والزعبرة في أعمدة هذه الجريدة أو تلك.