من نديم قطيش إلى عبد الباسط سيدا

27 سبتمبر 2015

نديم قطيش وعبد الباسط سيدا

+ الخط -

يشتغل الإعلامي اللبناني نديم قطيش، نهاراً، وعلناً، وجهاراً، ضد محور الممانعة. ويبث سمومه، على الهواء مباشرة، من استوديوهات تلفزيون المستقبل، الخاص بآل الحريري.

عندنا، في بلدة معرتمصرين، الصغيرة في شمال مدينة إدلب، إذا شاهدوا رجلاً يبحث في أوراق آخَر، ويفتش في سجلاته، ويتصيد أخطاءه وهفواته، يقولون: (نَكَشْ له غَزْلَاتُهْ).. وهذا، بالضبط، ما فعله نديم قطيش، حينما استغل حادثة اغتيال الشيخ وحيد البلعوس، في محافظة السويداء، لينكش غزلات آل الأسد وآل نصر الله، ويغمز ويلمز باتجاه حادثة اغتيال الشيخ عماد مغنية التي طواها الزمان، وأكل عليها، وشرب.

يبدأ قطيش برنامجه بحشد الدلائل والقرائن التي تحاول تصوير الشيخ البلعوس معارضاً للنظام، ويعرض له فيديو يُحَرِّضُ فيه أهالي السويداء على رفض التجنيد الإجباري.. ولكنَّ هذا العمل، لو يدري قطيش، جنائي الوصف، لأن الهدف من التجنيد، في هذه الفترة، محاربة الإرهاب. ولا شك أن تحريض الشبان على رفضه دعمٌ مكشوف للإرهاب.

وبعملية تزوير مكشوفة، يعرض علينا قطيش صورةً لإحدى المظاهرات السلمية المبكرة التي استُخدمَت فيها هتافات مهذبة من قبيل: (السوري يرفع إيدُه، بشار ما منريدُه).. و(عاشت سورية ويسقط بشار الأسد)؛.. ويَدَّعي أنها مظاهرات غاضبة عَمّت شوارع السويداء بعد اغتيال البلعوس، ليقول إن أهل السويداء، الدروز، معارضون للنظام، من دون أن يقدم لنا لقطة واحدة من مسيرات تأييد هؤلاء القوم للقائد ابن حافظ الأسد. 

على الرغم من أنني، في وقت سابق، كنت أحب نديم قطيش، وأتعاطف مع طريقته المبتكرة في التهكم، إلا أنني استهجنتُ تعليقَه على كلام السيدين، شريف شحادة ووئام وهاب، اللذيْن وضحا أن اغتيال الشيخ البلعوس عمل إرهابي، نُفّذَ لأجل إشعال نار الفتنة.. قطيش ذهب إلى أن الفتنة تكون نائمة في المجتمعات المستقرة التي يسودها الحب و(الوئام)، فيأتي شخص مأفونٌ ما، مفتعِلاً حادثةً ما؛ ليضرب حالة (الوئام)، ويجعل الناس يقتتلون، حتى يصل الأمر إلى الفوضى والاضطراب، و: انْجُ سَعدٌ هَلَكَ سعيد.

كلا، يا سيد نديم، فهذا الرئيس الممانع الذي أشفق عليه أحدُ أعضاء مجلس الشعب، ذات يوم، من أن يكون رئيساً للوطن العربي فقط، وارتأى أنه يصلح لقيادة العالم.. قد تكالبت عليه الأمم والشعوب، وأصبح رجلاً مسكيناً، نظامُه يشبه ساحة الطاحون التي يأتيها الفلاحون من كل حدب وصوب، يحملون أكياسَهم المملوءة بالقمح على ظهور جحاشهم، يريدون أن يصبّوها في دَلوه ليطحنوها... بل صار شبيهاً بصدر حصان عنترة الأدهم الذي وصفه بقوله:

يَدْعون عنترَ والرماحُ كأنها/ أشطانُ بئرٍ في لَبَانِ الأدهمِ   

نصل، الآن، إلى الخيط غير المرئي الذي نسج عليه قطيش حلقته الخاصة باغتيال البلعوس، فقد عرض تسجيلاً لمذيع ممانع، ومحلل استراتيجي ممانع، يتبادلان، على قناة سما،‏ وجهةَ نظر واحدة مؤداها أن اتصال عبد الباسط سيدا رئيس المجلس (اللاوطني) السابق بوليد بيك جنبلاط ليعزيه باستشهاد وحيد البلعوس، دليل على أن لسيدا وجنبلاط علاقة وطيدة باغتياله.

ههنا يصل قطيش، بزعمه، إلى اللمعة الإبداعية الخاصة ببرنامجه، فيقول: لما الأسد اتصل بحسن نصر الله وعزّاه بمقتل الشيخ عماد مغنية، هل هذا يعني أنهما شاركا في اغتياله؟

وفي آخر الحلقة، يتساءل: كيف تمكّنت الأجهزة الأمنية السورية، وهي تحكم ثلث سورية فقط، من القبض على وافد أبو ترابة، المتهم بتفجير موكب البلعوس، خلال أيام، وعجزت عن معرفة قاتل عماد مغنية، حينما كانت تسيطر على كامل التراب السوري، خلال سنوات؟

الآن، أنا، محسوبكم، أريد أن (أنكش غَزْلات) نديم قطيش، فأتساءل: ولماذا التركيز على مغنية بالذات؟.. أليس لأن اغتياله كان للتغطية على اغتيال الشيخ رفيق الحريري؟ ومن يكون رفيق الحريري بالنسبة لحضرتك؟ صارت واضحة.. نديم.     

 

 

خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...