15 نوفمبر 2024
ما قاله صبحي الطفيلي
يسأل الزميل بدر الدين الصائغ أول أمين عام لحزب الله، صبحي الطفيلي، في الحلقة الرابعة (الأخيرة) من برنامج "وفي رواية أخرى" في تلفزيون العربي، عن رسالةٍ يوجهها إلى الأمين العام الحالي للحزب، حسن نصرالله، فيجيب إن الموعظة تحتاج إلى أملٍ بأن تُسمع، ثم يُخاطب الحزب (متفاديا مخاطبة نصرالله) ويدعوه إلى استثمار استطاعته حشد الشارع (في لبنان) خلف نهوض دولةٍ وإعمار بلد، وقطع يد اللصوص، إذ يستطيع أن يكون أعلى وأقوى عن طريق الحق، ورفع راية الإصلاح الحقيقي، ومحاربةٍ حقيقيةٍ للفساد، وذلك بعد أن يعتبر الطفيلي حزب الله اليوم أقوى قوةٍ في لبنان، وفي الوقت نفسه، أداة فسادٍ أساسيةً وحاميا كل اللصوص، ثم يُطالبه بالعودة إلى المقاومة الحقيقية لإسرائيل وبناء لبنان، وبالعمل من أجل وحدة الشعب، ويشير إلى "موضوعٍ طائفيٍّ مذهبيٍّ قذر" في حديثه عن المذهبيات التي تتغلف بالممانعة. ..
مصادفةً، جاءت المقابلة التلفزيونية المطوّلة في قناة الميادين مع نصرالله بعد أربعة أيام من اكتمال المقابلات الأربع التي أوضح فيها الطفيلي محطاتٍ ووقائع غير قليلة، وكذا ثباته على مناهضته تدخّل حزب الله عسكريا في سورية مع النظام هناك، ورفضه هيمنة إيران على قرار الحزب واستضعافها لبنان. ومن المفارقات أن يكون مُختتم الحديث مع الشيخ الذي جرى نزع عضويته من حزب الله (كان من مؤسّسيه وأول قادته) عن الفساد الكثير في لبنان، وعن عدم محاربة حزب الله هذا الفساد بشكلٍ حقيقي، وأن يكون في مختتم إجابات نصرالله، عن أسئلة غسّان بن جدو، إن المعركة ضد الفساد في لبنان طويلةٌ وصعبةٌ ومعقدة، وهي معركة حزب الله، الذي لا يحكم لبنان ولا يريد أن يحكم لبنان، "لأننا نؤمن بأن لبنان لا يمكن أن يُدار إلا من جميع مكوناته".
بعيدا عن حدّة بعض مفرداته، ومبالغاته، ونقصان السياسة أحيانا في خطابه، لم يبتعد صبحي الطفيلي عن الحاجة الملحّة التي تتوطن في نفوس لبنانيين وعرب كثيرين لأن يقوى حزبُ الله ويعلو بغير ما هو عليه من خيارات. ولعله صحيحٌ قول الأمين العام الأسبق للحزب، والمنشق والمفصول لاحقا، إن الأمة مستعدةٌ للغفران، إذا ما فعلها حزبُ الله وغادر الحرب في سورية، وكفّ عن ارتهانه إلى إيران التي قال إنها "كانت تريد قيادةً على رأس حزب الله تطيع من دون نقاش". وقد استفاض الرجل في التحذير من مشروعٍ طائفيٍّ مذهبيٍّ مقيت، تشارك فيه قوى ودول معلومةٌ في الأمة، ومنها إيران. لكنه أيضا أبلغ محاورَه بأنك عندما تقطع الأمل بأن تُسمع موعظتك، فإن حماسك يصير ضعيفا. والمؤكّد، قبل المقابلة (المهمة طبعا) مع نصرالله، الليلة قبل الماضية، وبعدها، أن حزب الله ليس في وارد أن يسمع عظاتٍ من أي أحد، فهو ماضٍ في مشروعه، وإلا فإن مراجع ومشايخ ذوي مكانةٍ متقدّمة بين اللبنانيين الشيعة، والذين يكاد حزب الله يحتكر تمثيلهم، قالوها وأعلنوها في بياناتٍ وتصريحاتٍ غير قليلة، منذ الشهور الأولى لانتفاضة الشعب السوري ضد نظام الاستبداد والفساد (محمد حسن الأمين مثلا)، ولم يكترث بما تمنّاه هؤلاء عليه، ودعوتهم له إلى الإنصراف إلى غير خيار الاصطفاف العسكري المكشوف، والذي بدأ بذريعة حماية مواقع ذات قداسةٍ في سورية عند الطائفة الشيعية الكريمة.
ليست المرة الأولى التي يجهر فيها صبحي الطفيلي بروايةٍ أخرى، غير التي يُذيعها حزب الله، ويردّدها مشايعوه خوفا أو اقتناعا أو تعصبا، روايةٍ أخرى عن مقاومة إسرائيل كيف تكون، والعلاقة مع إيران كيف ينبغي أن تكون، إيران التي استعاد الشيخ غبطتَها بالحرب الأميركية التي استهدفت العراق في 1990، بعد احتلال الكويت، وعملها من أجل الفتنة التي قامت بين حزب الله وحركة أمل في النصف الثاني من الثمانينيات. قال الطفيلي ما قال، ونحن مدعوون إلى استقبال إضاءاتِه واستعاداتِه واجتهاداتِه باعتبارها خدْشا مهما في سردياتٍ يُراد لها أن تستقر حقائق مؤكّدة، بقوة السلاح الذي يجعل حزب الله متحكّما في لبنان ومصائره وراهنه، والإمساك بقرار الحرب والسلم فيه، كما تأكّد ذلك مجدّدا في مقابلة نصرالله التلفزيونية، والتي وإن اشتملت على معلوماتٍ مفيدةٍ في تبصّر حوادث مستجدةٍ في المنطقة إلا أنها أخفقت في تسويق أزعومة عملٍ وتدبيرٍ إسرائيلييْن من أجل إسقاط نظام الأسد، فيما الأوضحُ من أي وضوحٍ أن المُراد الإسرائيلي هو ما حقّقه النظام المذكور بالضبط، بقاؤه ودمار سورية معا.
بعيدا عن حدّة بعض مفرداته، ومبالغاته، ونقصان السياسة أحيانا في خطابه، لم يبتعد صبحي الطفيلي عن الحاجة الملحّة التي تتوطن في نفوس لبنانيين وعرب كثيرين لأن يقوى حزبُ الله ويعلو بغير ما هو عليه من خيارات. ولعله صحيحٌ قول الأمين العام الأسبق للحزب، والمنشق والمفصول لاحقا، إن الأمة مستعدةٌ للغفران، إذا ما فعلها حزبُ الله وغادر الحرب في سورية، وكفّ عن ارتهانه إلى إيران التي قال إنها "كانت تريد قيادةً على رأس حزب الله تطيع من دون نقاش". وقد استفاض الرجل في التحذير من مشروعٍ طائفيٍّ مذهبيٍّ مقيت، تشارك فيه قوى ودول معلومةٌ في الأمة، ومنها إيران. لكنه أيضا أبلغ محاورَه بأنك عندما تقطع الأمل بأن تُسمع موعظتك، فإن حماسك يصير ضعيفا. والمؤكّد، قبل المقابلة (المهمة طبعا) مع نصرالله، الليلة قبل الماضية، وبعدها، أن حزب الله ليس في وارد أن يسمع عظاتٍ من أي أحد، فهو ماضٍ في مشروعه، وإلا فإن مراجع ومشايخ ذوي مكانةٍ متقدّمة بين اللبنانيين الشيعة، والذين يكاد حزب الله يحتكر تمثيلهم، قالوها وأعلنوها في بياناتٍ وتصريحاتٍ غير قليلة، منذ الشهور الأولى لانتفاضة الشعب السوري ضد نظام الاستبداد والفساد (محمد حسن الأمين مثلا)، ولم يكترث بما تمنّاه هؤلاء عليه، ودعوتهم له إلى الإنصراف إلى غير خيار الاصطفاف العسكري المكشوف، والذي بدأ بذريعة حماية مواقع ذات قداسةٍ في سورية عند الطائفة الشيعية الكريمة.
ليست المرة الأولى التي يجهر فيها صبحي الطفيلي بروايةٍ أخرى، غير التي يُذيعها حزب الله، ويردّدها مشايعوه خوفا أو اقتناعا أو تعصبا، روايةٍ أخرى عن مقاومة إسرائيل كيف تكون، والعلاقة مع إيران كيف ينبغي أن تكون، إيران التي استعاد الشيخ غبطتَها بالحرب الأميركية التي استهدفت العراق في 1990، بعد احتلال الكويت، وعملها من أجل الفتنة التي قامت بين حزب الله وحركة أمل في النصف الثاني من الثمانينيات. قال الطفيلي ما قال، ونحن مدعوون إلى استقبال إضاءاتِه واستعاداتِه واجتهاداتِه باعتبارها خدْشا مهما في سردياتٍ يُراد لها أن تستقر حقائق مؤكّدة، بقوة السلاح الذي يجعل حزب الله متحكّما في لبنان ومصائره وراهنه، والإمساك بقرار الحرب والسلم فيه، كما تأكّد ذلك مجدّدا في مقابلة نصرالله التلفزيونية، والتي وإن اشتملت على معلوماتٍ مفيدةٍ في تبصّر حوادث مستجدةٍ في المنطقة إلا أنها أخفقت في تسويق أزعومة عملٍ وتدبيرٍ إسرائيلييْن من أجل إسقاط نظام الأسد، فيما الأوضحُ من أي وضوحٍ أن المُراد الإسرائيلي هو ما حقّقه النظام المذكور بالضبط، بقاؤه ودمار سورية معا.