قصص الحبّ المعلّبة
وكأن لها بوّابة مرسومة للدخول ونهاية أيضاً يشترك الجميع فيها حتى ضاربة الودع، وعلى الإعلام أن يشترك في وضع اللمسات والنهايات أيضاً، أنت هنا أمام سلعةٍ جميلةٍ محاطةٍ بالمشاعر الدافئة والسفن والشموع وتذاكر الطيران إلى شهر العسل، سلعة أخذت وقتها تماماً في امتصاص فضول المشاهدين حتى آخر قطرة.
قصص يروّجها الإعلام من منبتها، همساً وغمْزاً حتى قبل أن تبدأ في العلن، وتبدأ القصص دائماً كمكيدة في الخفاء، مكيدة تثير الفضول والأسئلة والظنون، قصص تدخل للمشاهدين حتى من تحت عتبات شققهم وقصورهم وفيلاتهم، لتصل إلى حمّامات السباحة وعروض الأزياء والعطور، قصص تشتعل جمراتُها في الأزمات خصوصا.
قصص غير تلك التي تنبت على حوافّ الترع بجوار غيطان البرسيم أو الفول أو القمح أو في مواسم جني القطن بجوار الشجيرات أو بعد الجني وبيع القناطير وتقديم المهور والخلاخيل والحلقان والصناديق، قصص ريعها من ماء الأحلام ومجوهراتها على "صاحب المحل" والخسائر والمكاسب لا تؤثر من قليلٍ أو كثيرٍ على أرصدة الأحبّة في الوصل والفراق، فكل طرفٍ قد كسب حضوراً ما، وما الألم الخفيف سوى عربون محبّة لم تستمر، ومكائد العوازل لها فعل السحر في القصص.
قصص يشترك فيها المنتج من بعيد مع كاتب السيناريو مع صاحب الورشة في الوقت الذي يسيل فيها عرق العاملين بالقطعة في حواشي السيناريو الأصلي الذي لا يعرف صاحبه من كثرة التفاصيل مع تدخل الساحر الكيني كل آنٍ بالبخور في السيناريو، وقد يستبدل الساحر الكيني بساحر آخر من الهند يقوم بحرق السيناريو المكتوب فوق جمرات المبخرة، ويأخذ العاملون بالقطعة في الإعلام أجورهم مع بقيّة المخبرين وناقشات الحناء في الفنادق بعد ما تنفض السهرة في الفندق على حساب المنتج أيضا وفي حضور النجمة مع دموعها بالطبع ومناديلها.
قصص لزوم أن يظل المحلّ عامراً بالحكايات في أول الأسبوع ووسطه وآخره، وصاحب المحل هناك يدفع فواتير الخسارة مع المنتجين بعد ما أصبحوا في الظل تماما وظهر البدلاء في العلن، وظهر مستورد وصاحب محلات العطور بعد ما حضر بطائرته الخاصة من روما خصيصا من أجل الحدث، ودفع فاتورة الفندق للمرّة الثالثة ودفع أيضا تكاليف حفل الزفاف، ابتداء من التورتة حتى ثمن الحصانين، حتى ثمن ثعابين السهرة، ثعابين ضخمة تم إحضارها من "أبو روّاش" ورجعت في الليلة نفسها، وكانت من لزوميّات الضحك والصراخ في نصف الليل.
قصصٌ مثل الوجبات الجاهزة التي تعد في الأفران مرتفعة الحرارة أمام عيون الزبون، كموضة مصمّم الفستان الذي يتشابه في خياله مع مصمّم قصة الحبّ وقد تدرب في أرقى بيوت الأزياء في باريس على حساب النجمة نفسها بعدما فاضت عيونها بالدمع بسخاء مع جيوبها بالمال، وعادت بآلاف الفساتين الأخرى من باريس أو لندن وقد زاد وزنها بشكل ملحوظ وظهرت خطوط الحنّاء في كفّيها مع الألماس، وقد عادت بكل نسخ الأفلام التي رأتها هناك وصورها مع أبطال المهرجانات والأفلام هناك.
قصص لزوم ملء الفراغ العاطفي الذي يمر به الناس في الأوطان السعيدة جدا أمام البرامج الهادفة جدا والملاعب الرياضيّة المليئة لآخرها بالمشجعين.
قصصٌ يتم تسبيكها مع الجديان والزبيب، وهي مثل مسلسلات "زهرة وأزواجها التسعة"، وعمل مائة حلقة إضافية بقلم شاب تحت اسم "النّجار وبناته التسع" أيضا، نكاية في المنتج الأول الذي كان من الباطن، بعدما ترك الفن كله ويتاجر الآن في كندا في الحديد الخردة.
قصصٌ تحتاج إلى ناقد محترف، ولا تحتاج إلى حرفة في الكتابة، قصص لها إيقاع الشهرة التي تأتي سريعا وتذهب سريعا ولكن وراءها كاميرات وعلماء نفس واجتماع وشهود عيان على عقد الزواج.
قصصٌ تستمرّ طويلا في الخيال، لأن أصحابها على قيد الحياة وفي انتظار معجزةٍ كي تسير مراكبهم قبل أن تخرب البنوك بما فيها، وتحضر تلك العرّافة الغامضة التي تعيش في الهند مع دجاجاتها، وكانت قد تنبّأت، كما قالت النجمة وهي تمسح دموعها، بكل ما حصل لها من قبل أن تبدأ قصتها بعشرين سنة وهي طفلة.