16 نوفمبر 2024
غاندي والعنصرية معاً
يصلح التشاطر، من النوع الخائب غالبا، نعتا لسياساتٍ كثيرةٍ لدولة الإمارات في غير مسألة. ومن وقائع جديدة تشهد على ذلك تقليدُ رئيس الوزراء الهندي، ناريندا مودي، بالوسام الأرفع هناك، وسام زايد (كُرّم به في وقت سابق)، بالتزامن مع إطلاق "بريد الإمارات" طابعا تذكاريا بمناسبة مائة وخمسين عاما على ميلاد ألمهاتما غاندي (يُحتفى بها في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل). ويُضاعف من مفارقات هذا التشاطر أن ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، وضيفَه قبل أيام، مودي، شهدا إطلاق هذا الطابع. وإذ لا يغيب أن للمجاملات البروتوكولية والدبلوماسية قيمتَها في تدعيم علاقات الصداقة والتعاون بين الدول وحكوماتها وشعوبها، إلا أن حزمة المفارقات والغرائب في خبري الوسام الرفيع الذي قلّدته أبوظبي لزائرها، والطابع البريدي الذي تتذكّر به "القيم التي جسّدها غاندي"، ثقيلة، وتفيضُ عن حدود المتفهّم في سياسات الدول ورهاناتها. ومن هذه الغرائب أن رئيس الوزراء الهندي الذي تكرّمه أبوظبي ينتسب، في ثقافته الخاصة وأرشيف مساره السياسي والحزبي، إلى الثقافة التي انتسب إليها قاتل غاندي، بثلاث رصاصاتٍ في يناير/ كانون الثاني 1948، ثقافة التعصّب الهندوسي التي تناهض التعدّد. وقد انضم ناريندا مودي (69 عاما)، في شبابه، إلى منظمةٍ قوميةٍ هندوسيةٍ، شبه عسكرية، شديدة التطرّف إلى الحد الذي جعل حكومات الهند بعد الاستقلال تحظُرها مرّاتٍ، بسبب مواقفها، سيما عنصرية قادتها تجاه المسلمين.
لا يكترث الحاكمون في أبوظبي بالحس السياسي، الأخلاقي منه خصوصا، ويستبدّ في مداركهم تفكيرٌ قاصر، عاجزٌ عن المواءمة بين المصلحة وحدٍّ أدنى من المبدئية. لا أحد يعترض على وجوب الحفاظ على إقامة أحسن العلاقات مع الهند، غير أن في الوسع أن يجترح عقلٌ سياسيٌّ راشد الصيغة التي يمكن بها الوقوع على صيغةٍ توائم هذا الأمر مع وجوب أن يعرف مودي وحزبُه (بهاراتيا جاناتا) المهيمن على البرلمان الهندي (بعد انتخاباتٍ حقّق فيها فوزا كبيرا) أن للممارسات العنصرية التي تزاولها الحكومة الهندية، منذ صعد اليمين الشعبوي الهندوسي القومي المتعصّب، بزعامة هذا الحزب، تجاه الهنود المسلمين (أكبر أقليةٍ في البلاد) أكلافها في حسابات العلاقات مع الدول الإسلامية، العربية خصوصا. وفي البال أن ناريندا نفسه قاطعته الولايات المتحدة وأوروبا نحو عقدٍ إبّان كان رئيسا لحكومة ولاية غوجارات، بعد اضطراباتٍ اشتعلت فيها في العام 2002، وتأكّد لصحافيين غربيين ومنظماتٍ مراقبة أن تلك الحكومة تتحمّل القسط الأوسع من المسؤولية على تشجيع قتل أكثر من ألفي هندي مسلم في الولاية في الأثناء. وبسبب رفض ناريندا مودي تحمّل المسؤولية عن تلك الأحداث الشنيعة التي تم فيها استهداف المسلمين خصوصا، رفضت إدارة الرئيس الأميركي السابق، أوباما، إعطاء هذا الرجل تأشيرة دخول للولايات المتحدة.
ذلك الأرشيف القريب موصولٌ بنزع حكومة ناريندا مودي، والبرلمان الذي يحوز حزب بهاراتيا جاناتا الأغلبية فيه (303 نواب من أصل 542)، الشهر الماضي الحكم الذاتي الذي ظلت ولاية جامو وكشمير تتمتع به منذ عقود، في جولةٍ جديدةٍ من استضعاف الهنود المسلمين. ولمّا كانت أبوظبي تفترض حيازتَها زعامةً في فضائها الإسلامي والعربي، كان متوقّعا منها أن تتحسّب من استقبال ناريندا مودي، وتكريمه، في هذه الغضون، إلا أن نُقصان الرشد وانعدام الحس الأخلاقي، وتغليب النفعي العابر على قيم الانتصار للمظلومين والمضطهدين، من بعض أسباب هذه المكابرة، الأمر الذي يتّسق تماما مع ممارسات القهر والاضطهاد التي ترتكبها سلطات أبوظبي ضد كل صاحب رأي غير الذي تُلزم الناس به. وفي الأثناء، تفتعل مناسبةً تتذكّر فيها المهاتما غاندي الذي طالما ألحّ على الوحدة الوطنية في بلاده، وعلى احترام الأكثرية الهندوسية حقوق الأقلية المسلمة، الأمر الذي لا يعمل به مودي وحكومته، والذي عُدّ صعود حزبه انقلابا هندوسيا متعصّبا على تراث غاندي، وتعاليمه التي "تشكل إرثا إنسانيا لنا جميعا"، على ما تقول أبوظبي في تشاطُرها المستجد، و"تتعامى فيه عن اضطهاد مودي المسلمين في كشمير"، على ما "غرّد" مدير "هيومان رايتس ووتش"، كينيث روث، فساند دعاوى كل السطور أعلاه من دون أن يدري.
ذلك الأرشيف القريب موصولٌ بنزع حكومة ناريندا مودي، والبرلمان الذي يحوز حزب بهاراتيا جاناتا الأغلبية فيه (303 نواب من أصل 542)، الشهر الماضي الحكم الذاتي الذي ظلت ولاية جامو وكشمير تتمتع به منذ عقود، في جولةٍ جديدةٍ من استضعاف الهنود المسلمين. ولمّا كانت أبوظبي تفترض حيازتَها زعامةً في فضائها الإسلامي والعربي، كان متوقّعا منها أن تتحسّب من استقبال ناريندا مودي، وتكريمه، في هذه الغضون، إلا أن نُقصان الرشد وانعدام الحس الأخلاقي، وتغليب النفعي العابر على قيم الانتصار للمظلومين والمضطهدين، من بعض أسباب هذه المكابرة، الأمر الذي يتّسق تماما مع ممارسات القهر والاضطهاد التي ترتكبها سلطات أبوظبي ضد كل صاحب رأي غير الذي تُلزم الناس به. وفي الأثناء، تفتعل مناسبةً تتذكّر فيها المهاتما غاندي الذي طالما ألحّ على الوحدة الوطنية في بلاده، وعلى احترام الأكثرية الهندوسية حقوق الأقلية المسلمة، الأمر الذي لا يعمل به مودي وحكومته، والذي عُدّ صعود حزبه انقلابا هندوسيا متعصّبا على تراث غاندي، وتعاليمه التي "تشكل إرثا إنسانيا لنا جميعا"، على ما تقول أبوظبي في تشاطُرها المستجد، و"تتعامى فيه عن اضطهاد مودي المسلمين في كشمير"، على ما "غرّد" مدير "هيومان رايتس ووتش"، كينيث روث، فساند دعاوى كل السطور أعلاه من دون أن يدري.