زيارة أولى إلى الرياض
كاتب وقاص عُماني، صدرت له تسع مجموعات قصصية، وأربع روايات، فاز بعدة جوائز عربية
المناسبة اختيار عُمان ضيف شرف لمعرض الرياض الدولي لهذا العام. لذلك امتلأت أروقة المعرض بالعُمانيين الذين يمكن تمييزهم بسهولة من خلال الزي التقليدي (الدشداشة البيضاء والعمامة، أو الدشداشة الملونة والكمة)، والذي يحرص عُمانيون كثيرون، اختياريا، على ارتدائه نظرا لسهولة لبسه، ولتوفره على تطريزات جرى تطويرها مع مرور الزمن.
كانت المشاركات العُمانية متنوّعة بين كاتبات وكتّاب وفرق موسيقية ومحاضرين في التاريخ والأدب العُماني، قديمه وحديثه. وبالنسبة لكاتب هذه السطور، كانت المرّة الأولى التي يرى فيها الرياض، أو الجانب النجدي من السعودية. الصورة الذهنية السابقة عنها لا توحي بما اكتشفته حين تجوّلت، سواء بالسيارات أو بقدمي. تبدّدت نهائيا تلك الجهامة من وجه المدينة التي بدت أنها تنحاز بشكل واضح وبطيء للفرح والأنوار والموسيقى. من يتجوّل، مثلا، في ممشى يطلق عليه "البوليفار"، وهو طويلٌ ومفتوحٌ ومُحاطٌ بمحال تجارية، ستُطرب مسامعه الموسيقى طوال الطريق الأرضي، وتُبهج عينيه الألوان والأضواء ووجوه شباب مقبلين على الحياة بانطلاق وبدون سواتر تقليدية صارمة. ليجد الناظر نفسه أمام مدينةٍ كبيرةٍ بدأت تتلفع بألوان طيف مختلفة.
المدة ليلتان، فلم تكونا كافيتين إلا لالتقاط انطباع موجز عن وجه آخر جديد لمدينةٍ في طريقها إلى النمو المتتابع. حيث ترى في بعض أركان الشوارع أساسيات مبانٍ على وشك النهوض. يكتب على الأسوار اللوحية ما يُؤمل أن تكون عليه مستقبلا، وإن معظم ما قرأت عن "مولات" حديثة ومشاريع تجارية قيد الإنشاء، إلا أني مررتُ في الطريق على مكتبة الملك فهد التي طالما سمعت عنها. كبيرة تملأ جانبا واسعا من شارع رئيس.
أخذنا في ظهيرة اليوم الثاني مسؤول التحرير في مجلة الفيصل الثقافية الفصلية، الصديق أحمد زين، وكان بالرفقة الكاتب السوري هيثم حسين، في جولة، ختمناها بالجلوس في مقهى عصري في شارع التحلية، قبل أن يلتحق بنا القاصّ العُماني حمود سعود. الشارع حيوي، اكتشفت أنه يتحوّل في الليل إلى ممشىً مضيء، المقاهي فيه على مدّ البصر. يزدهر بالحركة حتى أوقات متأخّرة من الليل.
كان معرض الكتاب في حرم جامعة الملك سعود. سمعتُ من أحد القائمين عليه أنه تم تركيبه قبل شهرين فقط. وفي كل مرة يفكّ ويركب في فضاء جديد. لا بد أن الجامعة وملحقاتها تشغل مساحة أرضية واسعة تليق بسمعتها الدولية (من أفضل مائتي جامعة في العالم، والأولى عربيا). وذلك لأن المعرض بدا كبيرا وواسعا ليستوعب أكثر من 1800 دار نشر من 32 دولة. تتخلل أروقته فضاءاتٌ لمحاضراتٍ متنوّعة. ضمن المحاضرات التي صادفت وجودي، محاضرة عن الترجمة، كان أهم المشاركين فيها الأكاديمي السعودي، سعد البازعي، الذي لديه رصيد مهم في الترجمة الثقافية، وانفتح أخيرا على ترجمة النصوص الأدبية بترجمته أحدث روايات الأميركي، بول أوستر، "بومغارتنر"، تدور أحداثها في جوانيات العزلة، لشخصية بومغارتنر البالغ 71 عاما، والذي يصارع وحدته المريرة بعد غياب زوجته آنا التي قتلت قبل تسع سنوات. صدرت الرواية عن دار kalemat السعودية.
يمكن لزائر معرض الرياض الدولي للكتاب في دورته الحالية أيضا ملاحظة انتشار دور نشر سعودية فتية، من خلال تصدّرها أروقة بارزة في المعرض. على سبيل المثال، دار أثر التي ترجمت أخيرا معظم إصدارات الحائز جائزة نوبل عبد الرزاق قرنح، وستصدر له رواية عن هذه الدار نفسها بترجمة العُمانية زوية خلفان. ونظرا إلى أن عُمان ضيف شرف المعرض الحالي، فقد خصّص لنا ركن تضمّن معرضا للمخطوطات، وشاشة لترويج الأفلام السياحية، إلى جانب معرض للفنون التشكيلية. وفي الساحة الأمامية للمعرض شاركت فرقتان موسيقيتان عُمانيتان، "البلد" الموسيقية والتراث للفنون الشعبية.
كاتب وقاص عُماني، صدرت له تسع مجموعات قصصية، وأربع روايات، فاز بعدة جوائز عربية