دكتور "yes"

11 ديسمبر 2014

أأنا في حلم أم في علم؟ (Getty)

+ الخط -

بثت "الجزيرة" تقريراً مؤسفاً عن حالة العلم والبحث العلمي في البلاد العربية. أعلمنا أن إسرائيل تنفق سنوياً على مراكز البحث العلمي 5% من نتاجها القومي! ولعلّ دولاً عربية تنفق أضعاف المبلغ على إرهاب شعبها، وكانت سورية، صاحبة عيون بردى والفيجة وبقين والعاصي ودريكيش...الكواحل، تستورد المياه المعدنية المعلبة بالعملة الصعبة من صحارى بلاد "العربان"، والوصف من أدبيات إعلام البعث "الفارسي" الحديثة! سألت مهندساً من أولي العلم والكهانة عن سبب استيراد بلاد الماء سقايتها من بلاد الجفاف و"الجلابيات"، فأجابني جواباً إكسترا لارج ودبل كيك؟ قال إن الشركات السورية لا تعرف كيف تصنع سدادة العلبة البلاستكية! فقلت، ودمع العين يسبقني، كيف تصنع حكومتنا الموقرة سدادات لثلاثة وعشرين مليون حنجرة سورية، وتعجز عن صنع سدادة علب نايلون؟ ولم أكن أدرك معنى دعاء "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع"، إلا بعد أن تخرجت من كلية علمية، ثم بات واضحاً للقاصي والداني أن الكليات الأدبية تخرج طلاباً لا يعرفون إعراب جملة "أنا حيوان، ماني إنسان"!
استنكرت كليوباترا مصر، لميس الحديدي، التي هزّت عرش مصر، على أحمد زويل أن يسبغ على محمد مرسي لقب "عالم"، فاضطر صاحب "نوبل" أن يحني رأسه أمام العاصفة حتى تعبر "على الكعب العالي"، وقال: العلماء طبقات. وكنت أستغرب أن تستكتب صحيفة عربية ليكودية أحمد زويل مقالات بمائة كلمة، يقول فيها كلاماً عادياً، فعلماء عصرنا ليسوا مثل علماء العصور الوسطى "المتخلفة" الذين كانوا موسوعيين في كل المجالات!
في سورية، كما في بقية الدول العربية، مواهب علمية فريدة، كان المحظوظون منهم يفوزون بلقاء حضرة المحافظ، ووجبة شهية، أما المغامر إذا ما اخترع آلة من دون إذن، فستلبسه الدولة الموقرة، السلطانية أو طاقية الإخفاء أو كليهما!
وكان صدام حسين يحظى بإعجاب الملايين لتلقيحه جنين قنبلة نووية، منهم الشاعر نزار قباني، ثم اضطر إلى بيعها في مقابل أسلحة تقليدية لمحاربة إيران، ثم ضحى بصواريخ العباس تفكيكاً، من أجل منع العدوان الذي تمّ على أتم وجه وقفا، وكذلك قدم النظام السوري الأسلحة الكيماوية الاستراتيجية في مقابل تمديد البقاء في العرش إلى حين.
تخرج أحد معارفي من طبقة المواطنين الشرفاء من الاتحاد السوفييتي، بدرجة دكتوراه في علوم هندسة تطبيق النساء، وكانت الجامعات تبيع الشهادات في مقابل علب دخان، أو علكة "تشكلس"، أو بنطلونات جينز! كان الدكتور المتخرج أبرع من صائب عريقات في العلاك "الصدئ"، وقد ضاق به مدير الشركة، فتخلص منه، خوفاً على كرسيه، فأزيح إلى الجامعة فبات خطراً ماحقاً على الطالبات العذراوات، وانتشر شعار: اشلحي تنجحي.
استغربت كثيراً من زميل من "الشرفاء"، أوفد إلى الهند لكتابة رسالة دكتوراه في اختصاص عجيب، ليس الديمقراطية في البلاد الفقيرة، ولا القنبلة النووية، وإنما هو: الطبقة الوسطى في الهند!
فقلت للأصدقاء اقرصوني قرصة من غير طيار، لأتأكد، أأنا في حلم أم في علم؟ فالهند مجتمع طبقي راسخ، وهذا يشبه أن ترسل داعش، موفداً إلى بلاد البوذيين، لدراسة "الورع والتقوى في بلاد بوذا"! ثم أسرّوا لي أن الرجل أوفد جاسوساً على زملائه العلماء! ومن زملائي "العلماء"، زميل علاّمة في علم الكسل وفنون الشخير أوفد إلى اليابان لتعلم خبرة اكتساب طاقة الكهرباء من طاقة الرياح الخارجية، لا من رياح البطن، وكان في الطائرة يطلب من زملائه أن ينجدوه بمجلات فيها صورة ملونة حتى يتسلى، لأنه لا يعرف من الانكليزية سوى "يس" و"نو"، ولولا التشهد كانت لاؤه نعم.

أحمد عمر
أحمد عمر
أحمد عمر
كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."
أحمد عمر