حصان طروادة وحمار بغداد
ما المشترك بين حصان طروادة وحمار بغداد الثاني؟ لا شيء، باستثناء أن الأول جُلب من أثينا لفتح طروادة على يد الإغريق، والثاني جلب من بغداد إلى استوكهولم ليكون رأس حربة ضدّ الإسلام ورموزه على يد "اللاجئ" العراقي سلوان موميكا.
أطلقنا عليه حمار بغداد الثاني؛ لأنه مغاير للأول، الذي كان حمارًا حقيقيًّا، وله قصة طريفة، فقد مُنح "حقّ اللجوء" إلى الولايات المتحدة، بعد أن اصطحبه كولونيل من الجيش الأميركي الذي غزا العراق، عائدًا به إلى بلاده، بعد انتهاء الحرب، ليقيم معه هناك، وأطلق عليه اسم "سموك"، وكان مغرمًا به، ولم يقوَ على فراقه. وأصبح هذا الكولونيل في نظر العالم "الحرّ"، بطلًا في الدفاع عن حقوق الحيوان. أما جرائمه وجرائم جيشه في العراق، فقيّدت "ضدّ مجهول"، أو "خسائر ثانوية" في سبيل تحقيق "الديمقراطية" و"الحرية" للشعب العراقي.
ولئن كان الحمار الأول حقيّقيًّا، فإن الحمار الثاني حقيقيّ، أيضًا، لأنه ارتضى لنفسه أن يكون مخلبًا لأصابع القطّ المتربّص بهذه الأمة؛ لتقويضها وهدمها من داخلها؛ على يد أبنائها، هذه المرّة، ليظهر القطّ وكأنه بريء من تهمة "معاداة الإسلام"، على الرغم من أنها تهمةٌ لا تضيره بشيء، ولا تُعقد من أجلها المحاكم على غرار "معاداة السامية".
بالحمار الأول الذي تبنّته "الحضانة" العسكريّة الأميركية، كان الجيش الأميركي يسعى لتطهير نفسه من جرائم الحرب التي اقترفها في العراق ... كان يريد القول: "إذا كان هذا دأبنا مع الحمير، فكيف يكون تعاملنا مع البشر؟". وكان يتغيّا إظهار العرب بأنهم برابرة لا يراعون حقوق الحيوان، فيتركون حميرَهم هائمة سائبة في الشوارع يقتلها الجوع والعطش.
وبالحمار الثاني، أراد الغرب أن يقوّض المعتقدات بعد أن قوّض الجغرافيا، ولسان حاله يقول: "بيد عمرو لا بيدي"، و"من فمكم أدينكم بدينكم"، و"من يدنّس قرآنكم واحدٌ منكم، يعرف زيفه وباطله، فلا لوم علينا، وحريٌّ بكم أن تعيدوا النظر في أصل دينكم ومعتقدكم".
ولمزيد من محاولات الإقناع، يلجأ الغرب إلى "اللاجئين"، على اعتبار أنهم قومٌ "أصحاب قضايا"، منهم من فرّ بحياته، ومنهم من هاجر لمعتقده، على الرغم أن بعض هؤلاء المهاجرين ليسوا غير مجرمي حرب، كما حدث مع شبّيح سوريٍّ قُبض عليه بين المهاجرين في ألمانيا. والأمر نفسه ينسحب على "الحمار العراقي" سلوان موميكا، الذي تُظهر المراجعات التاريخية أنه لم يكن أزيد من قائد فصيل دمويّ في العراق اقترف فظائع، وظهر في أشرطة فيديو وهو ينفث الشعارات الوطنية، وخدم أجنداتٍ خارجية، قبل أن يصبح مراسلًا لإحدى القنوات الفضائية العراقية، أي إنه كان يبحث عن شهرةٍ قبيحةٍ لم يفلح بتحقيقها إلا من الباب الأضيق، عبر تدنيس الرمز الأقدس للمسلمين، ولا يختلف حاله في بحثه عن شهرةٍ ما، عن حال ممثلي الأفلام الإباحية، الذين أخفقوا بإصابة الشهرة عبر الأفلام الجادّة، فاختاروا الملوّثة.
والحال، أننا مهما حاولنا إبعاد "نظرية المؤامرة" عن سطورنا، فإنها سرعان ما تفرض نفسها، وإلا فكيف يمكن لهذا الحمار أن ينهق بفعلته الأثيمة، لولا التصريح الممحوض له من محاكم السويد، الذي منحه مشروعية التدنيس وجرح مشاعر أزيد من ملياري مسلم، ما يحيلنا إلى السؤال المتكرّر دومًا: ما مشكلة الغرب مع الإسلام من دون الديانات والمعتقدات، جميعًا؟ أهو إرث الحروب الصليبية، الذي ما زال يشكّل عقدة للغرب، ويجد تعبيراته هنا وهناك، كهفوة على لسان رئيس أميركي، أو دعوة جديدة لها على لسان قسّ من "المسيحيين الجدد"؟ أم لأن الإحصاءات توضح أن الإسلام أسرع الديانات انتشارًا في العالم؟ أم لأنّ ثمة ازديادًا في صفوف "الحمير" العرب، من أمثال سلوان موميكا وسواه؟
الأرجح ذلك كله. أما المؤكّد، فهو أن الغرب يشرعن الكراهية وخطابها تحت ستار "حرّية التعبير" إذا تعلق الأمر بالعرب فقط.